استراتيجية روسية ثلاثية عزلت تركيا في سوريا

أحلام أردوغان بإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية تحطمت

أحلام أردوغان بإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية تحطمت

كتب الصحافي يافوز بيدر، في صحيفة “ذا آراب ويكلي” البريطانية، أن تهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استخدام اللاجئين الفقراء في المواجهة العنيفة مع الاتحاد الأوروبي يُعد خطأ جسيماً آخر يزيد من عزلة أنقرة.
ويصف الصحافي الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار في إدلب الذي أبرمه أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه “انتصار باهت”. فعقب اجتماع في موسكو استمر قرابة 6 ساعات عاد أردوغان إلى بلاده خالي الوفاض بعدما تعلم درساً مريراً مفاده أن على تركيا الانحناء والرضوخ أمام إرادة الزعيم الروسي بوتين.

ويقول الصحافي: “عكست صور ومقاطع الفيديو لاجتماع بوتين وأردوغان العديد من الرسائل الرمزية؛ إذ كان أردوغان الذي بدا عليه الإرهاق، يكبت غضبه المعتاد أمام بوتين، بينما يصطف فريقه من الوزراء ومسؤولي الأمن الأتراك (كما لو كانوا من متملقي الكرملين) واقفين أمام قدمي التمثال الكبير لكاثرين العظيمة التي انتصرت على العثمانيين في أواخر القرن التاسع عشر”.

ويرى الصحافي أن كل ما تبقى لأردوغان بعد عودته من لقاء بوتين كان ذلك الاتفاق الهش الذي يبدو مستقبله غامضاً، وهو ما يعني أن سوريا وداعمتها روسيا ستكونان طليقتي اليدين في المضي لاستعادة ما تبقى من إدلب.  وبحسب التقرير، تعزز صفقة وقف إطلاق النار وجود روسيا الفعلي في الشمال، إلى إدلب؛ حيث تؤسس ممراً أمنياً على جانبي الطريق السريع الرئيسي m4 شرق إدلب، مع بدء دوريات روسية تركية مشتركة في منتصف الشهر الجاري. ويمتد هذا الممر على مسافة 6 كيلومترات إلى الشمال و6 كيلومترات أخرى إلى الجنوب من الطريق السريع m4.

ويلفت الصحافي إلى أن تهديدات أردوغان الصاخبة بشأن شن هجوم أوسع على مواقع الجيش السوري في إدلب قد تبددت، كما يُشير غياب أي اتفاق حول مصير مراكز المراقبة العسكرية التركية إلى إمكان تعرض أفراد القوات المسلحة التركية للهجمات.
ويعتبر التقرير أن أردوغان تعرض للإهانة والإذلال من بوتين؛ فعلى الرغم من مقتل 36 جندياً تركياً، وربما 50 جندياً بحسب بيانات غير رسمية، إلا أن أردوغان وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التركية اضطر إلى التوجه إلى مكتب بوتين بنفسه، وعاد إلى بلاده حاملاً العبء المرير ذاته؛ فعلى الأرجح أنه أدرك هزيمته فعلاً في معركته الأخيرة، وأنه ربما يخسر الحرب.

ويوضح الصحافي أن بوتين لن يهتز أمام مقامرة أردوغان، خاصة أنه حريص على عدم تغيير استراتيجيته الإقليمية في سوريا. وعلاوة على ذلك فقد ثبت خطأ نظرية أردوغان أن الغرب سوف يتطلع إلى أن تتحول تركيا إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
ويرى التقرير أن بوتين قدم عرضاً دبلوماسياً مذهلاً أكد للعالم قوة سلطته ونفوذه، وفي الوقت نفسه استخدم طريقة للمناورة لا تقود إلى تنفير أردوغان وفريقه بشكل كامل. وبحسب ماكسيم سوشكوف، الخبير بمجلس الشؤون الدولية الروسي، فازت موسكو على أنقرة اعتماداً على استراتيجية تفاوضية ثلاثية:  أولا: بإظهار التعاطف مع القضايا الحساسة والمهمة للأمن التركي،

ثانياً: بتحديد الخطوط الحمراء بوضوح وملامح فرص التعاون مستقبلاً بشأن هذه القضايا،
ثالثاً: بالاستفادة من الأخطاء التي ارتكبتها الأطراف الأخرى التي يُعد موقفها مهماً بالنسبة إلى أنقرة، وتحديداً الولايات المتحدة، وذلك من أجل استغلال التباين لمصلحة روسيا.  ويقول الصحافي: “أسفرت نتيجة الاجتماع مع بوتين عن قبول أردوغان للقيود التي فرضتها روسيا، وبات محكوماً عليه مراقبة تقدم سوريا وروسيا وفقاً لأي جدول زمني يرغبان فيه. وعقب المحادثة مع بوتين، بات الرئيس التركي أكثر اعتماداً على روسيا”.

ولكن ربما يرضى أردوغان عن بقاء الصراع في الوقت الحالي باعتباره جزءاً من استراتيجية “البقاء من خلال الأزمة” التي ينتهجها للحفاظ على نفوذه داخل تركيا، بيد أن الوقت ينفد بالنسبة إليه، حيث تشير استطلاعات الرأي المحلية الموثوقة إلى تراجع الدعم لسياساته إزاء سوريا وليبيا، وهذا يعني أنه سيواجه مقاومة متزايدة داخل تركيا، الأمر الذي يترك له خياراً واحداً يتمثل في أن يصبح أكثر استبداداً وتشدداً في الداخل.

ويورد التقرير أن اجتماع أردوغان الأخير مع بوتين يؤكد حقيقة أساسية تتمثل في تراجع الثقة الروسية تجاه الزمرة التركية الحاكمة، كما يُذكر بوتين بمراوغة وخداع أردوغان من أجل تحقيق أهدافه، ولكن سوريا ستكون الصرخة التي تحطمت عليها أحلام أردوغان باستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية وكذلك تطلعاته لأن يكون المرشد الأعلى للإخوان المسلمين.
ويخلص التقرير إلى أن أردوغان يضاعف عرض قوته العسكرية بسبب فشل الدبلوماسية في كل من سوريا وليبيا ولكنه وجد المجال مزدحماً بالقوى الخارجية الأخرى، وفي الوقت نفسه عزل أنقرة عن الحلفاء التقليديين في الغرب، وأثار عداء الزعماء العرب بسبب دعمه لجماعة الإخوان المسلمين.

ويختتم الصحافي قائلاً: “ كان تهور أردوغان في استخدام اللاجئين الفقراء في المواجهة العنيفة مع الاتحاد الأوروبي بمثابة خطأ جسيم آخر، إذ أسفر عن تعبئة مشتركة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لرسم خط على طول الحدود الشمالية الشرقية لبحر إيجه في اليونان، وهذا يزيد من عزلة أنقرة بسبب تصرفات أردوغان الطائشة وغير المنطقية”.
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot