كورونا فيروس يغذي الأزمة:

رد الصين النشيط على الاتهامات الأمريكية...!

رد الصين النشيط على الاتهامات الأمريكية...!

-- لا يمكن للقادة الصينيين تحمّل سماع مواقف تدينهم، سواء كانت تتطابق مع الواقع أم لا
-- تضع بكين حدودًا للهجتها الانتصارية، وتذهـب إلى حـد الاعتـراف بأخطــاء
-- كل شيء ينظّم في واشنطن حتى يتهم ترامب خلال الحملة الانتخابية الأمريكية في نوفمبر، الصين
-- ما يهم الدعاية الصينية الرسمية هو التأكيد على أن المعركة ضد كوفيد-19 قد تم خوضها بشكل صحيح
-- هناك استراتيجية دفاعية توضع في الصين ضد الهجمات وبشكل رئيسي تلك القادمة من الولايات المتحدة

 
ربما لم يتوقع القادة الصينيون ان تكون إدارتهم لوباء فيروس كورونا محل هذا الحجم من النقد في أوروبا والولايات المتحدة. أولاً، في الصين، مهاجمة السلطة الحكومية ليست شائعة، والعقوبات فورية ضد أي شخص يخاطر بإصدارها علانية. بعد ذلك، تشعر السلطات الصينية أنها تمكنت من إدارة الوباء بشكل صحيح.
 ومن الواضح أن الانضباط والحجر الصحي العام الذي فرض بشكل صارم على الشعب الصيني، كان لهما نتائج إيجابية.
ومع ذلك، هناك شكوك حول إجراءاتها ضد كوفيد-19 ترفض السلطات الصينية الاعتراف بها. وعلى وجه الخصوص، لا تعترف بأنّ الانذار، الذي تم اطلاقه في يناير، ربما تأخر أكثر من شهر على ظهور المرض في ووهان.

 بالإضافة إلى ذلك، فإن عدد الوفيات التي سبّبها الوباء في الصين - 4،633 وفقًا للسلطات – يفتقر للمصداقية في نظر العديد من العلماء الدوليين.
علامات تطوررداً على طلب الولايات المتحدة وأستراليا، رفضت الصين في البداية أي تحقيق دولي حول ظهور فيروس كورونا على أراضيها.

أكثر من ذلك، في شهر مارس، طرحت أصوات رسمية في بكين، فرضية أن يكون فيروس كورونا قد دخل الصين عن طريق أمريكيين شاركوا في المسابقات الرياضية للألعاب العسكرية العالمية التي احتضنتها ووهان في أكتوبر. ويبدو أن هذه الأطروحة، التي تناولتها الصحافة الصينية، تحظى الآن بقبول واسع النطاق من قبل سكان البلاد.
ومع ذلك، في 8 مايو، قال هوا تشونينغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الصين تفضل “بعد نهاية الوباء” تشكيل لجنة تحت رعاية منظمة الصحة العالمية لتقييم الرد العالمي على كوفيد-19. من وجهة نظر بكين، سيكون الأمر مسألة تقييم موقف جميع دول العالم تجاه الوباء وليس بالطبع الصين وحدها. ومن الواضح أنه ليس من الحياد اقتراح إجراء هذا التقييم الواسع في إطار منظمة الصحة العالمية، بعد أن أعلن دونالد ترامب في أبريل أن الولايات المتحدة تعلق مساهمتها في هذه المنظمة التي يعتبرها قريبة جدًا من الصين.

 في الوقت الحالي، ما يهم الدعاية الصينية الرسمية هو التأكيد على أن المعركة ضد كوفيد-19 قد تم خوضها بشكل صحيح، وأنه تم إيقاف آثار الفيروس. وظهرت هذه المخاوف بشكل رسمي للغاية في ندوة نظمتها، 8 مايو، في بكين اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بحضور “الرفيق شي جين بينغ”.  ونشرت وكالة الصين الجديدة تقريرا عن هذا الاجتماع جاء بمفردات مستمدة مباشرة من المعجم الماركسي: “لاحظ المشاركون أنه تم تحقيق إنجازات استراتيجية كبيرة في المعركة ضد كوفيد-19 تحت الادارة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مع الرفيق شي جين بينغ كنواة قيادية. وأشاروا الى إن الصين سيطرت على الوباء على ترابها، وتراجع الاتجاه التصاعدي في الحالات المستوردة من كوفيد-19، في حين استأنف العمل والحياة بوتيرة أسرع. وقد بيّن ذلك بشكل كامل الميزة السياسية للنظام الاشتراكي الصيني، وأظهر أن الصين دولة عظمى مسؤولة”.
  إن هذه اللغة الانتصارية التي تبنتها نشرة اخبار التليفزيون الوطني الصيني، لم تمنع السلطات الصحية من إضافة أنه يُستحسن المراقبة عن كثب لعودة محتملة للوباء في الصين.

الصين تعترف بأخطائها
إلى جانب ذلك، تضع بكين حدودًا لهذه اللهجة الانتصارية، وتذهب إلى حد الاعتراف بارتكاب أخطاء. وعلى وجه الخصوص حول لي وينليانغ، طبيب العيون في مستشفى ووهان الذي أصبح “بطلاً”.  في يناير، تم توبيخه على محاولته توجيه إنذار ضد الوباء. وتوفي جراء فيروس كورونا في 6 فبراير. وأعلنت السلطات في أواخر مارس أن التوبيخ الذي تعرض له كان “غير لائق”. أطباء آخرون، مثل آي فين، رئيس مستشفى ووهان، الذي أبلغ في يناير أيضًا عن ظهور فيروس غير معروف، ظهر أخيرًا في الصورة. وفي المجال الطبي، يحاول النظام الصيني توصيف الصعوبات في تحديد ماهية هذا الفيروس. وصرح نائب وزير الصحة لي بن، 9 مايو، في مؤتمر صحفي: “إن مكافحة وباء كوفيد-19 كان اختبارًا عظيمًا للنظام ولقدرة البلاد على الحوكمة”. واعترف هذا المسؤول الكبير في النظام الصحي الصيني، بأن هناك “ثغرات” في الصين بخصوص الوقاية من الأمراض المعدية. ولتوقع الأوبئة، يعتقد أنه سيكون من الأفضل استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة. ومع ذلك، تعتقد الصين أنها نجحت بما فيه الكفاية في حربها ضد فيروس كورونا بما يمكّنها من تسجيل نقاط على الساحة الدولية.

على الجبهة الدبلوماسية
تحولت المصانع الصينية إلى صنع أقنعة جراحية، بينما تسرع مصانع أخرى في تصنيع أجهزة التنفس أو الماسحات الضوئية. وفي موقعين، أحدهما في بكين والآخر في تيانجين، تنتج مجموعة ناتون الطبية لتصنيع الأطراف الاصطناعية وزراعة الأسنان، منذ فبراير، كمامات بمعدل 10 مليون في اليوم. ويمثل هذا ما يفوق 10 بالمائة من الـ 2 مليار كمامة التي طلبتها وزارة الصحة الفرنسية من الصين. وعلى الصعيد العالمي، تصدر الشركات الصينية كمامات إلى أربعة وسبعين دولة.
في أوائل أبريل، وصلت نسخ معيبة على ما يبدو تم إنتاجها في شركات غير كفؤة إلى إسبانيا وهولندا، واكدت وزارة التجارة الصينية إن هذا لن يتكرّر.
دبلوماسيا، قررت الصين أيضا المضي قدما، وشهدت بعض العلاقات، التي كانت تقوم على أسس اقتصادية في المقام الأول، تطورا وها هي بصدد ان تصبح سياسية أكثر.  إن كوفيد-19 كان فرصة للصين لتعزيز اتصالاتها، وتم إرسال فرق طبية صينية حيث ينتشر وباء فيروس كورونا. وفي نفس الوقت، حطت طائرات الشحن الصينية في أكثر من مطار محملة بالإمدادات الطبية.

التوترات بين بكين وواشنطن
ومع ذلك، هناك دولة واحدة لا تعتزم تعزيز تعاونها مع الصين بمناسبة كوفيد-19: إنها الولايات المتحدة. في 27 مارس، أثار شي جين بينغ نفسه القضية عبر الهاتف مع دونالد ترامب، وأصر على أن الصين والولايات المتحدة يجب أن “تتحدا ضد الوباء”. وبحسب وسائل الإعلام الصينية، قال الرجل الأول في الحزب الشيوعي خلال تلك المحادثة إن “الصين مستعدة لمواصلة تبادل المعلومات والخبرات مع الولايات المتحدة دون تحفظ”، وأن التعاون بين البلدين هو “القرار الجيد الوحيد الذي يجب اتخاذه”.
إثر المكالمة، غرد دونالد ترامب، “لقد أجريت محادثة جيدة جدًا مع الرئيس الصيني شي”. قائلاً: “لقد ناقشنا بالتفصيل فيروس كورونا الذي يجتاح أجزاء كبيرة من كوكبنا. لقد عانت الصين بشكل كبير، واكتسبت فهمًا قويًا للفيروس، نحن نعمل معا بشكل وثيق. “
منذ تلك المحادثة، توقف دونالد ترامب عن وصف فيروس كوفيد-19 بأنه “فيروس صيني” أو “فيروس ووهان”. ولكن في 13 مايو تحدث عن “وباء الصين”، بعد أن أعلن قبل ثمانية أيام أن أزمة فيروس كورونا “أسوأ من بيرل هاربور و11 سبتمبر”، وهما أسوأ صدمة عانت منها الولايات المتحدة في التاريخ الحديث. على الجانب الصيني، تم وضع عناصر الردّ وسط ارتباك ما دون شك. بعض التوتر بين حاشية شي جين بينغ وقيادات تعتقد أن بدايات الوباء كانت تدار بشكل سيء من قبل الحزب. وبما أن الجيش الشعبي هو الذي ادار الوضع الصحي في ووهان بسرية كبيرة في ديسمبر، من المحتمل أن يكون بعض الجنرالات الصينيين هدفاً لانتقادات شديدة. لكن النظام السياسي الصيني معتم تمامًا، ولا شيء مما يحدث ويُقال في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، معروف.
في 6 مايو، نشرت الصين الجديدة نشرة مكرسة لـ “الاتهامات والأكاذيب” التي هي، وفقا للوكالة الصينية الرسمية، “ملفقة من قبل بعض السياسيين الأمريكيين لإلقاء اللوم على الصين”.
وبعد أن ذكر أنّ “الأكاذيب تتبخر تحت ضوء الحقيقة”، تم سرد سلسلة من الردود الصينية على العديد من الاتهامات والشكوك تحت اسم “الحقائق المستعادة”. على سبيل المثال، في مختبر ووهان: “لا يمتلك هذا المعهد القدرة على اختراع وتوليف فيروس كورونا جديد، ولا يوجد دليل على تسرب المرض أو إصابة العاملين في المعهد”، أو عن الخفافيش التي يعتقد أنها مصدر العدوى: “الخفافيش ليست جزءً من النظام الغذائي الصيني”.
بعض المعلومات قد تفاجئ. كما، عندما يكتب أن “الصين دائما منفتحة وشفافة فيما يتعلق بنشر المعلومات”. ولكن، على الأقل، من خلال هذا المقال، تُظهر وكالة الصين الجديدة محاولات الصين الإجابة على الأسئلة التي يطرحها العالم.
من جهة اخرى، تهاجم صحيفة الشعب اليومية، وهي لسان الحزب الشيوعي الصيني، بانتظام السياسيين الامريكان، مع تجنب تسمية دونالد ترامب. وردت بمفردات حادة في افتتاحية بتاريخ 9 مايو على انتقاد الصين: “السياسيون الأمريكيون، المزدرين للحياة، لا يحق لهم ان يصفوا أنفسهم ‘بالمدافعين عن حقوق الإنسان’. فمن خلال الأكاذيب والفخاخ المنمّقة، ألقوا باللوم على الآخرين من اجل تحقيق مكاسب سياسية، لكنهم لا يملكون جوابا على سؤال بسيط تطرحه الإنسانية من أعماق القلب: في مواجهة عشرات الآلاف من القتلى، ألا يدينكم ضميركم؟ المطلوب أن يدركوا ذلك أولا”.
لا شك ان هذه الكتابات تشير إلى الحالة الذهنية التي يريد القادة الشيوعيون الصينيون ايصالها لحوالي 80 مليون عضو بالحزب. فإلى جانب تصريحات الفخر والاعتزاز بالحد من وباء فيروس كورونا، هناك استراتيجية دفاعية توضع في الصين ضد الهجمات وبشكل رئيسي تلك القادمة من الولايات المتحدة.  وفعلا، يبدو أن كل شيء ينظّم في واشنطن بحيث، خلال الحملة الانتخابية الأمريكية في نوفمبر، حتى يتسنى لدونالد ترامب، المرشح لإعادة انتخابه، ان يتهم الصين بشدة بعدم تمكنها من منع انتشار وباء فيروس كورونا... ولا يمكن للقادة الصينيين أن يتحملوا سماع مثل هذا الموقف، سواء كان يتطابق مع الواقع أم لا.



 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot