«الضمانات الأمنية» لأوكرانيا.. كيف ستبدو ومن سيشارك فيها؟
مع تسارع الأحداث في أوكرانيا، واندفاع القوى الأوروبية والولايات المتحدة نحو جهود السلام مع روسيا، برز سؤال جوهري، حول شكل الضمانات الأمنية في أوكرانيا، ومن سيقف خلفها ويمولها.
وعقب قمة الاثنين في البيت الأبيض، عقد القادة الأوروبيون مؤتمراً افتراضياً لمناقشة الضمانات الأمنية التي يمكنهم تقديمها لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا. وقال تقرير لصحيفة «الغارديان»، من المرجح أن تشارك ما يصل إلى 30 دولة، تُعرف باسم «تحالف الراغبين» مع بعض المساعدة من الولايات المتحدة، على الرغم من أن دلالات ذلك غير واضحة في توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا.
وفي حديثه عقب اجتماعه يوم الاثنين مع دونالد ترامب والقادة الأوروبيين في البيت الأبيض، قال الرئيس الأوكراني فولودير زيلينسكي، إن دعمهم قد يتخذ أشكالًا متعددة. قد يكون أحد هذه الخيارات هو «بريسوتنيست» (كلمة أوكرانية تعني «التواجد»)، أي توفير القوات. وقد يشمل ذلك تقديم معلومات استخباراتية، بالإضافة إلى توفير الأمن جواً وعلى البحر الأسود، أو حتى تمويلًا.
كما برز سؤال رئيسي آخر يبحث عن إجابات حول أبرز الدول المنخرطة في الضمانات الأمنية، والمشاركة في مهمة حفظ السلام داخل أوكرانيا، وقال خبراء، إن المملكة المتحدة وفرنسا أشارتا إلى استعدادهما لإرسال جنود كجزء من «قوة طمأنة». وأكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قائلاً: «علينا مساعدة أوكرانيا ميدانياً».
أما ألمانيا، فهي أكثر تشككاً. فلا تزال هناك تفاصيل كثيرة بحاجة إلى توضيح. هل ستتمركز القوات الغربية على طول خط وقف إطلاق النار، أم ستؤدي دوراً تدريبياً محدوداً في المدن الكبرى مثل كييف ولفيف؟ وما هي قواعد الاشتباك التي ستتبعها في حال تعرضها لنيران روسية؟
هل تنضم أمريكا؟
وعد ترامب بتنسيق عملية حفظ سلام بقيادة أوروبية في أوكرانيا. وقال يوم الاثنين، وهو يجلس بجانب زيلينسكي في المكتب البيضاوي: «عندما يتعلق الأمر بالأمن، ستكون هناك مساعدة كبيرة».
وترغب أوكرانيا في شراء أسلحة أمريكية بقيمة 90 مليار دولار، وتقول إنها قد تكون جزءاً من الضمانات الأمنية. ومع ذلك، كان ترامب غامضاً بشكل عام بشأن مقدار مساهمة الولايات المتحدة. فقد استبعد عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ولا يبدو أن هناك أي احتمال لإرسال الولايات المتحدة قواتها الخاصة للمشاركة في مهمة حفظ السلام. ويتمثل أحد الخيارات الأكثر واقعية في أن يقدم البنتاغون الدعم اللوجستي لـ»الدرع الجوي» المقترح.
ووفقاً لترامب، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمتهما في ألاسكا على أن أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات أمنية.
وصرح المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، بأن هذه الاتفاقيات ستكون خارج نطاق رعاية الناتو، لكنها تُعادل المادة الخامسة من ميثاق الدفاع عن النفس للناتو، والتي تُعتبر أي هجوم على أي دولة هجوماً على الجميع. ويؤكد الخبراء، أن «موقف روسيا الأساسي لم يتغير. ولم يُبدِ بوتين أي إشارة على احترامه لسيادة أوكرانيا أو رغبته في وقف الحرب. وبينما يستمر القصف الروسي، يبدو النقاش حول الضمانات الأمنية غير ذي جدوى».
لمحة تاريخية
مرت أوكرانيا في تجربة مشابهة عام 1994، عندما وافقت على التخلي عن أسلحتها النووية مقابل ضمانات أمنية دولية. وبموجب بنود مذكرة بودابست، تعهدت الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة والصين وفرنسا بضمان «وحدة أراضي» أوكرانيا و»استقلالها السياسي»، و»الامتناع عن استخدام القوة والتهديد بها». في ذلك الوقت، اعتقد السياسيون الأوكرانيون، أن التخلي عن الترسانة النووية للبلاد يُعرّضها لهجوم روسي. وأصرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق كلينتون على ذلك. وفي مايو 1997، وقّع الرئيس الروسي بوريس يلتسين معاهدة صداقة مع نظيره الأوكراني ليونيد كوتشما. واعترفت روسيا بحدود أوكرانيا ما بعد الاتحاد السوفيتي. وكجزء من الصفقة، منحت كييف موسكو معظم أسطولها البحري، وأجّرت ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم للروس لـ20 سنة.
ولم يوقف أي من الاتفاقين الهجمات الروسية. وفي عام 2014، استخدم الكرملين قواته المتمركزة في شبه جزيرة القرم للاستيلاء عليها وضمها. وفي 2022، غزت روسيا أوكرانيا، في حرب طويلة لا تزال مستمرة حتى اليوم.