«الممر الآمن» من ترامب لمادورو.. ضغط عالٍ للحصول على أفضل التنازلات

«الممر الآمن» من ترامب لمادورو.. ضغط عالٍ للحصول على أفضل التنازلات

رأى خبراء أن صفقة «الممر الآمن» التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو لمغادرة السلطة في أسرع وقت، هي نوع من التفاوض المحمّل بضغوط عالية. واعتبر هؤلاء، أن «صفة  ترامب تهدف إلى الحصول على أفضل أنواع التنازلات من مادورو، مع استعجال الوصول إلى المكاسب الاقتصادية المتعلقة بالنفط في المقام الأول، وأيضًا المكاسب الاستراتيجية الخاصة بتفكيك التحالف القائم الذي يجمع كاراكاس مع موسكو وبكين».
وأوضحوا أن «ترامب لن يذهب إلى ورطة إسقاط النظام في فنزويلا وما قد ينتج عنه من فوضى تنعكس على أمن بلاده بشكل مباشر، وقد تحمل له صفوفًا جديدة من اللاجئين إلى داخل الولايات المتحدة». وبيّنوا أن الرئيس الجمهوري يعمل على قطع الطريق أمام أي أوراق تفاوض قد يسعى مادورو إلى فرضها، خاصة في ظل سعي واشنطن إلى تقليل الجزء الأكبر من مساحة التحالف بين فنزويلا من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، حتى يحمي «الحديقة الخلفية» من تهديدات استراتيجية تعمل عليها بكين وموسكو. وكانت مصادر قد قالت لصحيفة «ميامي هيرالد» الأمريكية إن اتصال الرئيس دونالد ترامب مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو الأسبوع الماضي حمل رسالة واضحة، مفادها: «يمكنك النجاة بنفسك وبأقرب الناس إليك شريطة مغادرة البلد الآن». وفي سياق التقرير، بيّن مصدر مطّلع أن المكالمة تعطّلت بسبب 3 قضايا، الأولى: طلب مادورو عفوًا دوليًا عن أي جرائم ارتكبها هو ومجموعته، وقد رُفض ذلك.
والثانية، رغبة مادورو في الاحتفاظ بالسيطرة على القوات المسلحة. أما النقطة الخلافية الثالثة فكانت التوقيت، إذ أصرت واشنطن على أن يستقيل مادورو فورًا، بينما رفضت كاراكاس.
 اعتبارات ترامب .. ويقول أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد شيات: «هناك اعتبارات عدة يتعامل بها ترامب مع فنزويلا ونظام مادورو، في ظل وجود شقّين على الأقل يمكن أن يقضّا مضجع الرئيس الأمريكي في مسار تعامله مع ملف كاراكاس». وأضاف شيات في تصريحات لـ»إرم نيوز»: «الاعتبار الأول يتمثل في أن مادورو وكافة الأنظمة الشبيهة به تعيش في حالة انخراط كبير مع روسيا والصين على مستويات اقتصادية وعسكرية، في وقت تريد فيه واشنطن الحد من النفوذ السياسي والاقتصادي للدولتين في أمريكا الجنوبية، التي تُعدّ الحديقة الخلفية للولايات المتحدة». وأفاد بأن «الاعتبار الثاني ذو طبيعة انتخابية دعائية، إذ يريد ترامب أن يعطي انطباعًا في الداخل بأنه يكافح المخدرات، وأن هناك توجهًا للتعامل مع منافذ أخرى تهدد أمن الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن تقديم الرئيس الجمهوري أداءً ناجحًا في مواجهة عصابات المخدرات، ومصاحبة ذلك ببروباغندا داخلية، سينعكس على حزبه الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، مما يسهم في فوزهم بالأغلبية ويتيح له تنفيذ بقية برنامج ولايته دون مضايقات أو صراعات مع الديمقراطيين». وتابع شيات: «هناك مستوى من التقاطع بين السياسة الداخلية والخارجية لترامب في أزمة فنزويلا، الأمر الذي يمنحه القدرة على تنفيذ وعيده ضد مادورو».
 «أفضل التنازلات».. بدوره، يرى الباحث في الشأن الأمريكي أحمد العلوي، أن «هذه النوعية من النقاط التي يطرحها ترامب على مادورو لمغادرة فنزويلا فورًا، هي نوع من التفاوض المحمّل بالضغوط العالية. والرئيس الأمريكي عندما يطرح ذلك، يدرك تمامًا أنه أمر لن يقبله الرئيس الفنزويلي، لأن من المستبعد أن تشن الولايات المتحدة حربًا على كاراكاس، وفي الوقت ذاته لا تمتلك الإدارة الأمريكية معارضة قوية داخل فنزويلا تهدد بإسقاط النظام».
وأضاف العلوي أن «ترامب يقدم تفاوضًا في أول تواصل مباشر يتضمن شروطًا معقدة، بهدف الحصول على أفضل أنواع التنازلات من مادورو، مع استعجال الوصول إلى المكاسب الاقتصادية المتعلقة بالنفط في المقام الأول، وأيضًا المكاسب الاستراتيجية الخاصة بتفكيك التحالف القائم الذي يجمع كاراكاس مع موسكو وبكين». وبيّن أن «سياسة ترامب في فرض الصفقات ليست جديدة، ويريد أن يستغل فرصة تخبّط مادورو في ظل إدراك واشنطن أن مادورو يتعرض لضغوط داخلية مرتبطة بالوضع الاقتصادي ونتائج الحصار، في دولة كان من المفترض أن يكون مستوى المعيشة فيها مرتفعًا بسبب ثروتها النفطية.