يحلل تجارب تمدد «الظاهرة الإخوانية» في 6 دول

«تريندز» يدشن الكتاب الـ15 من موسوعته البحثية حول جماعة الإخوان المسلمين

«تريندز» يدشن الكتاب الـ15 من موسوعته البحثية حول جماعة الإخوان المسلمين

د. محمد العلي: الكتاب يسلط الضوء على تجارب عربية وعالمية في التعامل مع «جماعة الإخوان»


دشن مركز تريندز للبحوث والاستشارات الكتاب الخامس عشر من موسوعة جماعة الإخوان المسلمين، بعنوان «الإخوان المسلمون.. تجارب التمدد ومقاربات المواجهة»، والذي يأتي ضمن المشروع البحثي الشامل الذي يقوده «تريندز» لتحليل «الظاهرة الإخوانية» بطرق علمية تجمع بين التاريخ والسياسة والفكر والتنظيم.
ويرسخ الإصدار، الذي أطلقه المركز مؤخراً، رؤية «تريندز» في دراسة الإسلام السياسي، باعتبارها ظاهرة معرفية وأمنية مركّبة تستوجب مقاربة متكاملة تربط المحلي بالعالمي؛ بهدف تعزيز الفهم العلمي لمساراته وتأثيراته في الاستقرار الإقليمي والدولي.

تجارب عربية وعالمية
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن كتاب «الإخوان المسلمون.. تجارب التمدد ومقاربات المواجهة»، يعد جزءاً من سلسلة الكتب الخاصة بموسوعة «تريندز» حول جماعة الاخوان المسلمين، حيث يسلط الضوء على بعض التجارب العربية والعالمية في التعامل مع جماعة الإخوان؛ وذلك لاستخلاص العبر منها من خلال دراسة مقارنة لسلوكيات الدول تجاه الجماعة.
وذكر أن الكتاب يسعى إلى التعمق في تحليل تجارب الجماعة في التمدد وفي تعاطي الدول معها في المنطقة العربية وفي العالم؛ لتسليط الضوء على هذه الظاهرة من مختلف أبعادها، وسياقاتها الداخلية والإقليمية والدولية، في محاولة لتحليل كل من الإطار الفكري والأيديولوجي، والجانبين التنظيمي والعملي لهذه الظاهرة، واستشراف مآلاتها المستقبلية في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة.

مسارات الجماعة
ويهدف الكتاب إلى دراسة مقارنة معمقة لعدد من التجارب القُطرية التي اتخذت أشكالاً متباينة في تعاطيها مع جماعة الإخوان المسلمين، من خلال التركيز على ست دول هي: العراق، والجزائر، وتونس، وماليزيا، والمغرب، وكندا، وذلك بغرض إبراز الفوارق الدقيقة والتماثلات البنيوية في مسارات الجماعة، ومستوى اختراقها لمجتمعات تلك الدول ومؤسساتها، وكذلك ردود فعل الأنظمة الحاكمة إزاء هذا الحضور المتعدد المستويات.

ظاهرة مركبة
ويوضح الكتاب أن الدروس المستخلصة من التجارب الست تؤكد أن الظاهرة الإخوانية ليست ظاهرة دينية فقط، بل هي ظاهرة مركبة تتقاطع فيها عناصر الفكر، والعقيدة، والتنظيم، والسياسة، وتُظهر هذه المقارنة أن الجماعة تمتلك قدرة عالية على التكيف مع السياقات المختلفة، لكنها تفشل في الغالب حين تخرج من موقع المعارضة إلى موقع السلطة.
ويشير إلى أن المأزق البنيوي للجماعة يكمن في عدم قدرتها على التحول من حركة دعوية-احتجاجية إلى فاعل سياسي مؤسسي قادر على إدارة الدولة، كما أن البنية التنظيمية الهرمية المغلقة، والخطاب المزدوج، والأولوية المقدّمة للولاء على الكفاءة، كل ذلك يُضعف قدرتها على كسب الثقة الاجتماعية في المدى الطويل.
أما على مستوى الدول، فإن التجربة تُظهر أن السياسات الواقعية التي تعتمد مزيجاً من الاحتواء والمراقبة -دون تمكين كامل-  هي الأكثر نجاعة، خاصة إذا اقترنت باستراتيجيات تربوية وثقافية وإعلامية تؤسس لهوية وطنية جامعة تتجاوز الاختراق الأيديولوجي للجماعة.

«التدين الإخواني»
ويوضح الكتاب أن التدين الإخواني عندما دخل دول العالم العربي وجدها خاضعة لأنواع أخرى من التدين، كانت مستقرة ومحكومة ببيئتها وسياقها، فكان عليه اقتحام الفضاء الديني لهذه الدول، تمهيداً لاحتلاله بالكامل، وكانت أشد المعوقات أمام التدين الإخواني هي هذه الأنماط من التدين المنسجمة مع مفهوم الدولة الوطنية؛ وذلك لأن نسخة تدين الإخوان قائمة على أممية رسالتها، وعدم اعترافها بالحدود الوطنية للدول.
وفي المقابل، استفادت «الإخوان» من سيادة العلمانية على النمط الأنجلوسكسوني في الدول الغربية؛ مما سمح لهم بحرية شبه كاملة في ترسيخ مشروعهم، وتمدد تنظيمهم، وذلك على العكس من العلمانية على النمط الفرنسي، التي تحرم الإسلامويين من أسلحتهم التعبوية؛ مما يجعل الجدل حول الإسلام والإسلاموية أكثر سخونة في دول مثل فرنسا ومقاطعة كيبيك الكندية.

سد الفجوة البحثية
ويمثل كتاب «الإخوان المسلمون.. تجارب التمدد ومقاربات المواجهة»، محاولة علمية لتحليل الظاهرة الإخوانية بعيداً عن الأحكام المسبقة، من خلال تفكيك مكوناتها في ضوء التجارب القُطرية المختلفة، ويأمل أن يسهم في سد فجوة بحثية مزمنة في الدراسات العربية والإسلامية حول الجماعة، حيث إن فهم «الإخوان» ليس رفاهية بحثية، بل ضرورة أكاديمية وأمنية وثقافية، بالنظر إلى ما تطرحه الجماعة من تحديات متشابكة، وعلى الدول والمؤسسات البحثية أن تبني على هذا الجهد؛ من أجل تطوير نماذج تحليلية وسياسات واقعية، تراعي تعقيد الظاهرة دون الوقوع في التهوين أو التهويل.