«فورين بوليسي»: لا اختراقات متوقعة في قمة بايدن-بوتين

«فورين بوليسي»: لا اختراقات متوقعة في قمة بايدن-بوتين


للمرة الأولى منذ توليه الرئاسة في يناير(كانون الثاني) 2021، يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد غدٍ الأربعاء  ، نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة السويسرية. وعلى الرغم من عدم توقُّع نتائج استثنائية، يأمل الخبراء أن تُساعد القمة على رسم بعض الحدود في العلاقة المتوترة بين أكبر قوتين نوويتين في العالم.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات بين موسكو وواشنطن بسبب الهجمات الإلكترونية والحرب في أوكرانيا، وخط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2”، واستخدام روسيا لغاز الأعصاب القاتل “نوفيتشوك” لمحاولة القضاء على خصومها، وحملات التضليل التي تشنّها وتدخّلها في الانتخابات الأمريكية. كما توترت العلاقات الدبلوماسية بعد سلسلة من عمليات الطرد الانتقامية للدبلوماسيين. وفي وقتٍ سابق من هذا العام، استدعى البَلدان سفيريهما للتشاور.
لذا، إذا كانت التوترات بهذا الحجم، لماذا يجتمعان، وماذا يمكن أن نتوقّع من القمة؟ تتساءل إيمي ماكينون، مراسلة الأمن القومي والاستخبارات في مجلة “فورين بوليسي».

ما الهدف من القمة؟
تقول ماكينون إن بناء “علاقة مستقرة ويمكن التنبؤ بها”، هي كلمات السر لإدارة بايدن عندما يتعلّق الأمر بنهجها تجاه روسيا، ولكن حتى هذا قد يكون بعيد المنال. وتضيف أنه على الرغم من أن موسكو وواشنطن تنظران إلى بعضهما بريبةٍ كبيرة، إلا أن البلدين يدركان على مضض الحاجة إلى وجود علاقة عمل لتجنب الكارثة.
«روسيا تمتلك، إلى جانب الولايات المتحدة، أكبر ترسانات نووية على وجه الأرض. ولا تزال روسيا عضوًا دائمًا في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وهذا يعني أنه شئنا أم أبينا، يتعيّن العمل مع روسيا بشأن بعض التحديات الأساسية الموجودة في العالم”، يقول إريك غرين، مساعد بايدن الأعلى في روسيا.

جدول أعمال القمة
وتشمل الموضوعات المطروحة للنقاش “الملفات الأساسية”، بما في ذلك الحد من التسلّح والهجمات السيبرانية والقيود الدبلوماسية والأمريكيون المسجونون في إيران، وملفات كوريا الشمالية وسوريا وأفغانستان، والقطب الشمالي وتغير المناخ. ومن المتوقع أيضًا أن يثير بايدن قضية اختطاف بيلاروسيا لطائرة “رايان إير”، وأن يؤكد مجدداً التزام الولايات المتحدة بوحدة أراضي أوكرانيا.
ووفقاً لماكينون تتضمّن الأولويات العاجلة إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. إذ أنه رداً على أحدث جولة من العقوبات بسبب التدخّل في الانتخابات، حظرت روسيا الشهر الماضي على مواطنيها العمل في البعثات الدبلوماسية الأمريكية. هذه الخطوة، التي جرى تعليقها لاحقاً، أجبرت السفارة الأمريكية في موسكو على تقليص الخدمات القنصلية بشكلٍ كبير للمواطنين الأمريكيين ووقف معالجة التأشيرات للروس.
وتضيف ماكينون أن أحد المجالات التي يُدرك فيها الطرفان أنه ليس لديهما خيار سوى العمل معاً هو الاستقرار الإستراتيجي والسيطرة على التسلح، لكن هذا لا يعني أن الأمر سيكون سهلاً.
وأبدت موسكو وواشنطن حرصهما على مناقشة عالم الإنترنت. وألقت الولايات المتحدة باللوم على وكالات الاستخبارات الروسية في سلسلة الاختراقات الأخيرة للوكالات الحكومية الأمريكية، لكن الكرملين يخشى بدوره من القدرات الإلكترونية للولايات المتحدة.
وقال أندريا كيندال تايلور، مدير برنامج الأمن عبر المحيط الأطلسي في مركز الأمن الأمريكي الجديد: “هذه القضايا والحوادث ذات المستوى الأدنى يمكن أن تتصاعد بسرعة كبيرة إلى استخدام الأسلحة النووية. لذلك نريد أن نضع بعض القواعد، وبناء قدرٍ من التفاهم في هذه المجالات المختلفة».

ما الذي يجب أن نتوقّعه؟
«ومن المرجّح أن يكون الاجتماع بين الرئيسين طويلاً ومتوتراً”، تقول ماكينون. فمن المعروف أن بوتين يميل لإلقاء محاضرات على نظرائه.
يقول مايكل ماكفول، الذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة لدى روسيا خلال إدارة أوباما: “إنه يُهيمن على اللقاء. وليس لدي شكّ في أنهم سيتحدّثون عن هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول الأمريكي».
واعتبرت ماكينون أنه يجب مراقبة لغة الجسد للزعيمين عند خروجهما من اجتماعهما.
وتأمل عائلات الأمريكيين المسجونين في روسيا أيضًا في إمكانية إبرام صفقة لإعادتهم إلى الولايات المتحدة. وينفذ بول ويلان وتريفور ريد، وكلاهما من مشاة البحرية الأمريكية السابقين، أحكاماً مطوّلة بالسجن بشكل منفصل بتهمٍ تعتبرها الولايات المتحدة وهمية.

نهج إدارة بايدن تجاه روسيا
ومنذ تنصيبه في يناير(كانون الثاني)، حاولت إدارة بايدن السير على خط رفيع لعدم إعادة ضبط الوضع مع موسكو، بينما تسعى أيضاً إلى تجنّب تصعيد علاقة مشحونة بالفعل.
وبعد تولّي الرئاسة، أمر بايدن بمراجعة أربعة مجالات من الأنشطة الخبيثة التي يُزعم أن الحكومة الروسية ارتكبتها: اختراق شركة “سولار وندز”، وتسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني، والتدخل في الانتخابات في 2016 و2018 و2020، والتقارير التي تُفيد بأن عملاء استخبارات روساً دفعوا مكافآت للمتشدّدين في أفغانستان لقتل القوات الأمريكية. وبمجرد اكتمال المراجعة، أعلنت واشنطن مجموعة جديدة من العقوبات وطردت دبلوماسيين في أبريل (نيسان) بسبب جهود روسيا للتدخّل في السباق الرئاسي لعام 2020.
وتستدرك ماكينون أنه على الرغم من أن إدارة بايدن كانت واضحة في أنها ترى أن المنافسة مع الصين هي التحدّي الإستراتيجي الأكبر على المدى الطويل، إلا أن روسيا هي التي مثّلت صداعاً ملحّاً في السياسة الخارجية في الأيام الأولى للإدارة.
وقالت ميليندا هارينج، نائبة مدير مركز “أوراسيا” في المجلس الأطلسي: “أعتقد أن سياسة بايدن تجاه روسيا تبدو ساذجة بعض الشيء في الوقت الحالي. يبدو أنهم يعتقدون أن بإمكانهم احتواء روسيا، وسوف تتصرّف روسيا بانضباط خلال السنوات الأربع المقبلة، ويمكننا فقط تجاهل ذلك».
من جهته، قال ماكفول: “واشنطن تستهين بالقوة الروسية. لا يوجد دليل يدعم مزاعم بأن قوة روسيا تتراجع. مهما كانت البطاقة التي يمتلكها بوتين، فهو مستعد لاستخدامها بطريقة أكثر عدوانية، أكثر من أي زعيم آخر في العالم».