رئيس الدولة ونائباه يهنئون أمير قطر بذكرى اليوم الوطني لبلاده
حتى أكثر هذه الاحتمالات تفاؤلاً محفوف بالمخاطر
أتلانتيك كاونسيل: السيناريوهات الأربعة لمآل الحرب في أوكرانيا
رسم الباحثون الثلاثة الكبار في “أتلانتيك كاونسيل” باري بافل، وبيتر إنجلكه، وجيفري سيمينو، أربعة سيناريوهات لنهاية الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالوا إن حتى أكثر هذه الاحتمالات تفاؤلاً، الذي وصفوه بـ”معجزة دنيبرو”، محفوف بالمخاطر، مرجحين أن يواجه الأمريكيون وحلفاؤهم على الضفة الأخرى من الأطلسي فترة صعبة من الصراع المستمر مع روسيا.
السيناريو الأول:
معجزة دنيبرو
بعد حصولهما تعزيزات دفاعية من أعضاء ناتو، يتمكن الجيش الأوكراني والمقاومة المدنية من تخطي الصعاب وإيقاف تقدم موسكو بما يمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الإطاحة بحكومة كييف وتأسيس نظام موالٍ، يفرض تصميم ومهارة المقاومة الأوكرانية جموداً في الميدان لصالح المدافعين.
قريباً، يصبح بديهياً للكرملين أن روسيا ستدفع ثمناً باهظاً لمغامراتها، بما فيه احتمال تلقي ضربة طويلة ومكلفة في أوكرانيا مقترنة بانهيار اقتصادي وعزلة ديبلوماسية.
يأمر بوتين بامتعاض بسحب قواته، وتبقى أوكرانيا ديموقراطية سيدة نفسها بينما تسرع الهزيمة الاستياء الداخلي الذي بدأ يظهر فعلاً داخل روسيا.
يتحول بوتين إلى التركيز على التهديدات الداخلية المتزايدة لسلطته. وفي الأثناء، يواجه ناتو وضعاً أمنياً حسناً مع تعرض روسيا للشجب واقتراب أوكرانيا أكثر من الغرب. مع ذلك، لن يعود الوضع الأمني في أوروبا إلى ستاتيكو ما قبل الحرب.
حصدت الحرب القصيرة آلاف الأرواح من الطرفين وخلفت مرارة واسعة النطاق. ورغم خروج أوكرانيا ديموقراطية سالمة، يواجه جارها الذي سيظل خطيراً ،مستقبلاً غير مؤكد مع وصول المشهد السياسي الروسي إلى نقطة تحول. ميلان روسيا نحو تسلط أكبر تحت حكم بوتين أو ميلانها بعيداً عنه سيحددان سلوك روسيا مع سائر دول العالم.
السيناريو الثاني: مستنقع
بعد أسابيع من قتال عنيف في كييف ومدن أخرى، تستطيع روسيا إسقاط حكومة أوكرانيا وتنصيب نظام دمية. لكن لا القوات الأوكرانية المسلحة ولا الأوكرانيون مستعدون للاستسلام. عوض ذلك، يشن الأوكرانيون تمرداً واسع النطاق بفضل تسليح وتنسيق جيدين ضد الغزاة. رغم تقلص القوات الأوكرانية النظامية مع مرور الوقت، وتعرض المدن الكبرى مثل كييف للاحتلال، يتبين أن الانتصار الروسي باهظ الثمن.
تكرر القوات الأوكرانية المتمردة أنماطاً شوهدت في أماكن أخرى من العالم، فتتكبد روسيا كلفة بشرية ومالية تضطر بسببها إلى تخصيص المزيد من مواردها لأوكرانيا، ولزمن أطول مما توقعته.
يتفاقم صداعها بفعل الدعم الأجنبي للمتمردين، مع توفير ناتو دعماً دفاعياً سرياً لكن صلباً جداً. يستنزف النزاع خزائن موسكو وعزمها، ما يجبرها في نهاية المطاف على الانسحاب بعد الكثير من العنف.
يدرك بوتين وكبار قادة النخبة السياسية أنهم يواجهون “لحظة برجنيف”، بعدما بالغوا في السعي إلى تحقيق أهداف متطرفة في أوكرانيا.
وتماماً كما قاد الزعيم السوفياتي الأسبق ليونيد برجنيف قواته إلى معركة طويلة ومكلفة في أفغانستان، خاضت روسيا مجدداً حرباً لا يمكن الفوز بها، أي المستنقع الذي يُضرب به المثل والذي حاصر العديد من الدول القوية عبر التاريخ.
أصبحت روسيا دولة منبوذة، ربما تعرضت أوكرانيا للتدمير لكن مكانة بوتين تعاني، ويصبح موقفه الداخلي محفوفاً بالمخاطر مع تشكيك النخب في حكمه، وتعبير الناس بشكل واسع عن غضبهم بسبب الوضع الاقتصادي، وتراجع مكانة بلادهم الدولية.
السيناريو الثالث:
ستار حديدي جديد
تنهار أوكرانيا في نهاية المطاف تحت ثقل الاجتياح الروسي، ورغم المعارضة القوية، تتمكن القوات الروسية من السيطرة على البلاد باستخدام الأسلحة والتكتيكات القاسية.
المقاومة ضد الحكومة العميلة التي عينها بوتين حاضرة في كل مكان، لكنها تتعرض للقمع ولا تبرهن عما يكفي من قوة لفرض تحد بارز على القوات الروسية التي تظل منتشرة في أوكرانيا.
يظهر ستار حديدي جديد في أوروبا يمتد على طول حدود دول البلطيق في الشمال مروراً بحدود بولندا، وسلوفاكيا، والمجر، ورومانيا، في الجنوب.
وبينما تواجه روسيا كلفة اقتصادية ثقيلة، يعزز بوتين سلطته داخلياً، ويقمع المعارضة المحلية بقوة أكبر.
يبقى ناتو أكثر اتحاداً في مواجهة موسكو التي أصبحت أكثر جرأة، لكنه يضطر للقبول بأن لديه خيارات محدودة جداً ليعكس خسارة أوكرانيا.
في أعقاب الأزمة، تنضم السويد وفنلندا إلى ناتو لتعزيز أمنهما في مواجهة مخططات موسكو الانتقامية. وكما مع الستار الحديدي الأول، يجلب الانقسام الجديد في قلب أوروبا لائحة مألوفة من المخاطر والشكوك.
تحيط القوات الروسية والأطلسية ببعضها عبر حدود معسكرة فجأة، ما يرفع احتمالات النزاع المباشر، سواء بسبب عرضي، أو بعد تصميم مسبق.
تشهد الأزمات الأمنية المتقطعة مداً وجزراً، وتكرر روسيا المزيد من المغامرات العسكرية والحروب الهجينة ضد الحلفاء الأطلسيين. يعد الخصوم أنفسهم لمواجهة طويلة ووعرة، دون نتيجة واضحة أو ضمانة بحل سلمي.
السيناريو الرابع:
حرب بين الناتو وروسيا
حسب الباحثين الثلاثة، فإن السيناريو الأخطر على مستقبل أوروبا والنظام الدولي، ذلك الذي تهيئ فيه الحرب الحالية المسرح لنزاع عسكري مباشر بين ناتو وروسيا، في ظل عدد من المسارات التي تؤدي إلى هذه النتيجة.
أ - إمكانية أن يتخذ ناتو قراراً بتصعيد تورطه في أوكرانيا بمحاولة فرض منطقة حظر جوي مثلاً أو أي تدخل مباشر آخر، وإلى اليوم، رفضت الولايات المتحدة ودول أطلسية أخرى، حظراً جوياً مماثلاً، لكن هذه الحسابات قد تتغير إذا واصلت روسيا تصعيد قصف المدنيين. ستضطر روسيا لاتخاذ قرار إما التراجع أو الاشتباك مع القوات الأطلسية. وإذا أقدمت على القرار الثاني فسيرتفع خطر النزاع المسلح بين الطرفين بشكل دراماتيكي.
ب - قد تقصف روسيا عن غير قصد أرض دولة أطلسية، بسبب قصف غير دقيق أو تحديد خطأ بين الصديق والعدو مثلاً، ما يؤدي إلى إجراءات مضادة من التحالف.
لقد هاجمت روسيا أهدافاً قريبة من الحدود البولندية. مع اقتراب المخزون العسكري الروسي للذخائر الدقيقة من النفاد، يرتفع خطر مثل هذا الحادث ما يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق.
سيشاهد العالم عبر هذا السيناريو بدايات نزاع مباشر، جو-جو، أو جو-أرض ربما، في المناطق الحدودية لأوكرانيا. وقد يطلق الأمر حلقة جديدة من الضربات، والضربات المضادة بما ينتج أعمالاً عدوانية مفتوحة.
ج - ثمة احتمال مخيف من مخططات لدى بوتين تتجاوز أوكرانيا. إذا حققت القوات الروسية تقدماً سريعاً في أوكرانيا وسيطرت فعلياً على البلاد، فإنه قد يركز على الدول التي يرغب في استعادتها لإعادة تأسيس فضاء نفوذ يتطابق إلى حد بعيد مع أراضي الاتحاد السوفييتي السابقون. المرشحون البديهيون لاختبار مخططاته وعزم الناتو هم دول البلطيق، وجميعها أصبحت أطلسية.
قد يعتقد بوتين أن ناتو سيتراجع إذا ضغط عليه. يشدد ناتو على أنه سيقاتل أي توغل عسكري روسي في دوله الأعضاء.
ضبابية الحرب
تشير الأدلة الأولى إلى أن الحرب تصب في مصلحة الغرب لثلاثة أسباب، لقد ألهم الاجتياح الروسي والمقاومة الأوكرانية المندفعة دعماً شعبياً لأوكرانيا على امتداد أوروبا.
ويبدو أن روسيا وبوتين قللا من أهمية تصميم أوكرانيا والغضب الدولي ضد موسكو. واتخذت الحكومات الديموقراطية على ضفتي الأطلسي خيارات سياسية واسعة تعكس جرأةً وتضامناً جديداً. ومع ذلك، يرى الباحثون الثلاثة أن العالم في لحظة خطيرة وغير مؤكدة. وتعكس هذه السيناريوهات الأربعة نتائج معقولة، لكنها بالكاد تستنفد كل الاحتمالات.
وقد ينتهي بوتين بتعزيز قوته أو يضعفها في روسيا، بالاعتماد على التطورات الداخلية والخارجية، توطيد الصين لعلاقتها به أو تقليل دعمها لبوتين. ويمكنه أن يقدم على عملية في مولدوفا، وجورجيا أو حتى يحاول السيطرة على ممر سوالكي بين بيلاروسيا، وإقليم كالينينغراد.
بشكل متكرر تقود الحروب المتحاربين وغير المتحاربين إلى مسارات غير متوقعة، مع نتائج تغير العالم أحياناً.
ويبدو أن اجتياح روسيا لأوكرانيا يحمل بذور نزاع مماثل، وما الذي سيعنيه النزاع لأوكرانيا والعالم، سيبقى قيد التكهن.