أتلانتيك: هذا ما لا يفهمه ترامب وماسك عن تهديدات بوتين النووية

أتلانتيك: هذا ما لا يفهمه ترامب وماسك عن تهديدات بوتين النووية


رد أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز الاسكتلندية فيليبس أوبراين على المؤثرين والأكاديميين الذين قالوا مؤخراً إن روسيا قريبة من استخدام السلاح النووي.
وكتب في مجلة “ذي أتلانتيك” أن تحقيق الجيش الأوكراني سلسلة من الانتصارات المؤثرة هذا الخريف ألهم توقعات بأن يلجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للأسلحة النووية لضمان أهدافه الاستراتيجية، أياً تكن. الخلاصة المنطقية لهذه المزاعم أن على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين تفادي تصعيد خطير من خلال بيع أوكرانيا، أي من خلال تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا وإجبارها في نهاية المطاف على استيعاب العدوان الروسي.

واشنطن لم تتأثر
أضاف أوبراين أن ظهور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن يؤكد عدم تأثر الولايات المتحدة بهكذا تحذيرات ولسبب وجيه. لقد أظهرت الأسابيع الأخيرة أن تهديدات بوتين هي فارغة على الأرجح. صدرت الأصوات التي روجت لخطر الحرب النووية عن شخصيات بارزة، مثل الرئيس السابق دونالد ترامب المتعاطف عموماً مع بوتين. أشاد ترامب سابقاً ببوتين واصفاً إياه بالعبقري الاستراتيجي وغزو أوكرانيا بأنه “فطن».
على منصة تروث سوشل، كرر ترامب في سبتمبر (أيلول) ادعاء بوتين بشأن نيته استخدام الأسلحة النووية. وخلال تجمع انتخابي شهر أكتوبر (تشرين الأول)، قال ترامب: “يجب طلب مفاوضات فورية لـ(تحقيق) نهاية سلمية للحرب في أوكرانيا”. من دون ذلك، “سننتهي بحرب عالمية ثالثة ولن يبقى أي شيء من كوكبنا».
رسالة مشابهة لكامينغز وماسك
في المملكة المتحدة، كان داعمو بريكست البارزون مثل الخبير السياسي الاستراتيجي دومينيك كامينغز من بين الأشخاص الذين جادلوا بشدة لصالح استرضاء بوتين لإقناعه بعدم استخدام الأسلحة النووية. مع رفع الإخفاقات العسكرية الروسية احتمال تمتع أوكرانيا بالقوة لاستعادة القرم، أصر كامينغز على أن ذلك سيكون “تذكرة لحرب نووية”. وانضمت أصوات أكثر إثارة للمفاجأة.
في أكتوبر، وقبل أيام من استحواذه على تويتر، أعلن إيلون ماسك أن الرئيس الروسي، وفي حال واجه خيار خسارة القرم أو استخدام الأسلحة النووية، “سوف يختار” استعمال السلاح النووي. وأشار أيضاً إلى آفاق الحرب النووية كتبرير لاتفاق سلام لإنهاء الحرب بشكل ملائم لروسيا.

الواقعيون يؤكدون
لفت أوبراين إلى أن وجهات النظر التي أعرب عنها ترامب وكامينغز وماسك تتقاطع مع نظرة بعض أكاديميي الشؤون الدولية الذين يوصفون غالباً بأنهم واقعيون. على سبيل المثال، وصف العالم السياسي جون ميرشايمر روسيا بالقوة العظمى وقال إن على أوكرانيا الموافقة على بعض رغبات جارتها. وكتب في أغسطس (آب) أن الفشل في الاعتراف بذلك سيرقى إلى “لعب بالنار”. وفي مايو (أيار)، قال المتعاون مع ميرشايمر في الكثير من المقالات ستيفن والت إن التصعيد مع روسيا، بالرغم من أنه غير مرجح، أصبح الآن “أسهل على التخيل” مما كان قبل بضعة أشهر.
أوضح الكاتب أن الواقعيين بالغوا بشكل كبير في تقدير قوة روسيا مشيراً إلى أن لديهم تاريخاً في سوء قراءة ديناميات القوة العالمية. ستعترف الواقعية الفعلية بأن مشاركين متنوعين في النظام الدولي بذلوا وسيواصلون بذل قصارى جهدهم لمنع روسيا من استخدام الأسلحة النووية. وسط الانتكاسات الميدانية الجدية، صعدت الهند وروسيا تحذيراتهما بشأن وجوب عدم لجوء بوتين للسلاح النووي تحت أي ظرف. في الوقت الذي كان الروس يستعدون للانسحاب من مدينة خيرسون الواقعة في المحافظة التي ضمتها موسكو حديثاً، كان أهم شريكين لبوتين دولياً يطالبان بإنهاء التهديدات اللامسؤولة.

مودي حاسم... وكذلك شي
ذكرت الأنباء أن حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قالت لوزير الدفاع الروسي إن أي استخدام للأسلحة النووية يجب أن يسحب من التداول. كان ذلك فقط جزءاً مما بدا جهداً منسقاً من قبل الحكومة الهندية لمنع روسيا من التفكير باستخدام الأسلحة النووية. ورفض مودي تحديد موعد القمة السنوية التي يعقدها عادة قادة الهند مع نظرائهم الروس. لم تتراجع الهند. ما كان أكثر إثارة للقلق ربما بالنسبة إلى بوتين هو إعراب الحكومة الصينية التي دعمت بوتين بشكل كبير عن معارضتها القوية لأي استعمال للسلاح النووي.
في نوفمبر (تشرين الثاني)، تحدث الرئيس الصيني شي جينبينغ والمستشار الألماني أولاف شولتس عن الموضوع، ولم تكن قراءة البيان الذي أصدراه عقب ذلك مريحة للكرملين. لم يعارض شي وشولتس أي استخدام للأسلحة النووية وحسب، بل ذهبا أبعد من ذلك وشجبا حتى التهديدات باستخدامها. لم يذكر المسؤولان أي أسماء لكن قوة واحدة في العالم كانت تهدد باستعمال الأسلحة النووية في ذلك الحين.
يفهم شي ومودي ما لا يفهمه ترامب وكامينغز وماسك والواقعيون: إن استخدام بوتين للأسلحة النووية سيكون كارثة استراتيجية لروسيا والعالم، كارثة ستؤدي على الأرجح إلى انهيار أي مكانة تبقت لروسيا بعد إخفاقاتها في أوكرانيا. لو ألقى بوتين رأساً نووياً واحداً حتى على أوكرانيا فسيقلب المنطق الكامل لموعد وكيفية استخدام الأسلحة النووية على الإطلاق. إذا أصبحت إمكانية استخدام دولة نووية السلاح النووي لضمان التوسع الإقليمي سياسة رسمية فسينهار الصرح الدولي لجهود الحد من الانتشار النووي بشكل كامل.

حتى الصين ستخسر
إن مسارعة الدول الأصغر للحصول على أسلحة نووية ستحول العلاقات الدولية على حساب القوى النووية الحالية بما فيها الصين. فهمت موسكو هذه الرسالة التي تم تسليمها بصراحة. بالرغم من أن بوتين لمح إلى أن روسيا قد تغير عقيدتها العسكرية الرسمية لتتماثل مع عقيدة الولايات المتحدة التي لا تستبعد أن تكون أول مقاتل يستخدم الأسلحة النووية، فهو أصر قبل أيام إلى أن روسيا “لن تركض حول العالم ملوحة بهذه الأسلحة مثل شفرات الحلاقة.” علاوة على ذلك، يبدو أن روسيا تحاول أن تخوض حرباً تقليدية ضد أوكرانيا قد تدوم لسنوات بالنظر إلى تجنيد المزيد من العناصر.
بصرف النظر عن ذلك، يقلل بوتين من أهمية هجوم روسي نووي على أوكرانيا. هذا الأمر منطقي لأن تحركاً كهذا سيترك روسيا بلا أصدقاء ويؤدي على الأرجح إلى تصعيد أطلسي أعظم وتوجيه إشارة إلى الأوكرانيين بأن خيارهم الوحيد هو مواصلة القتال. أرادت روسيا التنمر على الغرب كي يتخلى عن أوكرانيا بينما قبل عدد من الأصوات المؤثرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالاستسلام لتهديدات بوتين النووية. لكن الموقف الواقعي الحقيقي يشمل التركيز على العوائق الضخمة التي تمنع روسيا من استخدام الأسلحة النووية.