الأزمة السياسية في العراق تزداد تعقيداً

أنصار الصدر إلى الشارع.. ضغط أم انقلاب؟

أنصار الصدر إلى الشارع.. ضغط أم انقلاب؟


تزداد الأزمة السياسية في العراق تعقيداً، بعد 10 أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر-تشرين الأول 2021، حيث تشهد البلاد شللاً سياسياً تاماً في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس الأحد، تمهد الأحداث التي تشهدها العراق إلى اشتعال حرب شيعية – شيعية، في حين أشارت مصادر إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدر الصدر قلب الطاولة على إيران في مسعى لإصلاح النظام.

صراع على السلطة
قال طارق الحميد في صحيفة الشرق الأوسط، إن “ما يحدث في العراق الآن هو صراع شيعي - شيعي على السلطة، هذا هو العنوان الأساس للأزمة التي نراها اليوم، والخوف هو من تقدير خطأ قد يقود إلى انفجار دموي سيكون بمثابة الكارثة».
وأضاف “نحن اليوم أمام طرف عراقي شيعي بيده الأغلبية النيابية، وعبر الانتخابات، ويجابَه من كتلة شيعية أخرى لا تقرّ بنتائج هذه الانتخابات، عملياً، ولا تفهم لغة المفاوضات، وكل ما تريده هو السلطة فقط».
وأوضح أن “الطرف الطامح للحصول على السلطة بالقوة، وهو الإطار التنسيقي الموالي لإيران، لن يعرّض العراق ككل لحريق كبير، ومأساة إنسانية وحسب، بل إن البعض يرى أنه سيعرّض المشروع الإيراني لضربة عنيفة في العراق».
وأشار الكاتب “لن تنجو طائفة من هذا الزلزال في العراق، ولو خسرت إيران ما خسرت، فالخاسر الأكبر في حال وقوع عنف، واشتباك مسلح، هو العراق الدولة وكل المكونات فيه خصوصاً السلم الاجتماعي”، واختتم مقاله بالقول “الحقيقة أن الأزمة اليوم هي أزمة مؤجلة، وكل الأمل أن تواجَه بالعقل والحكمة، وعدا عن ذلك سيكون بمثابة مأساة جديدة من مآسي العراق، والمنطقة».

تفاقم الأزمة
ومن جهته، استبعد السياسي المستقل والمستشار السابق في رئاسة الجمهورية العراقية صادق الموسوي، في تصريح لصحيفة الاتحاد، استمرار التظاهرات، ما لم تنضم جموع الشعب العراقي إلى أنصار التيار الصدري، في الاحتكام للشارع.
وقال إن “من بين الحلول عقد جلسة برلمانية في مكان آمن، وإقالة الحكومة الحالية والتصويت على رئيس الجمهورية لإعطائه صلاحيات إدارة الحكومة لحين تشكيل حكومة جديدة».
واعتبر المحلل السياسي عمر الناصر، أن العراق دخل مرحلة جديدة بدأت خلال الفترة الماضية بثلاث خطوات تمهيدية، وأوضح أن الخطوة الأولى كانت إعلامية، وتمثلت في رفض التيار الصدري لمرشح الإطار التنسيقي، ثم الخطوة التصعيدية الثانية، وهي اقتحام المتظاهرين إلى مجلس النواب من أجل إرسال إشارة حقيقية على أن هناك رفض قاطع من قبل التيار الصدري لتشكيل حكومة توافقية.
وأضاف “أخيراً الخطوة الثالثة هي الإعلان عن الاعتصام داخل البرلمان، وهو ما يشكل تصعيداً كبيراً، ربما تستغله بعض الجهات لغرض إدخال العراق والعملية السياسية في مرحلة خلط أوراق على مستوى أعلى، بهدف تصفية الحسابات».

قلب الطاولة على إيران
وأما صحيفة الجريدة الكويتية، فقد تطرقت إلى حملة الضغط القصوى التي صعّدها زعيم التيار الصدري النافذ مقتدى الصدر على الإطار التنسيقي الشيعي، في رسالة واضحة تؤكد تمدد موجة الاستياء الشعبي من كل أجهزة الدولة إلى نظام المحاصصة الطائفي المعمول به منذ سقوط صدام حسين في 2003.
وقال مصدر سياسي رفيع للصحيفة، إن “الصدر لم يجازف بهذه الخطوة بهدف الضغط لتنظيم انتخابات مبكرة، ولا لمنع حلفاء طهران في الإطار التنسيقي من تشكيل حكومة جديدة، بل ذهب لأبعد من ذلك بكثير، نحو المس بنوع النظام السياسي وإجراء جراحة قيصرية للدستور نفسه، الأمر وصل إلى ما هو بمثابة انقلاب لإصلاح النظام».
وأوضحت المصادر أن كبار القادة يحاولون أن يفهموا الموقف الإيراني الغامض، فإذا رفضت طهران خطوة الصدر فيمكنها أن تقود الفصائل في حرب أهلية ضد التيار حفاظاً على نفوذها، أما إذا قررت التعايش مع انقلاب الصدر والقبول بعلاقة مميزة مع عراق مستقر بدلاً من نفوذ مكلف ومرفوض شعبياً في بغداد، فإن هذا يعني بدء مرحلة جديدة سيقبلها الأكراد والسُّنة.

ورجح مصدر مقرب من الحكومة، أن الصدر يضغط فقط، ولا يريد فرض معادلة انقلابية ضد النظام، وإذا حصل على ضمانات بإصلاحات تقيد نشاط الفصائل المسلحة خصوصاً، فإنه سيطلب من أتباعه العودة إلى الهدوء، وقال شهود عيان، إنه “لأول مرة، ينقل الصدريون معدات ثقيلة ومواد بناء ومؤناً غذائية تكفي للصمود طويلاً، داخل مبنى البرلمان والمنطقة المحيطة، مما يوحي بتنظيم اعتصام طويل الأمد».فيما قال الصدر، إنه لم ينقلب على الدولة، بل يقوم بحمايتها، إذ يرى أن الانقلاب على البرلمان الحالي، هو إنقاذ للدولة من الفصائل الموالية للحرس الثوري الإيراني والقادمة للاستيلاء على الدولة.