أوروبا تجرّ اليونان إلى القضاء.. هل بدأ تفكك الثقة داخل الاتحاد؟

أوروبا تجرّ اليونان إلى القضاء.. هل بدأ تفكك الثقة داخل الاتحاد؟

أعلنت المفوضية الأوروبية مؤخرًا إحالة اليونان إلى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي لعدم التزامها بقواعد التكتل بشأن الضرائب على السلع الانتقائية، في خطوة جديدة تُعيد الجدل حول حدود سلطة الاتحاد الأوروبي على دوله الأعضاء.
من جانبها، تؤكد المفوضية أن أثينا ما زالت تسمح لمتاجر البيع المعفاة من الرسوم الجمركية على حدودها البرية مع ألبانيا ومقدونيا الشمالية وتركيا ببيع السلع دون فرض الضريبة الخاصة المعروفة باسم “الضريبة الانتقائية”، المفروضة عادة على منتجات مثل الكحول والتبغ والوقود.
ويشير بيان المفوضية إلى أن هذا الإعفاء لم يعد مسموحًا به بموجب القانون الأوروبي منذ العام 2017، ما يجعل استمرار العمل به مخالفة صريحة للقواعد الموحدة للسوق الأوروبية.
ورغم محاولات الحكومة اليونانية لتعديل أوضاعها بما يتماشى مع التشريعات الأوروبية، بحسب مصادر مطّلعة، إلّا أن المفوضية اعتبرت تلك الجهود “غير كافية”، مؤكدة أن أثينا لم تُحرز التقدم المطلوب للامتثال الكامل.
وبناءً على ذلك، قررت الهيئة التنفيذية للاتحاد إحالة الملف إلى أعلى هيئة قضائية أوروبية لتبتّ فيه رسميًا، في خطوة قد تفتح الباب أمام فرض غرامات مالية حال إدانتها.

ملف أوسع من الضرائب
وكشفت صحيفة “كاثيمريني” اليونانية أن هذا التحرك الأوروبي لم يقتصر على اليونان وحدها؛ إذ أعلنت المفوضية فتح إجراءات قانونية منفصلة ضدها وضد 7 دول أخرى، تشمل بلجيكا وإسبانيا وهولندا والنمسا وبولندا والبرتغال ورومانيا.
تأتي هذه الإجراءات بسبب تأخر هذه الدول في تحديث قوانينها الوطنية الخاصة بخدمات الدفع، وهي التعديلات التي تهدف إلى تمكين مزوّدي الخدمات المالية غير المصرفية، مثل شركات التكنولوجيا المالية (Fintech) ومؤسسات النقود الإلكترونية، من دخول أنظمة الدفع الأوروبية والمنافسة فيها.

مهلة أخيرة قبل التصعيد
وفي النهاية، منحت المفوضية الدول المعنية مهلة تمتد لشهرين لتقديم ردودها وتوضيح أسباب التأخير أو المخالفة، قبل أن تُقرر ما إذا كانت ستتخذ مزيدًا من الخطوات القانونية ضدها.
ويعتقد الخبراء أن إحالة اليونان إلى محكمة العدل الأوروبية تكشف عن معضلة أعمق من مجرد خلاف ضريبي؛ فهي تعكس التوتر الدائم بين سلطة بروكسل المركزية ورغبة الدول الأعضاء في الحفاظ على قدر من السيادة الاقتصادية.
وبينما ترى المفوضية أن الالتزام الصارم بالقواعد الموحدة ضرورة لحماية السوق الأوروبية المشتركة، تعتبر بعض الدول أن التطبيق الحرفي لهذه القواعد قد يهدد مصالحها الوطنية، خاصة في المناطق الحدودية الحساسة.
ومع تصاعد القضايا المشابهة ضد عدة دول أوروبية، يبدو أن الاتحاد يدخل مرحلة جديدة من إعادة تعريف العلاقة بين المركز والأطراف، حيث تُختبر حدود التكامل الأوروبي أمام ضرورات السياسة الداخلية.ش