رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
أي إرث ستتركه نانسي بيلوسي في الكونغرس الأمريكي؟
كانت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي والمدافعة عن حق المرأة في الاقتراع، الخميس الماضي للكونغرس الأمريكي الأخيرة من نوعها.
فقد قررت التنحي عن دورها القيادي الذي شغلته على مدار عقدين تقريباً، استعرضت خلالهما براعتها القيادية وحنكتها في إدارة جيشها من الديمقراطيين، إذ سيطرت على مجموعة متنوعة وطائشة في بعض الأحيان في الأفراح والأحزان، حسب صحيفة “بوسطن غلوب” الأمريكية في افتتاحيتها. وقالت الصحيفة: “جعل هذا المزيج القوي بيلوسي علامة يستنير بها الجمهوريون الذين راقَ لهم أكثر من أي شيء أن يصوروها “بُعبُع” السياسة الأمريكية، إذ جمعوا ملايين الدولارات بفضل الإعلانات التي شيطنتها. ما جعلها قوةً لا يُستهان بها في أعين التقدميين داخل حزبها. لكن الأهم أنه جعلها واحدةً من أكثر رؤساء البرلمان الأمريكي فعاليةً وكفاءةً على الإطلاق».
وأضافت “أسفرت انتخابات التجديد النصفي عن أصغر الانتصارات للجمهوريين. لكن وعلى صغرها، فقد قُدرَ لها أن تجلب تغييراً في القيادة إذ يستعد زعيم الأقلية الحالية كيفين مكارثي لتولي رئاسة مجلس النواب وإنجاز أصعب المهام على الإطلاق، تنظيم الحزب الجمهوري المُنقسم في المجلس».
وتابعت الصحيفة “هذا يعني أن الأيام المقبلة في الكونغرس الأمريكي، التي ستشهد حكومةً مُنقسمة، ستكون محفوفة بالمخاطر” وتضيف “لذلك، قصدت بيلوسي مجلس النواب لتحشد قواتها للمرة الأخيرة، ولتذكرهم بأن الديمقراطية الأمريكية مهيبة، لكنها في الوقت عينه هشّة. وشهدَ كثيرون منا هشاشتها بأنفسهم. ولذلك لا بد من الدفاع عن الديمقراطية إلى الأبد والذود عنها في مواجهة الذين يحاولون المساس بها».
في يوم الانتخابات، وقف الناخبون “في خنادق الدفاع ونبذوا العنف والتمرد”، ورفضوا المشككين في الانتخابات.
وأعلنت بيلوسي نيتها الاستمرار في شغل مقعدها في سان فرانسيسكو، بعد إعادة انتخابها، غير أنها ذَكَرَت أيضاً أن “لكل شيء وقت مناسب».
وقالت بيلوسي: “بالنسبة لي، آن الأوان ليقود جيل جديد التجمُّع الديموقراطي الذي أكنّ له كل الاحترام والتقدير. وإني ممتنة لاستعداد كثيرين لتحمل هذه المسؤولية الرائعة».
ولم يقع اختيارها على خلفٍ، ولكن كان هناك إجماع منذ فترة طويلة على أنه بعد أن كسرت الحواجز بوصفها أول امرأة تشغل منصب رئيس البرلمان، يجب أن يستمر هذا الاتجاه. وهناك جيل جديد من القادة ينتظر في أجنحة الكونغرس الأمريكي، أبرزهم النائب هاكيم جيفريز، 52 عاماً، من ولاية نيويورك، الذي انتُخبَ في 2012، وهو عضو كتلة النواب السود في الكونغرس. وقيل إن جيفريز خَلَف محتمل لبيلوسي منذ أن فاز بمنصب قيادي في 2018.
ومن المؤكد أن النائب كاثرين كلارك 59 عاماً، من ولاية ماساتشوستس، التي شغلت المنصب القيادي الرابع في 2013، وبيت أغيلار، 43 عاماً من ولاية كاليفورنيا الذي انضمّ إلى الفريق القيادي للديمقراطيين في 2015، مرشحان مؤهلان للمنصب.
وحين كانت بيلوسي تُعانق زملاءها في المجلس، كان رجلها الثاني، النائب ستيني هوير، 83 عاماً، من ولاية ميريلاند، يُعلن أنه لن يترشح لقيادة الأقلية، وأنه سيدعم جيفريز. ويُزعم أيضاً أن زميله الثمانينيّ جيمس كلايبورت، من ولاية ساوث كارولاينا، وهو ثالث أبرز رجالات حزب الأغلبية، من مشجعي جيفريز.
الجيل الجديد
ومضت الصحيفة تقول إن الجيل الجديد من القادة لا يفتقر إلى أصحاب المواهب، ولا شك أن طاقاتهم وقدراتهم على التحمل ستُختبَر في جلسة البرلمان المقبلة.
وأضافت الافتتاحية “لم يكن يفترض أن يكون إعلان بيلوسي التنحي مفاجأةً، حتى في عالمَ السياسة الغريب في واشنطن. في كل الأحوال، فإن الانتماء إلى حزب الأغلبية ليس أمراً ممتعاً. والاعتداء على بول، زوج رئيسة مجلس النواب، بمطرقة كشف لها الطبيعة المتغيرة لهذه الحقبة السياسية الجديدة».
وقالت بيلوسي لآندرسون كوبر الصحافي في شبكة “سي إن إن” في مقابلة بُثت يوم الإثنين الماضي: “بالنسبة لي، هذا هو الشق الصعب حقاً لأن بول لم يكن هدفاً من قبل قط، وهو الآن الذي يدفع الثمن».
الرحيل عن القمة
في عالم السياسة، لا شيء يُضاهي الرحيل عندما يكون المرء على القمة، وهو القرار الذي اتخذته بيلوسي، بعد أن ساعدت على إصلاح منظومة الرعاية الصحية عبر مجلس النواب تحت إدارة أوباما، وتمرير مشاريع قوانين سياسية محلية بـ 5 تريليونات دولار تحت إدارة بايدن في العامين الماضيين. وقادت مجلس النواب خلال محاولتي عزل الرئيس دونالد ترامب، وحافظت على إدارته خلال الجائحة، وصمدت في مواجهة تمرد، وأنشأت لجنة للحيلولة دون تمرد جديد.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: “خدمت نانسي بيلوسي حزبها وشعبها أيضاً. وهي راحلة تاركة إرثاً لا يتمثل في مشاريع القوانين مُررَت فقط، بل في الحواجز التي كسرتها، لا لنفسها، وإنما للذين سيأتون بعدها في العام والأعوام المُقبلة».