رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
انتشار الكراهية ومُعجم الحكومة عنيف:
إثيوبيا: مخاوف من «السيناريو الرواندي»...!
-- لبس أبي أحمد، جلد أمراء الحرب، ليحقّق وعد والدته بأن يصبح الملك السابع لإثيوبيا أيا كان الثمن
-- من تاريخ دموي ممتد، تستمد الأحقاد القديمة جذور بقائها
-- أودى القتال بحياة الآلاف، وشرد ما لا يقل عن مليوني شخص
-- تجرّد الحكومة خصومها من إنسانيتهم، وفي هذا سمة من سمات مناخ ما قبل الإبادة الجماعية
-- حالة الطوارئ، التي أُعلنت في 2 نوفمبر في مواجهة تقدم المعارضين، تسهّل الاستهداف العرقي
بعد عام من القتال بين الجيش الفيدرالي ومتمردي تيغراي، يحذّر العديد من المراقبين من بدايات إبادة جماعية... مخيف.
في رواندا، لا يزال يطلق عليها اسم “راديو تيلي لا مور”... قناة 106 إف إم، سنة 1994. بين عنوانين رومبا، يقرا مقدمو البرامج، قائمة اليوم للتوتسي المراد ذبحهم. “اقتلوا كل الصراصير!” يأمر صوت... “تعالوا وابتهجوا، يا أصدقائي”، يردد آخر، مهنئا القوات المسلحة الرواندية على مهمتها البشعة.
وفي كيغالي، تسببت كلمات محطة راديو ميل كولين، في مقتل الناس: مدية في يد، وترانزستور في الأخرى، أباد مرتكبو الإبادة الجماعية، في ثلاثة أشهر، 800 ألف شخص، معظمهم من التوتسي... لمجرد أنهم من التوتسي.
بعد سبعة وعشرين عامًا، ينتظر شبح الإبادة الجماعية إقليمًا مجاورًا: إثيوبيا، ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في إفريقيا (115 مليون نسمة)، وهي دولة محورية على حدود القرن الأفريقي والخليج وشمال إفريقيا. اعتقدت العواصم الغربية أنها مستقرة، بفضل أبي أحمد، رئيس وزرائها منذ عام 2018.
الى ان أشعل “رجل الثقة” الجديد هذا المتوّج بجائزة نوبل للسلام -لتوقيعه اتفاق سلام مع إريتريا المجاورة -أشعل، في نوفمبر 2020، فتيل حرب بين الأشقاء، بين الجيش الفيدرالي والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، متمردون من شمال البلاد. وقد أودى القتال حتى الان بحياة الآلاف، وشرّد ما لا يقل عن مليوني شخص.
فيسبوك أغرقته
رسائل الكراهية
وهذه المرة، ينتشر زارعو الكراهية على الشبكات الاجتماعية، بدافع من الحكومة الاثيوبية، وهي نفسها تستخدم مُعجما شديد العنف تجاه “أعدائها” حيث يُطلق عليهم “الجرذان” أو “السرطان” أو “الأعشاب الضارة”. وهذا التجريد من الإنسانية، وهو سمة من سمات مناخ ما قبل الإبادة الجماعية، يثير مخاوف العديد من المراقبين.
ولم تتردد السفيرة الأمريكية السابقة في أديس أبابا من 2013 إلى 2016، باتريشيا هاسلاش، في التحدّث، في صحيفة نيويورك تايمز، عن الوضع “الرواندي».
على فيسبوك، تنتشر الرسائل التي تحرض على العنف الجماعي في كلا المعسكرين. الى درجة أن الشبكة، التي تفتقر لوسطاء يجيدون اللغات المحلية بطلاقة، تجاوزتها الامور، كما كشفت تسريبات المبلّغة عن المخالفات فرانسيس هوغن مؤخرًا.
ومن بين الرسائل المتداولة على الشبكة، التي نشرها الصحفي ميساي ميكونين -يتابعه ما يقرب من 145 ألف مستخدم للإنترنت -في نهاية أكتوبر، تنادي الحكومة
: “لم يفت الأوان بعد، يجب أن نجمع أهالي تيغراي غير المرتبطين بالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في معسكرات اعتقال”. ويخلط البعض الآخر، بين التيغراي وبين “الجواسيس”، ويدعون إلى مراقبة واسعة النطاق. ونقرأ في صفحة يتابعها 60 ألف شخص: “الحرب دائما مع من هو جارك».
«إن الصراع يتطور بشكل مقلق، يشير ويليام دافيسون، من مجموعة الأزمات الدولية، وصلت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى منطقة أمهرة حيث سيطرت على أراض، وتهدد الآن الحكومة الفيدرالية. وقد أدى ذلك إلى تزايد الشكوك والاستهداف العرقي ضد المدنيين التيغراي، ليس فقط في منطقتهم الأصلية في الشمال، ولكن في جميع أنحاء إثيوبيا. وايا كانت مشاركتهم، يُنظر إليهم على أنهم متعاونون».
السيناريو مألوف للأسف في هذه الدولة الفيدرالية المقسمة إلى تسع مناطق عرقية لغوية متصارعة، وتخترقها التوترات بين المجموعات منذ عقود. عام 2006، أدين الديكتاتور الماركسي السابق منغستو هايلي مريم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية خلال “الإرهاب الأحمر” (1977-1978). قبله بوقت طويل، سحق الإمبراطور مينليك الثاني، مؤسس إثيوبيا الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر، أي تمرد وفرض هيمنة سياسية على جماعة أمهرة العرقية -ثاني أكبر مجموعة عرقية -استمرت لفترة طويلة.
اعتقالات انتقائيّة
ومن هذا التاريخ الدموي تستمد الأحقاد القديمة جذور بقائها. “الفيدرالية العرقية، التي ولدت في التسعينات، كان من المفترض أن تعمل على إضفاء اللامركزية على السلطة، لكن الكثير من الناس في منطقة الأمهرة يعادونها، لأنهم يرونها كنظام يهمّش مجتمعهم”، يُذكّر ويليام دافيسون.
لا شك أن رئيس الوزراء، وهو ضابط مخضرم سابق، يدرك هذا الماضي الثقيل، فهو الذي ألقى عام 2019 نداءً حيويًا من أجل السلام أمام مؤتمر جائزة نوبل. وقال بصوت هادئ مرتديًا حلة سوداء: “لقضاء ليلة هادئة، يجب أن يقضي جارك ليلة هادئة”. وبمرور عامين تقريبا عن معسول الكلام هذا، طلب نفس الرجل من مواطنيه شجب “الخونة” المدافعين عن قوات التيغراي.
علامة مفزعة: حالة الطوارئ، التي أُعلنت في 2 نوفمبر في مواجهة تقدم المتمردين، تسهّل الاستهداف العرقي. يُطلب من جميع المواطنين حمل بطاقة هويتهم في جميع الأوقات، مما يدل على العضوية المجتمعية. لم تتأخر النتيجة... فقد كشفت منظمة العفو الدولية، في 12 نوفمبر، ان “قوات الأمن في العاصمة أديس أبابا، استهدفت أهالي تيغراي، ولا سيما الأطفال وكبار السن، ونفذت اعتقالات تعسفية واعتقالات جماعية».
كم عددهم؟ من الصعب معرفة ذلك لأن عمل الصحفيين والباحثين معوق في الميدان. وتتحدث بعض المصادر عن آلاف السجناء، والبعض الآخر، بعشرات الآلاف، محتجزين في معسكرات مؤقتة، داخل مراكز تسوّق أو مباني عامة، لعدم توفر أماكن في مراكز الشرطة المزدحمة. ويؤكد كاميرون هدسون، من مركز الأبحاث الأمريكي المجلس الأطلسي، أن “هؤلاء هم الأشخاص الذين لم يرتكبوا أي جريمة في الغالب وتم اعتقالهم فقط بسبب عرقهم... وهذه المؤشرات هي بوادر الإبادة الجماعية».
«إبادة جماعية
يمكن منعها»
«الإبادة الجماعية لها تعريف واضح للغاية”، يدقق رولاند مارشال، الباحث في مدرسة العلوم السياسية بباريس. تصف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 ذلك بأنه فعل “يرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو عرقية أو دينية كليًا أو جزئيًا”. ويمكن أن تشمل هذه الوقائع، من الناحية النظرية، ليس فقط مجازر التيغراي، ولكن أيضا تلك التي ارتكبت ضد المدنيين وميليشيات الأمهرة. وفي الحالتين، يظل من الصعب إثبات “النية” من الناحية القانونية”. من جانبها، تؤكد الحكومة أن السجناء ليسوا مستهدفين بسبب انتمائهم العرقي، ولكن لدعمهم المزعوم للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، يقول صحفي في أديس أبابا.
لكن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة، حتى لا ترتكب نفس الأخطاء التي حدثت في رواندا. إن الأمر يتعلق بمنع “إبادة جماعية يمكن تفاديها”، كما كتبت شيدي أنسلم أودينكالو، أستاذة القانون الدولي.
ماذا ستفعل السفارات الأجنبية إذا تأكد هذا السيناريو المروع؟ أوصت عدة دول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، رعاياها بمغادرة إثيوبيا. وأرسلت واشنطن وزير خارجيتها، أنتوني بلينكين، إلى كينيا ونيجيريا في منتصف نوفمبر لتشجيع الوساطة الأفريقية. وهو نهج قالت باريس، المنزعجة من التشكيل السريع للميليشيات والانتهاكات العديدة المرتكبة من كلا الجانبين، إنها تشجعه. “لقد حافظنا على حوار منتظم مع السلطات الإثيوبية”، يقول الإليزيه، الذي لا يخفي تشاؤمه. ومن الواضح أن صوت فرنسا ليس له وزن كبير.
في الواقع، يظل تأثيرها، مثل تأثير الأوروبيين أو الأمريكيين، محدودًا. “لطالما ادعت إثيوبيا أنها لم تتعرّض للاستعمار أبدًا، وهي مرتبطة بشدة باستقلالها”، يشير رولاند مارشال. ولا يبدو أن أبي أحمد، الذي ارتدى البزّة العسكرية لقيادة قواته بنفسه، مستعد للسماح لأي شخص بالوقوف في طريقه. في أنقى تقاليد الأباطرة الإثيوبيين، ها هو في جلد أمراء الحرب ليحقق أخيرًا المصير الذي وعدته به والدته، عندما كان في السابعة من عمره: “ابني، ستصبح الملك السابع لإثيوبيا”... مهما كانت التكلفة والثمن.
-- من تاريخ دموي ممتد، تستمد الأحقاد القديمة جذور بقائها
-- أودى القتال بحياة الآلاف، وشرد ما لا يقل عن مليوني شخص
-- تجرّد الحكومة خصومها من إنسانيتهم، وفي هذا سمة من سمات مناخ ما قبل الإبادة الجماعية
-- حالة الطوارئ، التي أُعلنت في 2 نوفمبر في مواجهة تقدم المعارضين، تسهّل الاستهداف العرقي
بعد عام من القتال بين الجيش الفيدرالي ومتمردي تيغراي، يحذّر العديد من المراقبين من بدايات إبادة جماعية... مخيف.
في رواندا، لا يزال يطلق عليها اسم “راديو تيلي لا مور”... قناة 106 إف إم، سنة 1994. بين عنوانين رومبا، يقرا مقدمو البرامج، قائمة اليوم للتوتسي المراد ذبحهم. “اقتلوا كل الصراصير!” يأمر صوت... “تعالوا وابتهجوا، يا أصدقائي”، يردد آخر، مهنئا القوات المسلحة الرواندية على مهمتها البشعة.
وفي كيغالي، تسببت كلمات محطة راديو ميل كولين، في مقتل الناس: مدية في يد، وترانزستور في الأخرى، أباد مرتكبو الإبادة الجماعية، في ثلاثة أشهر، 800 ألف شخص، معظمهم من التوتسي... لمجرد أنهم من التوتسي.
بعد سبعة وعشرين عامًا، ينتظر شبح الإبادة الجماعية إقليمًا مجاورًا: إثيوبيا، ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في إفريقيا (115 مليون نسمة)، وهي دولة محورية على حدود القرن الأفريقي والخليج وشمال إفريقيا. اعتقدت العواصم الغربية أنها مستقرة، بفضل أبي أحمد، رئيس وزرائها منذ عام 2018.
الى ان أشعل “رجل الثقة” الجديد هذا المتوّج بجائزة نوبل للسلام -لتوقيعه اتفاق سلام مع إريتريا المجاورة -أشعل، في نوفمبر 2020، فتيل حرب بين الأشقاء، بين الجيش الفيدرالي والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، متمردون من شمال البلاد. وقد أودى القتال حتى الان بحياة الآلاف، وشرّد ما لا يقل عن مليوني شخص.
فيسبوك أغرقته
رسائل الكراهية
وهذه المرة، ينتشر زارعو الكراهية على الشبكات الاجتماعية، بدافع من الحكومة الاثيوبية، وهي نفسها تستخدم مُعجما شديد العنف تجاه “أعدائها” حيث يُطلق عليهم “الجرذان” أو “السرطان” أو “الأعشاب الضارة”. وهذا التجريد من الإنسانية، وهو سمة من سمات مناخ ما قبل الإبادة الجماعية، يثير مخاوف العديد من المراقبين.
ولم تتردد السفيرة الأمريكية السابقة في أديس أبابا من 2013 إلى 2016، باتريشيا هاسلاش، في التحدّث، في صحيفة نيويورك تايمز، عن الوضع “الرواندي».
على فيسبوك، تنتشر الرسائل التي تحرض على العنف الجماعي في كلا المعسكرين. الى درجة أن الشبكة، التي تفتقر لوسطاء يجيدون اللغات المحلية بطلاقة، تجاوزتها الامور، كما كشفت تسريبات المبلّغة عن المخالفات فرانسيس هوغن مؤخرًا.
ومن بين الرسائل المتداولة على الشبكة، التي نشرها الصحفي ميساي ميكونين -يتابعه ما يقرب من 145 ألف مستخدم للإنترنت -في نهاية أكتوبر، تنادي الحكومة
: “لم يفت الأوان بعد، يجب أن نجمع أهالي تيغراي غير المرتبطين بالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في معسكرات اعتقال”. ويخلط البعض الآخر، بين التيغراي وبين “الجواسيس”، ويدعون إلى مراقبة واسعة النطاق. ونقرأ في صفحة يتابعها 60 ألف شخص: “الحرب دائما مع من هو جارك».
«إن الصراع يتطور بشكل مقلق، يشير ويليام دافيسون، من مجموعة الأزمات الدولية، وصلت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى منطقة أمهرة حيث سيطرت على أراض، وتهدد الآن الحكومة الفيدرالية. وقد أدى ذلك إلى تزايد الشكوك والاستهداف العرقي ضد المدنيين التيغراي، ليس فقط في منطقتهم الأصلية في الشمال، ولكن في جميع أنحاء إثيوبيا. وايا كانت مشاركتهم، يُنظر إليهم على أنهم متعاونون».
السيناريو مألوف للأسف في هذه الدولة الفيدرالية المقسمة إلى تسع مناطق عرقية لغوية متصارعة، وتخترقها التوترات بين المجموعات منذ عقود. عام 2006، أدين الديكتاتور الماركسي السابق منغستو هايلي مريم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية خلال “الإرهاب الأحمر” (1977-1978). قبله بوقت طويل، سحق الإمبراطور مينليك الثاني، مؤسس إثيوبيا الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر، أي تمرد وفرض هيمنة سياسية على جماعة أمهرة العرقية -ثاني أكبر مجموعة عرقية -استمرت لفترة طويلة.
اعتقالات انتقائيّة
ومن هذا التاريخ الدموي تستمد الأحقاد القديمة جذور بقائها. “الفيدرالية العرقية، التي ولدت في التسعينات، كان من المفترض أن تعمل على إضفاء اللامركزية على السلطة، لكن الكثير من الناس في منطقة الأمهرة يعادونها، لأنهم يرونها كنظام يهمّش مجتمعهم”، يُذكّر ويليام دافيسون.
لا شك أن رئيس الوزراء، وهو ضابط مخضرم سابق، يدرك هذا الماضي الثقيل، فهو الذي ألقى عام 2019 نداءً حيويًا من أجل السلام أمام مؤتمر جائزة نوبل. وقال بصوت هادئ مرتديًا حلة سوداء: “لقضاء ليلة هادئة، يجب أن يقضي جارك ليلة هادئة”. وبمرور عامين تقريبا عن معسول الكلام هذا، طلب نفس الرجل من مواطنيه شجب “الخونة” المدافعين عن قوات التيغراي.
علامة مفزعة: حالة الطوارئ، التي أُعلنت في 2 نوفمبر في مواجهة تقدم المتمردين، تسهّل الاستهداف العرقي. يُطلب من جميع المواطنين حمل بطاقة هويتهم في جميع الأوقات، مما يدل على العضوية المجتمعية. لم تتأخر النتيجة... فقد كشفت منظمة العفو الدولية، في 12 نوفمبر، ان “قوات الأمن في العاصمة أديس أبابا، استهدفت أهالي تيغراي، ولا سيما الأطفال وكبار السن، ونفذت اعتقالات تعسفية واعتقالات جماعية».
كم عددهم؟ من الصعب معرفة ذلك لأن عمل الصحفيين والباحثين معوق في الميدان. وتتحدث بعض المصادر عن آلاف السجناء، والبعض الآخر، بعشرات الآلاف، محتجزين في معسكرات مؤقتة، داخل مراكز تسوّق أو مباني عامة، لعدم توفر أماكن في مراكز الشرطة المزدحمة. ويؤكد كاميرون هدسون، من مركز الأبحاث الأمريكي المجلس الأطلسي، أن “هؤلاء هم الأشخاص الذين لم يرتكبوا أي جريمة في الغالب وتم اعتقالهم فقط بسبب عرقهم... وهذه المؤشرات هي بوادر الإبادة الجماعية».
«إبادة جماعية
يمكن منعها»
«الإبادة الجماعية لها تعريف واضح للغاية”، يدقق رولاند مارشال، الباحث في مدرسة العلوم السياسية بباريس. تصف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 ذلك بأنه فعل “يرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو عرقية أو دينية كليًا أو جزئيًا”. ويمكن أن تشمل هذه الوقائع، من الناحية النظرية، ليس فقط مجازر التيغراي، ولكن أيضا تلك التي ارتكبت ضد المدنيين وميليشيات الأمهرة. وفي الحالتين، يظل من الصعب إثبات “النية” من الناحية القانونية”. من جانبها، تؤكد الحكومة أن السجناء ليسوا مستهدفين بسبب انتمائهم العرقي، ولكن لدعمهم المزعوم للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، يقول صحفي في أديس أبابا.
لكن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة، حتى لا ترتكب نفس الأخطاء التي حدثت في رواندا. إن الأمر يتعلق بمنع “إبادة جماعية يمكن تفاديها”، كما كتبت شيدي أنسلم أودينكالو، أستاذة القانون الدولي.
ماذا ستفعل السفارات الأجنبية إذا تأكد هذا السيناريو المروع؟ أوصت عدة دول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، رعاياها بمغادرة إثيوبيا. وأرسلت واشنطن وزير خارجيتها، أنتوني بلينكين، إلى كينيا ونيجيريا في منتصف نوفمبر لتشجيع الوساطة الأفريقية. وهو نهج قالت باريس، المنزعجة من التشكيل السريع للميليشيات والانتهاكات العديدة المرتكبة من كلا الجانبين، إنها تشجعه. “لقد حافظنا على حوار منتظم مع السلطات الإثيوبية”، يقول الإليزيه، الذي لا يخفي تشاؤمه. ومن الواضح أن صوت فرنسا ليس له وزن كبير.
في الواقع، يظل تأثيرها، مثل تأثير الأوروبيين أو الأمريكيين، محدودًا. “لطالما ادعت إثيوبيا أنها لم تتعرّض للاستعمار أبدًا، وهي مرتبطة بشدة باستقلالها”، يشير رولاند مارشال. ولا يبدو أن أبي أحمد، الذي ارتدى البزّة العسكرية لقيادة قواته بنفسه، مستعد للسماح لأي شخص بالوقوف في طريقه. في أنقى تقاليد الأباطرة الإثيوبيين، ها هو في جلد أمراء الحرب ليحقق أخيرًا المصير الذي وعدته به والدته، عندما كان في السابعة من عمره: “ابني، ستصبح الملك السابع لإثيوبيا”... مهما كانت التكلفة والثمن.