إلى متى ستدوم العلاقة المميزة بين بوتين وأردوغان؟
رأى محلل شؤون السياسات الخارجية لروسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا نيكولا ميكوفيتش، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقوم بتسليح ودعم أوكرانيا علناً وحتى بإذلال موسكو علناً.. مع ذلك، ليس أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خيار سوى إطلاق الاستنكار.. بشكل معاكس، إن تركيا عنصر حاسم لأهداف بوتين.
كتب ميكوفيتش في “معهد لوي” الأسترالي أن أردوغان قرر هذا الأسبوع، السماح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باستعادة خمسة قادة من فوج آزوف احتجزتهم روسيا في مايو (أيار) 2022 بعد معركة ماريوبول، وكانوا لاحقاً جزءاً من اتفاقية تبادل للأسرى بوساطة تركية.. بينما يندد الكرملين بفوج آزوف ويصفه بأنه “نازي” ومنظمة إرهابية. في روسيا، تم تصوير قرار السماح لقادته بالعودة إلى أوكرانيا على أنه “طعنة تركية أخرى في الظهر”، على عكس المئات من مقاتلي آزوف الآخرين الذين تم إطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن صديق بوتين فيكتور ميدفيدشوك في سبتمبر (أيلول) 2022، تم “إجلاء” القادة الخمسة إلى تركيا، حيث كان من المفترض أن يبقوا هناك حتى نهاية الحرب.
حبل مشدود
قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن “عودة قادة آزوف من تركيا إلى أوكرانيا ليست أكثر من انتهاك مباشر لبنود الاتفاقات الحالية”، وأضاف أن الإفراج جاء “نتيجة لضغوط شديدة من حلفاء تركيا في الناتو».
هذا الجهد لصرف بعض اللوم عن تصرفات أردوغان، مع استمرار بيسكوف في التأكيد على أن موسكو تخطط للحفاظ على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع أنقرة، يشيران إلى الحبل المشدود الذي تمشي عليه روسيا، تأمل موسكو في أن ترى تركيا تتحول إلى مركز إقليمي للغاز.. والأهم من ذلك، تظل تركيا ملاذاً آمناً للأوليغارشيين الروس الذين نبذهم الغرب.
تأثير آخر
كل هذا يفسر السبب وراء ترجيح ميكوفيتش عدم موافقة بوتين مطلقاً، على تهديد مجلس الاتحاد الروسي بشأن إضافة تركيا إلى قائمة “الدول غير الصديقة”.. إن عودة قادة آزوف الخمسة إلى أوكرانيا، حيث سيواصلون القتال ضد القوات الروسية، يمكن أن يكون لها تأثير آخر على حكم بوتين بعد فترة وجيزة من تمرد يفغيني بريغوجين المجهض.
وقد يشكك “المتشددون” الروس بشكل متزايد في “علاقة بوتين الخاصة” مع “صديقه العزيز” أردوغان.
شريان حياة
في الوقت الحالي، من شبه المؤكد أن يواصل الكرملين التعامل مع أنقرة كالمعتاد، لم ترد وزارة الخارجية الروسية على لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 7 يوليو (تموز) مع الزعيم المنفي لتتار القرم مصطفى كريم أوغلو في إسطنبول، لا يبدو أن موسكو مستعدة لاتخاذ أي خطوات قد تؤثر على تعاونها مع أنقرة. تقدم تركيا أيضاً شريان حياة اقتصادياً إضافياً، على الرغم من أن روسيا هددت مراراً بتعليق مشاركتها في مبادرة حبوب البحر الأسود (المعروفة أيضاً باسم اتفاق الحبوب)، ناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الأسبوع الاتفاق مع فيدان.. ويمكن لـ”بادرة حسن نية”، كما تحب موسكو وصفها، أن تمدد الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها بحرية عبر موانئ البحر الأسود إلى تركيا، لكن حتى إذا انسحب الكرملين من الاتفاق فهذا لا يعني بالضرورة أنه سيفرض حصاراً على البحر الأسود.
مخاوف
حسب الكاتب، يدرك صناع السياسة في موسكو تماماً أنه يمكن أن تستمر كييف وأنقرة ببساطة في تنفيذ الاتفاق من دون مشاركة روسية، وإذا انسحبت روسيا منه فثمة مخاوف في موسكو من أن تبدأ البحرية التركية من جانب واحد في ضمان سلامة ممر البحر الأسود.. مثل هذه النتيجة ستمثل إهانة أخرى للكرملين، ولكن من غير المحتمل أن تجرؤ روسيا على إغراق السفن التركية، فأنقرة عضو في حلف شمال الأطلسي في نهاية المطاف.
وهذا يترك إمكانية وجود البحرية التركية في المياه الإقليمية لأوكرانيا، وحتى فرصة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة عبر البحر، وتقوم تركيا بالفعل بتزويد أوكرانيا بطائرات قتالية من دون طيار وأنظمة إطلاق صواريخ ومركبات مدرعة، من بين معدات عسكرية أخرى، كما قالت شركة الدفاع التركية بايكار إنها ستبني مصنعاً للطائرات من دون طيار في أوكرانيا، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في 2025.
نفوذ متزايد
أشار ميكوفيتش في الختام إلى أنه من الواضح كيف أعطت الهزيمة الروسية في أوكرانيا تركيا نفوذاً متزايداً على روسيا، يمتلك أردوغان اليد العليا ويقال إن الرئيس الروسي لا يزال يرى الرئيس التركي على أنه “رجل يلتزم بكلمته”، بالرغم من الملحمة حول قادة فوج آزوف وكذلك التعاون العسكري التركي مع أوكرانيا، قبل بوتين دعوة أردوغان لزيارة تركيا الشهر المقبل.