احتمالات تفعيل الاتفاق النووي تتراجع ... هذه خيارات خطة بديلة

احتمالات تفعيل الاتفاق النووي تتراجع ... هذه خيارات خطة بديلة


نظراً إلى المخاطر التي يشكلها انهيار المحادثات بشأن استعادة الاتفاق النووي الإيراني، رسمت كلسي دافنبورت، المسؤولة في منظمة “آرمز كونترول أسوسييشن”، خيارات للخطة البديلة التي يجب أن تعمل عليها الولايات المتحدة وغيرها من الموقّعين على الصفقة. وكتبت دافنبورت، في تحليل لمعهد “رويال يونايتد سيرفسيز” البريطاني  RUSI، أنه بينما يعرب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي عن دعمه لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015 ، تنخفض احتمالات إحياء الاتفاقية بشكل متزايد. وتُشير تصريحات طهران إلى أن رئيسي سيرفض التقدم الذي أحرزه سلفه، كما تُثير التحذيرات الأمريكية بأن نافذة الدبلوماسية لإحياء الصفقة لن تظل مفتوحة إلى أجل غير مسمى، المخاوف من أن جهود استعادة الامتثال الأمريكي والإيراني للاتفاق قد تفشل.
على الرغم من أن استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة هي الخيار الأفضل لدرء أزمة نووية وتخفيف العقوبات عن إيران، فإن التقديرات الخاطئة تستلزم التفكير في خطة بديلة.
إذا انهارت المحادثات لإعادة احياء الاتفاق، ولم يكن هناك أمل في إحياء الاتفاقية، فإن التداعيات ستكون كبيرة. ورغم أن طهران لن تسعى علناً للحصول على أسلحة نووية، فمن المرجّح أن تستمرّ إيران باتخاذ خطوات لزيادة نفوذها والرد على أي تصعيد.
ومن الخطوات المحتملة:
• أن تُقدم إيران على زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وإدخال أجهزة طرد مركزي أكثر كفاءة للتخصيب.
• يعرّض انخفاض الشفافية مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للخطر، بحيث ترتفع التعقيدات لتقييم الاختراق، وبالتالي الحد من وصول مفتشي الوكالة الدولية إلى الأنشطة الإيرانية، ما قد يؤدي، بدوره، إلى تصعيد التوترات ويكون له تأثير سلبي على أي اتفاقيات نووية مستقبلية.
• تتحدّى طهران التقييمات حول مخاطر انتشار الأسلحة النووية الإيرانية. وتستخدم مجموعة من أنشطة التسلّح المحظورة حالياً بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، بذريعة الضرورة النووية المدنية أو أغراض عسكرية غير نووية. تمنح هذه العوامل طهران هيمنة على المدى القصير، وتزيد من خطر الضربات العسكرية و- أو الهجمات التخريبية ضد منشآتها النووية. قد يدفع هجوم واسع النطاق طهران إلى التفكير في التخلّي عن التزاماتها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والسعي للحصول على أسلحة نووية من أجل ردع المزيد من الهجمات.

نظراً للمخاطر التي يفرضها انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة، من المهم للولايات المتحدة ومجموعة دول 1+4، الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، أن يكون لديهم خطة بديلة إذا فشلت المحادثات لاستعادة الاتفاق النووي.

من المحتمل أن تأخذ الولايات المتحدة وأوروبا في الاعتبار ضغط العقوبات والعزلة إلى جانب الدبلوماسية. ومع ذلك، ستكون هذه الاستراتيجية صعبة وستستغرق وقتاً طويلاً لإعادة تشكيلها ولو جزئياً. حيث تضاءلت مصداقية الولايات المتحدة لناحية رفع العقوبات بسبب قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة بينما كانت إيران تمتثل للاتفاق. كما لم يتبق سوى القليل من الفرص لزيادة الضغط الاقتصادي، بينما يبدو رئيسي أقل اهتماماً بالعلاقات مع الغرب.

كما ستُصبح هذه الاستراتيجية أكثر صعوبة بدون الدعم الروسي والصيني، نظراً لعلاقاتهما الاقتصادية القوية مع إيران وتأثيرهما عليها. ففي حين أن كليهما يدعم استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أن موقفهما “غير واضح” في حال فشلت تلك الجهود. وقد يعتمد دعمهما على الطريقة التي تنهار فيها المحادثات. فإذا اعتُبرت إيران الطرف المتصلّب، وسعت إلى إعادة التفاوض انطلاقاً من التقدم الذي تمّ إحرازه قبل توقف المحادثات في يونيو -حزيران، فقد تميل روسيا والصين إلى دعم الجهود الدولية للضغط على إيران لاستئناف المحادثات. ومع ذلك، إذا اعتبرا أن الولايات المتحدة ومجموعة E3 (المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) تتخذان إجراءات تعيق التقدم في استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، سينخفض احتمال دعمهما لاستراتيجية تركز على العقوبات. قد يكون الخيار الأفضل هو توجيه المفاوضات نحو اتفاقية مؤقتة أو ترتيب يُقلّل من الأنشطة الإيرانية في مقابل تخفيف عقوبات معينة. وقد يشمل ذلك اتخاذ إيران خطوات لاستعادة أنشطة مراقبة معينة، وتعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 5%، وتعليق تطوير أجهزة الطرد المركزي، ومعدن اليورانيوم. في المقابل، يمكن أن تحصل إيران على تخفيض محدود للعقوبات في المجالات التي من شأنها أن توفر فوائد بسرعة، مثل الإفراج عن الأصول المالية ومبيعات النفط، واستئناف التعاون النووي.


ويمكن اتخاذ هذه الإجراءات من منطلق أن الاستقرار ومنع حدوث أزمة من شأنه أن يوفّر المزيد من الوقت لمفاوضات جديدة يمكن أن تتجاوز معايير خطة العمل الشاملة المشتركة فيما يتعلق بالأنشطة النووية الإيرانية وتخفيف العقوبات.

كما يمكن أن تشمل الاستراتيجية معالجة القدرات الجديدة التي طوّرتها إيران خلال العام الماضي، والتي قد تُغيّر تفاهمات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة، حول قدرة إيران على السعي للحصول على أسلحة نووية، وإنشاء جداول زمنية جديدة لقيود معينة.

في المقابل، قد تبحث طهران عن إجراءات تتخذها الولايات المتحدة ومجموعة 1+4، من شأنها تخفيف العقوبات، مثل التفاوض على تدابير أمريكية أولية، والالتزام ببعض الاستثمارات والتراخيص. وقد يكون التفاوض على مثل هذه الاتفاقية معقداً، لكنه سيُعيد خطة العمل الشاملة المشتركة إلى هدفها، ويُعالج أوجه القصور فيها، ويقلل من احتمال اندلاع الصراع.