استبعاد 800 مرشح من السباق الانتخابي يثير أزمة في العراق

استبعاد 800 مرشح من السباق الانتخابي يثير أزمة في العراق


رأى مراقبون أن موجة الاستبعادات التي طالت مئات المرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة في العراق تنذر بأزمة ثقة بين القوى السياسية ومفوضية الانتخابات، وسط مخاوف من أن تتحوّل الإجراءات القانونية إلى وسيلة لإقصاء الخصوم قبيل موعد الاقتراع المقرر في الـ11 من نوفمبر-تشرين الثاني المقبل.وقالت نائبة المتحدثة باسم المفوضية، نبراس أبو سودة، إن “عدد المستبعدين لحد الآن هو837 مرشحًا، وجميع الأسباب تتعلق بأهلية المرشح، وأكثرها بسبب المساءلة والعدالة أو القيود الجنائية».
منع تسلل “غير المؤهلين»
وأضافت أبو سودة لـ”إرم نيوز”، أن “قضية الاستبعاد لم تُحسم بشكل نهائي، فحتى قبل المصادقة على النتائج يحق للمفوضية أن تستبعد أي مرشح إذا ظهر مانع من موانع الترشح أو وردت إليها معلومات من الجهات المختصة”، مبينةً أن “المفوضية ملزمة قانونًا بالتعامل مع أي معلومة موثقة، وحتى خلال الحملة الإعلامية يمكن استبعاد المرشح في حال ارتكابه خرقًا واضحًا».وبحسب بيانات المفوضية، فإن عملية التحقق من أهلية المرشحين لا تزال مفتوحة، وتشمل تدقيق الملفات الأمنية والقضائية، إلى جانب فحص الوثائق الدراسية والمالية، إذ تؤكد أن هذه الإجراءات تأتي لضمان نزاهة العملية الانتخابية ومنع تسلل من وصفتهم بـ”غير المؤهلين” إلى السباق البرلماني.لكن في المقابل، يرى متابعون أن العدد الكبير من المستبعدين، والذي تجاوز حاجز الـ800، قد يكشف خللًا في آليات التدقيق أو ضبابية في تطبيق القوانين، خصوصًا تلك المتعلقة بـ”المساءلة والعدالة” التي طالما أثارت الجدل منذ 2003، واستخدمت ـ بحسب مراقبين ـ كأداة لتصفية الحسابات السياسية.
رفض واسع
وأثارت قرارات الاستبعاد الأخيرة موجة جدل واسع في الأوساط السياسية والشعبية، خصوصًا بعد أن طالت شخصيات بارزة معروفة بخطابها المعارض للنفوذ المسلح في الدولة؛ ما فتح الباب أمام تأويلات سياسية متباينة حول طبيعة المعايير التي تعتمدها المفوضية في قراراتها.
واستبعدت المفوضية النائب سجاد سالم المعروف بمواقفه المناهضة للميليشيات، للمرة الثانية، قبل أن يبت القضاء في أمره ويعيده إلى السباق الانتخابي، وهو ما أثار تساؤلات عن مدى وضوح الإجراءات القانونية، وما إذا كانت تُدار وفق معايير ثابتة أم تُخضع لضغوط سياسية داخلية.
ويقول مراقبون إن تكرار مثل هذه القرارات مع شخصيات محددة يوحي بوجود ارتباك داخل مفاصل المفوضية أو تدخلات من خارجها، خاصة أن بعض المستبعدين سبق أن خاضوا الانتخابات الماضية دون اعتراضات؛ ما يعزز الشكوك حول تسييس عملية التحقق من الأهلية. 
أزمة تمثيل
ويبلغ عدد المرشحين المسجلين رسميًّا للانتخابات نحو ثمانية آلاف مرشح يتنافسون على 329 مقعدًا نيابيًّا، في وقت تشير فيه بيانات المفوضية إلى أن 29 مليون عراقي يحق لهم التصويت، لكن 7.6 مليون شخص لا يمكنهم المشاركة بسبب عدم حصولهم على بطاقة بايومترية.
ويحذر خبراء من أن هذا التفاوت الكبير بين عدد الناخبين المسجلين والمستبعدين من التصويت، إلى جانب الإقصاءات السياسية، قد يُنتج برلمانًا لا يعكس التمثيل الحقيقي للشارع العراقي، ويزيد من نسبة العزوف التي يُتوقع أن تتجاوز 60% في بعض المحافظات.ويشير باحثون في الشأن الانتخابي إلى أن استبعاد شخصيات ذات ثقل سياسي، مثل نواب حاليين وسابقين، قد يثير أزمة تمثيل حقيقية، خصوصًا في ظل التنافس المحتدم بين التحالفات الشيعية والسنية والكردية.
وتخضع قرارات الاستبعاد إلى مسارين قانونيين؛ الأول داخل المفوضية نفسها عبر لجان التحقق، والثاني عبر الهيئة القضائية للانتخابات التي تفصل في الطعون خلال مدة محددة، ويؤكد قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2020 أن الطعون يجب أن تُبت خلال 7 أيام من تاريخ الإبلاغ بالقرار.