يمهد الطريق نحو ابتكار استراتيجيات علاجية أكثر دقة

اكتشاف جديد عن السبب الحقيقي وراء التهاب القولون المزمن

اكتشاف جديد عن السبب الحقيقي وراء التهاب القولون المزمن

ثمة اكتشاف علمي سار خرج بها علماء من جامعة غراتس الطبية بالنمسا، حول آلية جديدة تفسر أحد أسباب الالتهاب المزمن في مرض التهاب القولون التقرحي، الذي يفوق عدد المصابين به خمسة 5 ملايين شخص حول العالم.

وهو من أمراض الأمعاء الالتهابية ويتميز بنوبات متكررة من الالتهاب في بطانة القولون، ويصيب بطانة القولون والمستقيم، ويحدث التهابات وتقرحات سطحية في الغشاء المخاطي المبطن للقولون.
وعلى رغم أن أسبابه الدقيقة ظلت عقوداً غير مفهومة، فإن الفريق البحثي الدولي توصل إلى نتائج قال إنها "تمهد الطريق نحو ابتكار استراتيجيات علاجية أكثر دقة، وتساعد في تقليل الالتهاب المزمن لدى المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الحالية أو يعانون انتكاسات متكررة، ونشرت النتائج".
وكشف الفريق البحثي في الدراسة التي نشرت بدورية "Nature Communications"، عن آلية جديدة ومثيرة تسهم في نشوء هذا الالتهاب المزمن. وبعد تحليل عينات من سوائل القولون وأنسجة مرضى القولون التقرحي، اكتشف الباحثون أن البكتيريا الموجودة في الأمعاء لا تؤثر فقط من خلال وجودها المباشر، بل أيضاً من خلال إفرازها حويصلات مجهرية صغيرة تعرف باسم "الحويصلات البكتيرية خارج الخلية" (BEVs).
وتحمل هذه الحويصلات مكونات بكتيرية مثل البروتينات وأجزاء من الحمض النووي ومادة تحفز الالتهاب.

نتائج عكسية
ولوحظ، وفق الدراسة، أن عدداً كبيراً من هذه الحويصلات يكون مغلفاً بنوع من الأجسام المضادة يسمى "IgA"، وهو في الأصل يؤدي دوراً في حماية الأغشية المخاطية من البكتيريا الضارة، إلا أن هذا التغليف، في هذه الحال، يؤدي إلى نتيجة عكسية.
وترتبط هذه الحويصلات المغلفة بـ"IgA" مباشرة بمستقبل خاص على بعض الخلايا المناعية في الأمعاء يدعى "CD89"، وعندما يحدث هذا الارتباط تستجيب الخلايا المناعية بصورة مفرطة، وتطلق استجابة التهابية قوية تؤدي إلى تلف الأنسجة واستمرار الالتهاب في القولون.
وتم التوصل لأول مرة إلى أن الحويصلات البكتيرية الصغيرة، التي كانت تعتبر سابقاً مجرد نفايات خلوية أو أدوات نقل بكتيرية، تؤدي دوراً محورياً في نشوء الالتهاب عند تغليفها بـ"IgA".
حصان طروادة
وشبه الباحثون هذه الآلية بـ"حصان طروادة"، إذ تبدو الحويصلات المغلفة بريئة أو غير ضارة، لكنها في الحقيقة تحمل شحنات التهابية يتم إدخالها إلى الخلايا المناعية من طريق الجسم المضاد "IgA"، مما يؤدي إلى تفاقم الالتهاب.
ولا يستجيب المرضى بشكل جيد للعلاجات التي تستهدف الجهاز المناعي أو يعانون نكسات متكررة. ويفسر الباحثون أن هذه الحويصلات البكتيرية قد تشكل هدفاً علاجياً جديداً، يمكن من خلاله تطوير علاجات تمنع تكون الحويصلات، أو تغليفها بـ"IgA"، أو حتى تعوق تفاعلها مع المستقبل (CD89).
والدراسة، وفق الباحثين، تسلط الضوء على أهمية النظر إلى الميكروبيوم المعوي من زاوية جديدة، ولا تقتصر فقط على نوعية البكتيريا الموجودة، بل تمتد إلى ما تفرزه هذه البكتيريا، وكيفية تفاعل جهاز المناعة مع هذه الإفرازات.
والتهاب القولون المزمن هو مرض يصيب الأمعاء الغليظة، يتمثل في التهاب وتقرحات متكررة في بطانة القولون، ويسبب الإسهال المتكرر وآلام البطن ونزفاً شرجياً وإرهاقاً مستمراً.
 ومن بين أسبابه خلل في جهاز المناعة مع عوامل وراثية وبيئية، ويحتاج المصاب به إلى متابعة طبية وعلاج طويل الأمد للسيطرة على الالتهاب ومنع المضاعفات.