الترحيل الجماعي للأفغان من باكستان يؤجج الاضطرابات

الترحيل الجماعي للأفغان من باكستان يؤجج الاضطرابات

على مدار عقود تعاطت باكستان بسخاء مع اللاجئين الأفغان، إذ استقبلت الذين فروا من الحروب الأهلية في أفغانستان، والغزو السوفيتي عام 1979، والغزو الأمريكي عام 2001، واستيلاء طالبان على السلطة في عام 2021.
وفي هذا الإطار ، قال وهاب رؤوفي، خريج كلية الحقوق في كابول، عملَ في وزارة العدل بأفغانستان في مقال بموقع مجلة "ناشونال إنترست": "كنت أنا وأخي من بين الذين فرّوا من وطننا الأفغاني إلى باكستان بعد الاحتلال السوفيتي، رحَّبَ بنا الشعب الباكستاني بحرارةٍ شديدة، وكنا نُعدُّ من فئة (اللاجئين الذهبيين)، وهو مُصطلح يُطلق على الفارين من الأنظمة الشيوعية، وحالفني الحظ إذ وافقت الدولة على وضعي لاجئاً، مما سمح لي بالانتقال إلى الولايات المتحدة.
 
ترحيل جماعي
غير أن باكستان انهالَ عليها  3 ملايين لاجئاً أفغانيّاً، وأمست حياتهم في خطر، واعتباراً من 1 فبراير (شباط) الماضي، شرعت باكستان في عملية ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وإلى الآن نُفِي ما يقرب من 400 ألف أفغاني، ويواجه أكثر من مليون مصيراً مماثلاً.
وليس أمام اللاجئين أي خيارات إيجابية، وتقول مجلة فورين بوليسي في مقال نشر بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، إن الذين فروا من أفغانستان هرباً من عقود مديدة من الحرب والإرهاب تحولوا إلى بيادق بلا قصد في خضم صراع سياسي قاسٍ بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان، بعد أن تداعت العلاقة التي تربط بينهما.
وحكومة باكستان تزعم أن حركة طالبان تكفل المأوى لجماعة "تحريك إي طالبان باكستان" المُسلحة، وفي النصف الأول من عام 2023، زادت وتيرة الهجمات المُسلحة في جميع أنحاء باكستان بنسبة 80%.
 
العودة تعني الموت المحقق
ومن بين الذين يواجهون خطر الترحيل جنود أفغان سابقون ونشطاء حقوق إنسان ونساء. 
وتجاهلت باكستان حقيقة بالغة الأهمية مفادها أن السواد الأعظم من العائدين قسراً ينتمون إلى مجموعات البشتون العرقية التي تشكل حركة طالبان، ومن الممكن أن يؤدي طرد اللاجئين الأفغان إلى تشجيع حركة طالبان الأفغانية على دعم إخوانهم العرقيين وتوفير أرضٍ خصبة للتجنيد.
ويعتقد كثير من الأفغان أنَّ باكستان قبلت اللاجئين الأفغان تحقيقاً لمصالحها السياسية والاقتصادية، خاصةً المتعلقة بالدولار الأمريكي واقتصاد الحرب.
وبالتزامن مع توقف الحرب في أفغانستان وما تلا ذلك من تراجعٍ للدعم المالي من خصوم الولايات المتحدة بغية طرد الولايات المتحدة من المنطقة، لم تَعُد باكستان ترى أي داع لاستضافة اللاجئين الأفغان على أرضها.
وقال الكاتب: "من المؤسف أن قرار الحكومة الباكستانية بترحيل اللاجئين الأفغان يؤدي إلى تأجيج المشاعر المعادية للباكستانيين، ومن الممكن أن تفضي هذه الخطوة إلى إنشاء ملاذ لحركة طالبان الباكستانية داخل أفغانستان".
ولمواجهة تهديد التطرف، تستطيع باكستان الاستفادة من قوتها الناعمة لإقامة علاقات اقتصادية حقيقية مع الشعب الأفغاني. فاللجوء إلى العقاب الجماعي بترحيل اللاجئين ليس بالحل المثالي.