التلغراف: «فيلق آزوف» الأوكراني سحق تقدم بوتين المفاجئ

التلغراف: «فيلق آزوف» الأوكراني سحق تقدم بوتين المفاجئ


كشفت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن تفاصيل عملية عسكرية أوكرانية نوعية أفشلت توغلاً روسيًا خطيرًا في عمق الأراضي الأوكرانية، وصف بأنه من أعمق الاختراقات منذ تحوّل الحرب إلى معركة استنزاف طويلة الأمد.
وقالت الصحيفة إن القوات الروسية نجحت، يوم 11 أغسطس-آب، في اختراق الدفاعات الأمامية للجيش الأوكراني، وتوغلت لمسافة لا تقل عن ستة أميال خلف خطوط المواجهة، في منطقة دونيتسك الشرقية المتنازع عليها، والتي تمثل إحدى أولويات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفقًا لخرائط معركة محدثة باستمرار من قبل مصادر استخبارات مفتوحة، امتد هذا التقدم الروسي شمالًا عبر عدة قرى في المنطقة، ما أثار مخاوف من احتمال استهداف مدينتي كوستيانتينيفكا أو بوكروفسك، اللتين تمثلان مواقع استراتيجية مهمة لأوكرانيا، سواء من حيث التحصين أم الإمداد اللوجستي.
لكن ما لم تكن موسكو تدركه، هو أن القوات الأوكرانية كانت قد اكتشفت التحرك الروسي قبل انطلاقه فعليًا، وردًا على ذلك، بدأت كييف يوم 12 أغسطس «إجراءات نشطة»، بحسب وصف هيئة الأركان العامة الأوكرانية.
وفي غضون أيام، وجدت القوات الروسية نفسها محاصَرة من قبل «فيلق آزوف»، إحدى أبرز وحدات النخبة في القوات الأوكرانية، ما أدى إلى فشل العملية الروسية بشكل سريع ومكلف، وبحلول 14 أغسطس، أعلنت أوكرانيا استعادة السيطرة الكاملة على الوضع، مؤكدة طرد القوات الروسية من ست قرى كانت قد سيطرت عليها مؤقتًا.
ونقلت «التلغراف» عن جنود أوكرانيين تأكيدهم أن التهديد الذي شكله هذا التوغل لم يعد قائماً، بعد أن تم تحييد عدد كبير من القوات الروسية المتوغلة، لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن موسكو لا تزال مستمرة في إرسال جنودها في مهام يُنظر إليها على أنها انتحارية، في محاولة يائسة لاختبار دفاعات أوكرانيا واختراقها.
وأشارت الصحيفة إلى أن تكتيك روسيا الجديد يعتمد على إرسال مجموعات صغيرة من الجنود، غالبًا على متن دراجات نارية أو كهربائية، لمحاولة اختراق الخطوط الأوكرانية بسرعة، دون تغطية أو دعم ناري كافٍ. وغالبًا ما يتسلل جنديان أو ثلاثة إلى المنازل والأقبية والمباني المدمرة في انتظار تعزيزات، بينما تراقبهم الطائرات المسيّرة الأوكرانية بلا هوادة.
وصف الجندي البريطاني السابق في مشاة البحرية، شون بينر، والذي يخدم حاليًا ضمن «فيلق آزوف»، هذه التكتيكات بـ»المهام الانتحارية»، مؤكدًا أن «لا توجد نقطة واحدة على الجبهة لا تظهر على شاشات الطائرات المسيّرة»، واصفًا شبكة المراقبة الجوية الأوكرانية بأنها «ستار حديدي منيع».
ويُعتقد أن تمكن بعض القوات الروسية من التسلل رغم المراقبة كان نتيجة نقص مؤقت في عدد القوات الأوكرانية، نتيجة عملية تناوب كانت جارية آنذاك.
في المقابل، وثّقت مقاطع فيديو نشرها اللواء الآلي 93، مطاردات جوية لطائرات مسيّرة أوكرانية لاحقت جنودًا روسًا قرب مدينة دوبروبيليا، على دراجات نارية وعلى الأقدام، ما يعكس تعقيد المشهد الميداني وخطورته.
ورغم فشل التوغل، فإن الوضع لا يزال متقلبًا، إذ تُظهر المعلومات الاستخباراتية استخدام روسيا طائرات مسيّرة ثقيلة قادرة على نقل ما يصل إلى 20 كغم من الإمدادات، لدعم مواقعها المتقدمة وتحسين تمركزها جنوب منطقة التماس. وبحسب «فيلق آزوف»، بلغت خسائر القوات الروسية في هذا الهجوم نحو 385 جنديًا، بالإضافة إلى 37 مركبة، بينها مدرعات ودبابات، ما يشير إلى أن العملية جمعت بين تكتيكات حرب العصابات التقليدية وهجمات منظمة. وكان الهدف المباشر للعملية الروسية، وفق الصحيفة، هو السيطرة على طريق دوبروبيليا–كراماتورسك السريع، الذي يُعد شريانًا لوجستيًا بالغ الأهمية، حيث يربط مدينة دوبروبيليا بمدينة كراماتورسك المحاصرة، ما يُمكن روسيا من خنق التحركات الأوكرانية في دونيتسك، ويمنح موسكو ورقة ضغط تفاوضية في محادثاتها مع الولايات المتحدة.
ورأت «التلغراف» أن ظهور «فيلق آزوف» في دوبروبيليا يُعد تطورًا لافتًا، خاصة أن وحدات الفيلق كانت تعمل تاريخيًا قرب خاركيف، وأشارت إلى أن الهيكل الجديد للفيلق، الذي أصبح في أبريل/نيسان «الفيلق الأول للحرس الوطني آزوف»، أتاح له مرونة وانتشارًا أكبر، معززًا قدرته على الاستجابة السريعة والتنسيق الفعّال. وبفضل هذا التحول، لم تعد وحدات الفيلق تعمل بمعزل عن بعضها، بل أصبحت ضمن هيكل قيادي موحد يمكّنها من تنفيذ عمليات تطهير واسعة إذا اقتضى الأمر. وجاء توقيت الهجوم الروسي الفاشل قبل أيام من اجتماع مرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، حيث طالب الكرملين كييف بالتنازل عن منطقة دونباس، التي لا تزال روسيا تسيطر على نحو 88% منها، دون أن تحقق تقدمًا يُذكر في هجومها الصيفي الحالي.