التونسيون يلفظون النهضة ويهدمون مملكة الغنوشي

التونسيون يلفظون النهضة ويهدمون مملكة الغنوشي


طغت أخبار التظاهرات التي خرجت أمس الأول الأحد في شوارع تونس من شمالها إلى جنوبها، على تغطيات الصحف، بعد خروج الآلاف في مسيرات وتجمعات حاشدة في الطرقات والساحات العامة، مُساندة لقرارات رئيس البلاد بتجميد البرلمان، والمطالبة برحيل حركة النهضة ورئيسها نهائياً، والقضاء على الإرهاب، ومحاسبتها ما آلت إليه الأوضاع في تونس طيلة العقد الماضي.
ووفق صحف عربية أمس الاثنين، فإن خطوات قيس سعيد المقبلة ستكون بإطلاق حوار داخلي، بعيداً عن رموز الفساد والإرهاب، خاصةً حركة النهضة، بعد تأكيد الرئيس أن “لا حوار مع الفاسدين».

حاشدة
شهدت ولايات تونس الأربع والعشرين خروج عشرات التظاهرات دعماً للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد منذ أكثر من شهرين، وللمطالبة “بوضع حد نهائي للمنظومة الفاشلة” و”حل البرلمان». وحسب صحيفة الشرق الأوسط، خرج الآلاف في تونس العاصمة، خاصةً في الشارع الرئيسي، هاتفين: “الشعب يريد حل البرلمان” و”كلّنا قيس سعيّد... كلنا تونس”، و”قرارات 25 جويلية (يوليو) ثورة داخل الثورة”، و”إلى الأمام قيس سعيّد».
واحتشد التونسيون في تظاهرات في عشرات المدن، خاصةً في “في محافظات صفاقس، وسط شرق، وسوسة، وسط شرق، وتطاوين، جنوب، وقابس، جنوب شرق، والكاف، شمال غرب».
ورغم دعوات الأحزاب التي كانت تهيمن على المشهد قبل 25 يوليو (تموز) للمقاطعة “أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية المنتمية في معظمها إلى التيار اليساري والتيار القومي مساندتها للتوجه الرئاسي، ودعت أنصارها إلى المشاركة في المسيرات والوقفات بمختلف الولايات لدعم التوجه الإصلاحي الذي انطلق فيه قيس سعيد. وتقود حركة الشعب، قومي، جبهة سياسية داعمة لرئيس الدولة مكونة من حزب التحالف من أجل تونس، وسطي، وحزب التيار الشعبي، قومي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، يسار، وحركة تونس إلى الأمام، يسار».

استثناء الفاسدين
ومن جهتها قالت صحيفة “العرب” اللندنية، إن من المتوقع أن يمضي الرئيس قيس سعيّد في القطع مع الطبقة السياسية الحاكمة في تونس، بإطلاق حوار، مع الفئات الشبابية التي يراهن عليها الرئيس منذ حملته الانتخابية، ولطي صفحة الأحزاب التي أنهكت البلاد طيلة عقد من الزمان.
واعتبر المحلل السياسي محمد ذويب أن الرئيس قد يطلق حواراً لتنفيذ المطالب الشعبية التونسية، لكن بعيداً عن الأحزاب المتهمة بالفساد، خاصةً حركة النهضة وحليفها حزب قلب تونس “لمناقشة النظام الانتخابي، والتصورات السياسية المقبلة في البلاد».

انتهى الدرس
أما موقع “اندبندنت عربية”، فسلط الضوء على التظاهرات الحاشدة التي شهدها الشارع التونسي أمس  رداً على تجمع أنصار حركة النهضة يوم الأحد الماضي في المكان ذاته، والذي لم يصل إلى حجم ومستوى التظاهرات المساندة لقرارات سعيّد.
وفي هذا السياق يقول القيادي اليساري عبيد البريكي: “بالاحتكام للشارع وإلى إرادة الشعب فقد حُسِم الأمر، وانتهى الدرس”، مضيفاً بتنا نفكر في المستقبل».
ويُشير الموقع إلى خروج تظاهرات “في عدة محافظات أخرى على غرار صفاقس، وقابس، وسيدي بوزيد، والمنستير، والكاف، وتوزر، ونابل، وسوسة، وقبلي، والقيروان، وتطاوين وغيرها من المدن في كامل تراب الجمهورية، من الشمال إلى الجنوب، كلها مؤيدة لقرارات قيس سعيّد».
ومن جهتها، تعتقد الناشطة الحقوقية يسرى فراوس، حسب الموقع، أن “النقطة المضيئة في تظاهرة اليوم هي الاجتماع الشعبي حول مسؤولية النهضة في ما آل إليه الأمر. يذكر أن هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اتهمت مباشرة حركة النهضة في الاغتيالات السياسية».

انهيار مملكة
بدوره، قال فاروق يوسف في موقع “ميديل إيست أونلاين”: “لا يزال راشد الغنوشي يتوهم أن في إمكانه إعادة عقارب الساعة التونسية إلى الوراء. لا يصدق الرجل أنه قد هُزم مقابل رئيس سبق وأن وصفه بأنه من غير صلاحيات».
ويضيف “ليس غريباً على الغنوشي أن لا يرى الحقيقة ولا يعترف بالواقع. فالأوهام هي بضاعته الوحيدة التي يعرف أنها بضاعة زائفة. غير أنه في النهاية صار يصدق أوهامه التي كان يبيعها إلى الآخرين ساخراً».
ويورد يوسف، أن الغنوشي، كان “مطمئناً إلى أن بضاعته غير قابلة للجدل أو الرد فهي تستند في إطارها العام إلى لعبة سياسية تستمد قوتها من الدين الذي يخشى البسطاء الاقتراب منه، وتفحصه عن قرب. كما أنه كان مطمئناً إلى أن الدول التي أغرقت جماعات الإسلام السياسي بالدعم لن تتخلى عنه إذا ما حدث له مكروه من أي نوع وبغض النظر عن الجهة التي تقف وراءه.
ولأنه يحب السلطة لم يكتف بالوقوف وراء رجالها والإشراف عليهم وتصريف الشؤون السياسية عن بعد بل اندفع في اتجاه منصب رئاسة مجلس النواب بلهفة مَن يرغب في أن يكون في صدارة المشهد، وأن تُسلط الأضواء عليه. ولو أنه بقي في مكانه مرشداً لجماعته لما انهالت عليه مباشرة مختلف أنواع الاتهامات التي توزعت بين الفساد والإرهاب مروراً بتدمير الدولة».
ويُشدد الكاتب على أن الغنوشي “ليس في إمكانه أن يعترف أنه خسر معركته السياسية في مواجهة الرئيس سعيّد. أيمكن أن يهزمه رجل لم يكن حزبياً في حياته ولم يحترف السياسة وهو الذي يعتبر نفسه خبيراً في اللعبة السياسية بكل ما عُرف عنه من دهاء وتمكن واحتراف؟ وفي ذلك لا يمكن الاستهانة بحجم الصدمة التي تعرض لها الغنوشي وهو يرى مملكته تتهاوى داخل حزبه وخارجه».