رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
إجازة عيد الميلاد مُحمَّلَة بثِقَل رمزي كبير
الرسالة الحقيقية وراء دعوة بوتين لوقف النار
استغلَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عطلة عيد الميلاد الأرثوذكسية لتنفيذ عمليات اتصالات عسكرية على مدار 36 ساعة، بينما تمضى خطط توسعه نطاق حربه في أوكرانيا قدماً.
وفي تقرير لمراسل “فرانس راديو” ببار هاسكي “كان الإعلان عن الهدنة مُدبراً ببراعة. فقد صدرَ الإعلان أولاً على شكل طلب من البطريرك الأرثوذكسي الروسي كيريل المعروف بعلاقته الوطيدة بالكرملين، وقَبِلَه فلاديمير بوتين بنفسه على وجه السرعة. وبناءً عليه، أصدرت روسيا مرسوماً من طرف واحد لوقف إطلاق النار في عيد الميلاد الأرثوذكسي بدايةً من ظُهر الجُمعة حتى منتصف ليل السبت (بالتوقيت المحليّ).
وهذه هي الهدنة الأولى التي أُعلن عنها منذ بداية الغزو الروسي، أي بعد 10 أشهر من بداية الحرب. ولكن هذه الهدنة لا ينبغي أن يُنظر إليها بوصفها مقدمة لأي وقف مديد للأعمال القتالية.
فلا وجود لأي شروط لوقف إطلاق النار، وإذا كانت الحاجة تقتضي دليلاً، فقد قدّمه فلاديمير بوتين في مكالمةٍ هاتفية أجراها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. إذ صرَّحَ بأنه على أهبة الاستعداد لإقامة “حوار جاد” مع أوكرانيا شرط أن “تضع السلطات في كييف في اعتبارها الوقائع الإقليمية الجديدة”. وهذا يعني أن تُقر تلك السلطات بضم أربع مناطق من أوكرانيا في عام 2022، إضافةً إلى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا بالفعل منذ عام 2014 إلى روسيا.
والواضح أن أوكرانيا ليست مُستعدة لقبول هذه الشروط: ففي رسالة فولوديمير زيلينسكي احتفالاً بالعام الجديد، تعهَّدَ بالقتال “حتى يتحقق النصر الكامل”، وهو ما لا يعني العودة إلى حدود 23 فبراير (شباط) وحسب، وإنما إلى حدود عام 1991، بما في ذلك استعادة منطقة دونباس وشبه جزيرة القرم.
إن إجازة عيد الميلاد الأرثوذكسي مُحمَّلَة هذا العام بثِقَل رمزي كبير. فالكنيسة الأرثوذكسية شهدت انقساماً بين فرعيها الروسي والأوكراني، ومنحت بطريركية كييف الإذن لتابعيها بالاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر (كانون الأول)، لا في 7 يناير (كانون الثاني) حسب التقويم اليوليوسيّ.
لكن هذا الخــــلاف سياسي الطابع أيضاً: فعيد الميلاد الموافق 25 ديسمبر يُقرّب أوكرانيا خطوةً من أوروبا، وينأى بها عن روسيا ونفوذها.
وفي الشهر الماضي، داهمت أجهزة الأمن الأوكرانية 19 ديراً ومكاناً للعبادة في أوكرانيا لا تزال تدين بالولاء لبطريركية موسكو. وهذه الأماكن يُشتبه في أنها تدعم المجهود الحربي الروسي، وتُشكِّل نوعاً من “الطابور الخامس” في أوكرانيا.
وتتجلى هذه المواجهة في الدور الذي يؤديه البطريرك كيريل في موسكو، إذ يُبارك حرب بوتين في أوكرانيا، بينما يدين جزء من الدعاية الروسية القادة الأوكرانيين باعتبارهم “مخلوقات شيطانية».
ولذلك، فإن وقف إطلاق النار هذا يتعلق إلى حدٍ كبير بالتواصل. وحقيقة الأمر أن كل طرف يحاول أن يُظهِر أنه ليس بمسؤولٍ عن استمرار الحرب بل ولا حتى عن تصعيدها.
وتزعم كييف وموسكو أن لديهما النوايا الحسنة التي تمهد الطريق للتفاوض، لكنّ كلاً منهما تتقدم بطلبات غير مقبولة للطرف الآخر.
في الوقت الراهن، تعتقد أوكرانيا أنها قادرة على الحفاظ على تميُّزها في ساحة المعركة، ولا سيما في ظل إعلانات تسليم أسلحة غربية جديدة إليها، كتلك الواردة من فرنسا الأسبوع الجاري. وفي تلك الأثناء، لن يقر بوتين بهزيمته، والواقع، يبدو أنه يعد العدة لتوسعة نطاق تعبئته للمجهود الحربي.
يقول بيار هاسكي إن وقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة لن يُحقق السلام. على النقيض من ذلك، فالمستقبل يبشِّر بمزيدٍ من الأعمال القتالية إذ نقترب من الذكرى الأولى لقرار فلاديمير بوتين المشؤوم بغزو جارته.