التغذية الصحية والرياضة المنتظمة والامتناع عن التدخين من أبرز عوامل الوقاية
السرطان.. رغم التطور الطبي المهم إلا أن أسراره لا تزال كثيرة
وكأن السرطان تحوّل إلى مرض العصر اليوم، فإذا به قد أصبح هاجساً للجميع. على رغم التطورات المهمة التي حصلت في مجال التشخيص والعلاجات بشكل سمح بزيادة معدلات التعافي، تظهر الأرقام ارتفاعاً في معدلات الإصابة به، خصوصاً بأنواع معينة منه. هذا ما جعله مصدر قلق ومجالاً تزيد فيه الأبحاث والدراسات لكشف مزيد من أسراره. وأكثر بعد، إذا بسرطانات معينة تصيب فئة الشباب بمعدلات كبرى، بعد أن كان معروفاً عنها أن خطرها الأكبر في سنّ متقدمة. نستعرض هنا 10 أسئلة قد تكون من الأكثر تداولاً حول هذا المرض الذي حقق الطب تطوراً مهماً فيه لكن أسراره لا تزال كثيرة.
1 - ما سبب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون في فئة الشباب؟
يعتبر سرطان القولون من الأمراض التي تصيب الكبار في السن عادة. وتحديداً، يتطور هذا المرض عادة بعد عمر 50 سنة مع معدل عام للتشخيص في حوالى عمر 70 أو 72 سنة. لكن أخيراً، لوحظ ارتفاع مقلق في معدلات الإصابة بالمرض في عمر 40 سنة، خصوصاً في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبعض دول آسيا. حتى أنه من الممكن الإصابة بسرطان القولون في عمر 20 سنة أو قبله حتى. وفي دراسة أوروبية جديدة تبيّن أن ثمة زيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بالمرض بين عمر 20 سنة و49 في السنوات الأخيرة. على رغم ذلك، تبقى الإصابات بسرطان القولون في هذه السنّ المبكرة قليلة، وتطاول حصراً الأشخاص الذين لهم الاستعداد الجيني أو العائلي نتيجة طفرات جينية. وعندها، لا بدّ من التفكير بالاحتمال في حال وجود حالات إصابة بسرطان القولون في سنّ مبكرة في العائلة، خصوصاً في حال إصابة أفراد عدة في العائلة. وإضافة إلى الاستعداد الجيني، هناك عوامل ترتبط بالمحيط يجب أن تؤخذ في الاعتبار. ومن العوامل التي قد تسهم في زيادة الخطر:
-السمنة.
-التركيز على نظام غذائي يعتمد على الأطعمة المصنعة.
-التركيز على اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة.
وفي دراسات حديثة عدة تبيّن أن الخلل في التوازن البكتيري في الأمعاء يمكن أن يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون في حال عدم وجود حالات في العائلة.
2 - لماذا يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة؟
يعتبر سرطان المعدة من السرطانات التي غالباً ما تُكتشف في مرحلة متأخرة. لذلك، لا تزال فرص التعافي منخفضة نتيجة عدم إدراك الأعراض المرتبطة به في مرحلة مبكرة.
ويمكن أن ينتج سرطان المعدة عن التهاب مزمن في المعدة بسبب:
- الإصابة بجرثومة المعدة أي البكتيريا الملوية البوابية.
- التدخين.
-اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المالحة وقليل الخضراوات والفاكهة الطازجة.
-الإصابة السابقة بسرطان المعدة في العائلة.
- الاستعداد الجيني.
وثمة علامات يجب التنبه لها بأسرع وقت لأنها قد ترتبط بالإصابة بالمرض وهي:
-تعب غير معتاد.
-فقدان وزن من دون الخضوع لحمية.
-فقدان الشهية وفقدان الرغبة في الأكل.
-ألم في أعلى المعدة أو إحساس بالجوع بعد الأكل مباشرة وهو ألم يستمر طوال الوقت، لا بل يزيد مع الوقت.
-عدم القدرة على هضم الطعام.
3 - هل تسبب علاجات السرطان كافة تساقط الشعر؟
ظهرت علاجات حديثة للسرطان منها تلك المناعية وتلك الموجّهة التي لا تسبب تساقط الشعر. وفي نصف حالات السرطان، يمكن اللجوء إلى هذه العلاجات. علماً أن العلاجات الموجهة تصيب الخلايا الخبيثة حصراً، ويعالج بها نصف مرضى السرطان. أما الأدوية التقليدية فتصيب أي خلية تتكاثر وقسم كبير منها يسبب تساقط الشعر.
في حالات سرطان الثدي توصف غالباً العلاجات الكيماوية التقليدية التي تؤدي إلى تساقط الشعر، ما يفسر عدد النساء اللواتي يواجهن مشكلة تساقط الشعر، فأعداد النساء المصابات بسرطان الثدي تعتبر مرتفعة.
أما في حالات سرطان القولون، فلا تسبب الأدوية المعتمدة في العلاج الوقائي تساقط الشعر. وبالتالي حتى في حال اعتماد العلاج الوقائي بعد عملية استئصال الورم للقضاء على الخلايا الخبيثة المختبئة التي قد تسبب عودة المرض، قد تعتمد أدوية تسبب تساقط الشعر أو أخرى لا تسبب تساقط الشعر بحسب نوع المرض.
كما أن وجود الخوذة المبرّدة التي قد تستخدم في معظم أنواع السرطان لحماية فروة الرأس، تمنع تساقط الشعر بنسبة كبيرة منه. لكنها لا تستخدم في علاجات سرطانات الدم لأن اعتمادها قد يمنع بلوغ الدواء الخلايا الخبيثة الموجودة في الرأس.
4 - هل يمكن الوقاية من سرطان الثدي؟
لا يعتبر العلماء أن ثمة وصفة سحرية للوقاية من السرطان، لكن كل الدراسات تؤكد، اليوم، أن عوامل عدة يمكن أن تسهم في الحد من خطر الإصابة، ولو بوجود عوامل جينية مسببة. بشكل خاص تسمح تغييرات في نمط الحياة بخفض احتمال الإصابة بشكل ملحوظ، ومن العوامل التي تساعد على ذلك:
-وقف التدخين.
-اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. وبشكل خاص، من المهم التركيز على النظام الغذائي المتوسطي الغني بالخضراوات، والبقوليات، والأحماض الدهنية الصحية، والفلافونويد.
-التركيز على الأطعمة الغنية بالألياف لأنها قد تلعب دوراً أساسياً في الحماية من سرطان الثدي كونها تساعد على التخلص من الدهون.
-تجنب الكحول لأنها تؤثر في التوازن الهرموني في الجسم.
-الحد من تناول مصادر الدهون المشبعة.
-الحد من مصادر السكر السريع مثل المخبوزات والحلويات.
-الحفاظ على وزن صحي مع مؤشر كتلة جسم دون الـ 25.
-ممارسة الرياضة بمعدل ثلاث ساعات في الأسبوع كخطوة أساسية للوقاية من سرطان الثدي، علماً أن الانتظام في ممارسة الرياضة أهم بعد من حدة التمارين.
5 - ما سبب الإصابة بسرطان الرئة؟
تجزم الدراسات والأبحاث كافة بأن التدخين هو السبب الأول والرئيس للإصابة بسرطان الرئة في نسبة 90 في المئة من الحالات. ويزيد الخطر بقدر ما يزيد معدل التدخين. ويعتبر التدخين السلبي عامل خطر أيضاً. ولا يقتصر أثر التدخين على سرطان الرئة بحسب الأطباء، بل تبين أنه يسهم بالإصابة بسرطانات أخرى مثل سرطان المثانة والمريء والفم واللسان والحنجرة وسرطانات الكبد والمعدة والكلى والقولون والثدي والبروستات.
أما بقية العوامل التي تسهم في الإصابة بسرطان الرئة، ولو بمعدل أقل فهي التعرض للملوثات، ومنها مادة الرادون المشعة. كما أن عملية الاحتراق التي يمكن التعرض لها في المنزل سواء في الطهي، أو في أي ظروف أخرى، من عوامل الخطر أيضاً. ويحصل ذلك عند الطهي على الحطب في أماكن مغلقة في الجبال. كذلك، يشكل التعرض للزرنيخ والأسبستوس وبقية الإشعاعات والمعادن الثقيلة عوامل خطر، لكن معدلات استخدام الأسبستوس في البناء تراجعت حالياً كونه من المواد المسرطنة.
6 - هل يمكن الوقاية من السرطان بلقاح؟
يعتبر سرطان عنق الرحم الوحيد الذي يمكن الوقاية منه باللقاح بين مختلف أنواع السرطان لتوافر لقاح فيروس الورم الحليمي البشري الذي يعتبر المسبب الأساس له في أكثر من 90 في المئة من الحالات. ويجرى اللقاح للأولاد والفتيات قبل عمر 14 سنة. على رغم ذلك، غالباً ما يُكتشف المرض في مراحل متأخرة ما يقلل من فرص التعافي. وترتفع فيه معدلات الوفيات على رغم أن تطوره بطيء وقد يمتد خلال 10 سنوات يمكن فيها التدخل طبياً لمنع تطوره في حال كشف الفيروس المسبب بالفحص الدوري الخاص به. حتى أنه يمكن أن يتخلص منه الجسم تلقائياً في نسبة 85 في المئة من الحالات. ويعتبر سرطان عنق الرحم الرابع الأكثر انتشاراً بين النساء. من الممكن الإصابة بالفيروس في المسابح أو عبر تقنية الليزر أو بغيرها من الوسائل، لكن الاحتمال الأكبر هو التقاط العدوى في العلاقة الجنسية.
أما لقاح السرطان الذي يجرى تطويره حالياً ويعتمد على تقنية mRNA فيدرب جهاز المناعة لكشف الخلايا السرطانية وتدميرها في أنواع معينة من السرطان، عبر إنتاج أجسام ضدية معينة. لكن لا ينصح الأطباء بلقاح السرطان للأشخاص الأصحاء للوقاية من السرطان، كما قد يعتقد البعض. إذ إن هذا اللقاح موجود لمرضى السرطان لمواجهة المرض ومنع عودته. وهو من العلاجات المناعية الخاصة بكل حالة على حدة.
7 - هل الوقاية من سرطان الأطفال ممكنة؟
قد لا تكون سبل الوقاية من سرطان الأطفال متاحة كما في سرطانات الراشدين. فلدى الكبار، هناك عوامل خطر عدة ترتبط بنمط الحياة، ومنها ما يمكن التحكم به وتغييره للحد من الخطر. أما في ما يتعلق بسرطان الأطفال، فتبدو العوامل الجينية التي يصعب التحكم بها من المسببات الأساسية للمرض. بالتالي، بالنسبة للأطفال، قد تلعب الوقاية دوراً أقل بالمقارنة مع الراشدين. لكن في كل الحالات، هناك خطوات تساعد على الوقاية والكشف المبكر:
-تأمين نمط حياة صحي يعتمد على ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي.-الحرص على التشخيص المبكر عبر الفحص الروتيني وإجراء فحص العيون.
-في حال وجود استعداد جيني للأورام، إجراء المتابعة اللازمة لاعتباره يلعب دوراً في 15 أو 20 في المئة من الحالات. وهذا ما يمكن اكتشافه من خلال الفحص الجيني.
-يعتبر الأطفال المصابين بالتثلث الصبغي أكثر عرضة للإصابة بالسرطان. لذلك، يجب الحرص على كشف هذه الأورام في مرحلة مبكرة لديهم.
مع الإشارة إلى أن أورام الأطفال تختلف عن تلك التي تظهر لدى الراشدين. فورم شبكية العين لا يظهر لدى الراشدين مثلاً، أما ورم الثدي فلا يظهر لدى الأطفال. كذلك تعتبر حالات الأورام في الجهاز الهضمي نادرة بين الأطفال. في كل الحالات، من المهم أن يتنبه الأهل إلى العلامات المبكرة التي يمكن أن تنذر بالخطر لكشف المرض في حال إصابة الطفل به، بأسرع وقت ممكن.
8- هل يصيب سرطان الجلد ذوي البشرة الفاتحة حصراً؟
يعتبر الأشخاص الذين لهم بشرة فاتحة وعينان زرقاوان أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الجلد نتيجة التعرض لأشعة الشمس. فلديهم، تقل القدرة على إنتاج الميلانين، في وقت يتمتع ذوو البشرة السمراء بكميات كبرى من الميلانين لحماية بشرتهم. لذلك، على من يتمتعون ببشرة فاتحة أن يحموا أنفسهم بمعدلات كبرى، كونهم أكثر عرضة للخطر، لكن الجميع يواجهون الخطر ويعتبرون عرضة للإصابة بالمرض.
ثمة علامات معينة تدعو إلى الحذر لاعتبارها قد تدل على احتمال الإصابة بسرطان الجلد. لذلك، يجب فحص الجلد بشكل مستمر للتأكد من أي تغيير فيه، إضافة إلى أهمية استشارة الطبيب، خصوصاً بالنسبة لمن لهم بشرة فاتحة، وفي حال وجود حالات سرطان جلد في العائلة، فيكون الفحص على أساس معايير معينة:
-عدم التجانس في شامة معينة، فيجب التأكد من كونها متجانسة من حيث الشكل.
-الأطراف والتحقق ما إذا كانت ناعمة أو لا.
-اللون، فيجب التأكد من أي تغيير في لون الشامة أو من ظهور ألوان متعددة فيها.
-قطر الشامة أو حجمها وأي زيادة فيه.
9 - كيف يمكن تمييز أوجاع الرأس الناتجة من سرطان الدماغ؟
تختلف أعراض سرطان الدماغ بحسب موضع الورم عادة. فيمكن أن يؤثر الورم على الحركة، أو على حاستي الشم أو التذوق، أو النظر، أو السمع. لكن يعتبر ألم الرأس الحاد أهم أعراض سرطان الدماغ وأكثرها شيوعاً. وما يميزه أنه لا يتجاوب مع مسكنات الألم، ولا يكون معتاداً. كما أنه يزيد حدة عند الاستلقاء ليلاً في فترة النوم، لأن الورم يضغط عندها في الدماغ. يضاف إلى ذلك أنه يظهر بشكل خاص عند النهوض صباحاً. أيضاً من الأعراض الناتجة من سرطان الدماغ التي تدعو للقلق ولا بد من التنبه لها، التغيير في شخصية المصاب وطباعه. ويحصل ذلك عندما يكون الورم في الجهة الأمامية من الدماغ. بالتالي، يعتبر وجع الرأس والتغيير في الطباع، العارضين الأساسيين لسرطان الدماغ، ويجب عدم الاستخفاف بهما.
تجدر الإشارة إلى أن أورام الدماغ تكون في معظمها حميدة، أما إذا كان خبيثاً، فلا ينتشر إلا في الدماغ ولا يمتد إلى مواضع أخرى في الجسم كما يحصل في أنواع أخرى من السرطان. لكن في كل الحالات، لا بد من استئصال الورم حتى لا ينتشر في الدماغ، وذلك قبل اللجوء إلى العلاج الكيماوي أو العلاج بالأشعة.