تصعيد غير مسبوق بين طاجيكستان وقيرغيزستان

الصراعات في الجمهوريات السوفيتية السابقة ماذا تكشف ؟

الصراعات في الجمهوريات السوفيتية السابقة ماذا تكشف ؟


بالتوازي مع الهزائم التي يتكبدها الجيش الروسي بعد سبعة أشهر من الحرب على أوكرانيا، تفجّرت النزاعات المسلحة مرة أخرى في جمهوريات مختلفة من الاتحاد السوفيتي السابقة. وقتل ما لا يقل عن 100 شخص خلال اشتباكات على الحدود المتنازع عليها بين طاجيكستان وقرغيزستان. وفي القوقاز، تسبب الهجوم الأذري على الحدود الأرمينية بوقوع عدد أكبر من الضحايا في الأسبوع الماضي.
وفي هذا الإطار، اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أنّ تفجّر الصراعات في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة، يكشف ضعف نفوذ روسيا التي تكافح للعب دور الحكم في الدول التي كانت تقع في دائرة نفوذها السابق، والسيطرة على الاشتباكات المندلعة بين طاجيكستان وقيرغيزستان، وهجوم أذربيجان على الحدود الأرمينية. وأوضحت الصحيفة أن العودة المتوقّعة للعنف في هذه الجمهوريات، دليل على أنّ روسيا غير قادرة على تحقيق طموحها في أن تصبح مرة أخرى الضامن للاستقرار في الفضاء السوفيتي السابق. كما تؤشر إلى أن معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها موسكو، وتمثّل الدول المتحاربة جزءاً منها، باستثناء أذربيجان، لم تعد قادرة على التأثير على نتائج النزاعات الحالية.

تصعيد غير مسبوق
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن النزاع الحدودي بين طاجيكستان وقيرغيزستان يتصاعد منذ ثلاثين عاماً، لكنه انزلق في الأيام الأخيرة إلى تصعيد غير مسبوق، حيث استخدمت بيشكيك لأول مرة طائرات هجومية من طراز “بيرقدار” التركية، وتواجهت الدبابات تحت نيران المدفعية الثقيلة من الجانبين.
وكانت الدوافع الأساسية لهذا الصراع هي نفسها كما في الماضي: السيادة على جيب طاجيك في فوروخ، الواقع داخل أراضي قيرغيزستان، والسيطرة على الطريق الذي يربط الجيب بطاجيكستان وموارد المياه المحلية.
وأضافت الصحيفة أن الجانبين لم يقدما أي تفسير عن تزامن اندلاع جولة العنف مع قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي تم تنظيمها في نفس الوقت في جارتهما المشتركة أوزبكستان، تحت قيادة الصين.

انتقادات للرئيس الروسي
وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حضر قمة سمرقند، تعرّض لانتقادات مبطّنة من رئيس الوزراء الهندي ونظيره الصيني، في حين بدت اجتماعاته برؤساء دول آسيا الوسطى باردة، وهي حقيقة غير عادية ومزعجة للغاية.
أما في جنوب القوقاز، حيث أودى العنف بحياة أكثر من 200 شخص، فرأت الصحيفة أن نفوذ موسكو أصبح موضع تساؤل بشكل جليّ. وتُبدي أرمينيا، التي كانت ذات يوم حليفاً قوياً لموسكو، استياءها من “التقاعس الصارخ” الذي أبدته منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
كما تظاهر مئات من الأشخاص، يوم الأحد الماضي في يريفان، للمطالبة بالانسحاب من هذا التحالف الذي تهيمن عليه روسيا والتقارب مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).

روسيا لم تعد الحكم
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي قد أظهرت بالفعل عجزها عام 2021 عندما طلبت يريفان مساعدتها بعد توغّلات متعدّدة من قبل الجنود الأذريين على أراضيها.
 وأضافت أنه هذه المرة، يبدو التدخل العسكري “أقل احتمالاً”، لأن روسيا منشغلة بالحرب في أوكرانيا، حيث تعاني من نكسات عسكرية.
 وبسبب إضعافها على هذه الجبهة، تكافح موسكو الآن للعب دور الحكم الذي تدعي أنها تحتفظ به في منطقة القوقاز.
ويُنظر إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي على أنها منظمة وهمية تحاكي الناتو، وتم إنشاؤها لوضع روسيا على قدم المساواة مع الولايات المتحدة. لكنها لم تخرج من سباتها منذ تاريخها الممتد لـ20 عاماً، إلا في يناير(كانون الثاني) 2022، عندما طلب الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف المساعدة في إعادة الاستقرار بعد أعمال الشغب المميتة.
وختمت الصحيفة أن عدم تدخّل منظمة معاهدة الأمن الجماعي على الرغم من تجدد العنف في هذه الدول، يظهر أن موسكو لم تعد تمتلك الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية لتكون حكماً في الاتحاد السوفيتي السابق.