تستقطب القارة أكثر من نصف المبالغ المصروفة

الصين -أفريقيا: طرق الحرير الجديدة مليئة بالمزالق

الصين -أفريقيا: طرق الحرير الجديدة مليئة بالمزالق

-- مشروع الحزام والطريق سيستمر، لأنه سمح للصين بالتحالف مع الجنوب لعزل الشمال
-- الاستثمارات تهيمن عليها رغبة الصين في ترسيخ نفوذها الدولي، أكثر من كونها احتياجات حقيقية


   إنه أحد المشاريع الرئيسية للرئيس الصيني... لكن مواقع البناء هذه التي كان من المفترض أن تمهد الطريق لبلدان الجنوب نحو الازدهار سرعان ما تحولت إلى هاوية مالية لإمبراطورية الوسط.   في يناير الماضي، اختار وزير الخارجية الصيني كينيا كأول رحلة خارجية له هذا العام. أعلن وانغ يي، في معقل “تشاينا فريك”، عن تعيين مبعوث خاص للإشراف على محادثات السلام في القرن الأفريقي (بينما تتهم الصين ببيع أسلحة إلى إثيوبيا).

لكن زيارة وانغ يي كانت تهدف أيضًا إلى إحياء “طرق الحرير الجديدة”، التي لفظت أنفاسها بسبب أزمة كوفيد التي وجهت ضربة للاقتصاد الصيني، وجففت تمويل هذا البرنامج الذي سبق ان استثمرت فيه الصين 932 مليار دولار. .
   تم إطلاقه عام 2013 بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، ويجمع الآن 68 دولة، معظمها من الاقتصادات الناشئة، بهدف اقامة بنية تحتية عملاقة. في أبريل 2019، اجتمع 37 رئيس دولة في بكين حول “الحزام والطريق”، “الاسم الرسمي للمشروع” ، من بينهم، الرئيس الكيني الذي جاء لاستلام قرض قيمته 600 مليون دولار، والتوقيع على إنشاء شركة الاتصالات العملاقة هواوي، لمركز بيانات في “المدينة التكنولوجية” الجديدة في كونزا ، وطريق سريع بطول 27 كيلومترًا يخدم مطار نيروبي الدولي.    تستقطب أفريقيا وحدها أكثر من نصف المبالغ المصروفة في هذا البرنامج. وهناك ثلاث دول في المقدمة: كينيا وإثيوبيا وجيبوتي، حيث تم تمويل موانئ وسكك حديدية وطرق إلى حد كبير من قبل بكين، وأشهرها سكة حديد تربط نيروبي بمومباسا منذ عام 2017.

التحالف مع الجنوب
 لعزل الشمال
   لكن منذ البداية، واجه المشروع بعض المآزق. على الرغم من خلق 30 ألف وظيفة، اشتكى العديد من الكينيين من الوظائف الهامشية وذات الأجور المنخفضة. كما سجلت الدولة خسائر تقدر بأكثر من 200 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الماضية. “كانت هناك أوجه قصور في التخطيط وتوقعات مفرطة في التفاؤل للربحية، ناهيك عن تقديرات البناء المتضخمة.
   كل هذا، إلى جانب كوفيد-19، ساهم في ارتفاع ديون كينيا بشكل خطير”، يلاحظ فيبي ويلسون -أندوه في دراسة نشرت من قبل معهد أبحاث السياسة الخارجية. فقد قفزت إلى 66 مليار دولار عام 2021 مقابل 5 مليارات قبل عشرين سنة. ونتيجة لذلك، أممت الحكومة الكينية الخط العام الماضي لخفض تكاليف التشغيل إلى النصف. وتوقف مشروع ربط كينيا وأوغندا ورواندا وإثيوبيا وجنوب السودان بالسكك الحديدية.

   لم يعد الرئيس الجديد، الذي انتخب الشهر الماضي، يتردد في مهاجمة بكين. خلال حملته الانتخابية، وعد وليام روتو بطرد الصينيين الذين يشغلون وظائف يمكن للكينيين شغلها. وبمجرد انتخابه، ألغى احتكار الشركات اللوجستية الصينية في ميناء مومباسا. وتوترت العلاقات مع المؤجر الرئيسي الذي رفض منذئذ تمديد منصة لوجستيات الميناء.
   فشل كشف عن الصعوبات التي تمر بها طرق الحرير الجديدة التي تستهدف بعض أفقر دول العالم وأقلها استقرارًا. دول وجدت نفسا محاصرة في فخ الديون، مع خطر رؤية الصين تستولي على البنية التحتية التي مولتها وبنتها إذا لم يتم سداد القروض.
    ما يقرب من 60 بالمائة من قروض امبراطورية الوسط في الخارج مملوكة للبلدان المثقلة بالديون مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية أو سريلانكا أو لاوس.

ويلاحظ محللون من وكالة التصنيف فيتش أن “الاستثمارات تهيمن عليها رغبة الصين في ترسيخ نفوذها الدولي، أكثر من كونها احتياجات حقيقية».
   وإدراكًا منها لمخاطر رؤية هذه الدول تتخلف عن السداد، ظلت الصين تقلص حجمها منذ أربع سنوات. لم تحصل الدول الأكثر صعوبة، على قروض جديدة هذا العام. وانخفضت الاستثمارات الجديدة في البلدان المستفيدة من البرنامج إلى النصف تقريبًا، من 117 مليار دولار في 2018 إلى 59.5 مليون دولار في العام الماضي.
    لكن لا مجال لطيّ الصفحة... “المشروع سيستمر، لأنه سمح لـ شي جين بينغ بالتحالف مع الجنوب لعزل الشمال”، يلاحظ عالم الصينيات جان بيير كابستان. تجدر الإشارة الى انه من الواضح، أن الدول المعنية تميل إلى الانحياز إلى مواقف الصين في الأمم المتحدة.