منصور بن زايد يبحث مع وزير المالية السوري سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات
الصين تتمدّد عسكرياً في الهادي بتشييد عشرات المطارات والموانئ
على مدى العقدين الماضيين، وسّعت الصين بهدوء وجودها العسكري والاستراتيجي في المحيط الهادي من خلال بناء عشرات الموانئ والمطارات ومشاريع الاتصالات في مواقع استراتيجية، يمكن أن تُستخدم – في حال اندلاع نزاع – لإغلاق مناطق شاسعة بوجه الولايات المتحدة وحلفائها. الشبكة الاستراتيجية أخذت في النمو منذ نحو عقدين من الزمن، وهي اليوم جزء لا يتجزأ من مبادرة الحزام والطريق وتشكّل هذه البنية التحتية المتنامية جزءاً من مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها الصين عام 2013، وهي شبكة ذات استخدام مزدوج، مدني وعسكري، بحسب ما أفادت به دراسة حصرية نشرتها مجلة «نيوزويك» الأمريكية. ووفق الدراسة التي أعدّها دومينغو آي كوي يانغ، الباحث في معهد تايوان للأبحاث الوطنية والأمنية، فإن هذه المنشآت ليست مجرد مشاريع مدنية، بل تعد «عُقَداً استراتيجية» تمتد على مسافة 3000 ميل، من بابوا غينيا الجديدة شمال أستراليا، إلى ساموا، القريبة من الإقليم الأمريكي في بولينيزيا.
الرابط الجنوبي
يقول يانغ إن هذه الشبكة، التي بنتها شركات صينية مملوكة للدولة ولها ارتباطات بقطاع الدفاع، لم تلقَ اهتماماً كافياً، رغم اشتداد التنافس بين واشنطن وبكين، مضيفاً أن «مبادرة الحزام والطريق ليست مجرد مشروع بنية تحتية، بل أداة للنفوذ الاستراتيجي»، يمكن أن تعزز قدرة الصين على السيطرة أو الضغط في المنطقة، وتصعّب على الولايات المتحدة التحرك بحرية.
وتشير الدراسة إلى أن هذه «العُقَد» تُعد جزءاً من خطة جيوستراتيجية أوسع تُعرف باسم «الرابط الجنوبي»، تمتد حتى أمريكا الجنوبية، ما يعمّق عزلة الولايات المتحدة من الشمال والجنوب على حد سواء. وفي هذا السياق، افتتحت الصين العام الماضي ميناء ضخماً في مدينة تشانكاي في البيرو، تديره شركة «كوسكو» الحكومية العملاقة، ليكون مركزاً لوجستياً على الجهة المقابلة من المحيط الهادي.
مستقبل أفضل
وبسؤال ممثل السفارة الصينية في واشنطن ليو بينغيو عن أهداف بلاده في المحيط الهادي، قال للنيوزويك: «من أجل بناء مستقبل أفضل مع جيرانها، سترفع الصين عالياً راية مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وتتخذ بناء منطقة سلمية وهادئة ومزدهرة وجميلة وودية كرؤية مشتركة لها».
وفي سلسلة من الأحداث الأولى التي بدأت منتصف عام 2024 والتي أثارت دهشة دول المحيط الهادي، أطلقت الصين صاروخاً باليستياً من مقاطعة هاينان الجنوبية، وسقط في المحيط الهادئ في المياه الاقتصادية لكيريباتي، وهي دولة من الجزر المرجانية الواطئة، ونفذت تدريبات بالذخيرة الحية في بحر تسمان بين نيوزيلندا وأستراليا، مما أجبر الدول على تحويل الرحلات الجوية التجارية، وأرسلت البحرية الصينية سفناً للإبحار حول أستراليا.
50 عُقدة استراتيجية نشطة
وقد حددت الدراسة التي أجراها يانغ 39 عُقدة استراتيجية نشطة، ومع مراجعة إضافية أجرتها النيوزويك وجدت 11 عُقدة أخرى، ليصل الإجمالي إلى 50 على الأقل. وبلغ الاستثمار فيها نحو 3.55 مليارات دولار، بحسب مراجعة النيوزويك ــ وهو مزيج من المنح والقروض المباشرة وغير المباشرة من الدولة الصينية وبنوكها وبنوك التنمية الإقليمية والمقاطعات نفسها.
وتقع هذه العُقد في 11 دولة من دول جزر المحيط الهادي، أي ما يقارب ثلثي الدول الأعضاء الـ18 في منتدى جزر المحيط الهادي الإقليمي.
ومن بين المشاريع التي حددتها النيوزويك، 26 مشروعاً لبناء مطارات.
وقال يانغ إن 12 مطاراً على الأقل من هذه المطارات قادرة الآن على استيعاب أكبر طائرة نقل عسكرية صينية، وهي من طراز واي-20. لكن دراسة يانغ لم تشمل البنى التحتية كالطرق والجسور، لكنها سلطت الضوء على أهمية مصايد الأسماك، المجهزة بأرصفة جديدة، والتي تطورها أيضاً شركات صينية، مثل شركة فوجيان تشونغهونغ لصيد الأسماك، في المحيط الهادي، على سبيل المثال في دارو في بابوا غينيا الجديدة، قبالة أستراليا. تقع دارو على مضيق توريس، وهو ممر بحري يتحكم بطرق الشحن التجاري وشحن الطاقة بين المحيطين الهادي والهندي.