ظهرت في صور رسمية ببطولة تنس

الصين: التفاصيل الكاملة للغز نجمة التنس بينغ شواي...!

الصين: التفاصيل الكاملة للغز نجمة التنس بينغ شواي...!

   ظهرت نجمة التنس الصينية بينغ شواي أخيراً، وبدت مرتدية سترة زرقاء داكنة وسروالا أبيض، خلال حدث رياضي أقيم في العاصمة الصينية بكين، ونشر الموقع الخاص بهذا الحدث صوراً لها على موقع “وي تشات”، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء.    ويظهر مقطع فيديو للحدث، بينغ وسط مجموعة من الضيوف، في حين يظهرها آخر، وهي توقع للأطفال في الملعب نفسه على ما يبدو قبل التقاط صور معهم.    وهذا أول ظهور علني لها منذ اختفائها، ظهور لم يبدد شكوك المتابعين والمعنيين بالقضية، ولم يجب على كل الأسئلة التي طرحها هذا الاختفاء “القسري” من وجهة نظر الكثيرين، وشغل أوساط التنس بل ودولا عظمى. ظهور رآه البعض محاولة للالتفاف على الضغط الدولي المتزايد ومناورة من السلطات الصينية لسحب البساط.

 البداية... هاشتاغ
   البداية كانت بهاشتاغ “أين هي بينغ شواي؟” هاشتاغ عكس وجوده على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الفضيحة العالمية. اتهمت بطلة التنس الصينية، بينغ شواي، وهي نجمة في بلادها، نائب سابق لرئيس الوزراء الصيني، ومسؤول كبير في الحزب، باغتصابها في 4 نوفمبر. وقد اختفت منذ ذلك الحين، مما أثار ردود فعل غاضبة في الخارج اكتسبت زخما ولاتزال، إلى درجة انه أصبح موضوعًا محرجًا جدا لصورة الحكومة الصينية، قبل أسابيع قليلة من دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.

   اللاعبة السابقة المصنفة الأولى عالميًا في الزوجي، والبالغة من العمر 35 عامًا، لم يصدر عنها أي خبر أو تظهر علنًا منذ 2 نوفمبر. في ذلك اليوم، نشرت نصًا قصيرًا على وسيلة التواصل الاجتماعي الصينية ويبو، متهمة نائب رئيس الوزراء السابق تشانغ قاو لى بإجبارها على ممارسة الجنس قبل ثلاث سنوات. “ كنت جد خائفة، بعد ظهر ذلك اليوم، رفضت في البداية، ولم أستطع التوقف عن البكاء، كتبت، فريسة للخوف والارتباك، استسلمت ومارسنا الجنس. «
   وفي تفصيل دنيء بشكل خاص، تضيف، أن زوجة المسؤول كانت على علم بالأمر و “وقفت تقوم بالحراسة في الخارج”. وتوضح بينغ شواي إنها أصبحت فيما بعد عشيقة الزعيم السابق، حتى اندلع خلاف بينهما. وتضيف اللاعبة أنها لا تملك أي دليل يدعم ادعاءها. “كنت تخشى دائمًا أن أخفي جهاز تسجيل، كتبت مخاطبة تشانغ قاو لي، سوف تنكر ذلك بالتأكيد بل ستذهب إلى حد مهاجمتي. «
   المتقاعد الآن، تشانغ قاو لي، 75 عامًا، كان من عام 2012 حتى بداية عام 2018 عضوًا دائمًا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني. وعلى هذا النحو، كان أحد أقوى سبعة رجال في الصين. وقبل أن يصبح نائبا لرئيس مجلس الدولة، كان سكرتير الحزب لمقاطعة شاندونغ الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد ثم بلدية تيانجين.
   هذه الاعترافات المدمرة هي الأولى التي تستهدف كبار مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني منذ بداية حركة مي تو العالمية ضد العنف الجنسي الممارس على النساء. وقد سلطت الضوء على السلوك الفظيع لكبار قادة الحزب.
   يوم الأربعاء 17 نوفمبر، تسببت رسالة بريد إلكتروني منسوبة إلى بينغ شواي في مزيد من الارتباك بشأن مصيرها. “المعلومات الخاصة بتهمة الاعتداء الجنسي كاذبة، تؤكد اللاعبة في تدوينة، أنا لست في عداد المفقودين ولا في خطر. كنت أرتاح ببيتي، كل شيء على ما يرام... وشكرا مرة أخرى على سؤالكم عني”، يقول النص، الذي تم عرضه لفترة وجيزة في ذلك المساء على تلفزيون الدولة، تلفزيون الصين المركزي.
   لكن الكلمات باللغة الإنجليزية في المنشور مشبوهة، وأثارت على الفور شكوكًا في الخارج حول مصدرها. فهذه القضية قابلة للانفجار بالنسبة لبكين وكل الحيل مشروعة لمحاصرتها. في الواقع، لا يوجد دليل على أن هذا المنشور كتبته فعلا بينغ شواي، حتى أن الرسالة حجزت بعد عشرين دقيقة من بثها، لكن توفر وقت كاف لآلاف الصينيين لقراءتها ونشر لقطة شاشة منها، والتي بدورها خضعت للمنع على الفور.
   ويبدو أن هناك عناصر أخرى تشير إلى أن الرسالة المنسوبة إلى اللاعبة مزيفة. لاحظ مستخدمو تويتر أن المؤشر كان مرئيًا في رسالة بثتها شبكة تلفزيون الصين العالمية يعيد نسخ البريد الإلكتروني المنسوب إلى بينغ شواي، مما يشير إلى لقطة شاشة مشكوك فيها.
   وقد سبق ان بثت نفس قناة شبكة تلفزيون الصين العالمية، اعترافات قسرية لمشتبه بهم على وسائل الإعلام الصينية العامة. وقد سُحبت رخصتها البريطانية في أوائل عام 2021 لإصدارها “اعترافًا” منسوبًا إلى مواطن بريطاني اعتقل في الصين، بيتر همفري.
ثم عادت شبكة تلفزيون الصين العالمية إلى فرنسا حيث وافق المجلس الأعلى للسمعي والبصري على منحها الإذن بالبث من الأراضي الفرنسية، مع تحديد أنها ستكون “يقظة” فيما يتعلق باحترام القناة الصينية للقواعد الأخلاقية المرتبطة بنشر المعلومات.
   «تصريحات بينغ شواي الأخيرة، التي نشرتها وسائل الإعلام العامة، لا ينبغي أن تؤخذ كمسلّمة”، صرح وليام ني من الرابطة الصينية للمدافعين عن حقوق الإنسان في بيان. فللحكومة الصينية تاريخ طويل في الاعتقال التعسفي للأشخاص المتورطين في قضايا مثيرة للجدل، ومنعهم من التحدث بحرية وإجبارهم على الإدلاء بتصريحات عامة، والأمر متروك للحكومة الصينية لإثبات أنها ليست قيد الاحتجاز. «
   في صباح يوم السبت الموافق 20 نوفمبر، وامام الاحتجاج الدولي، عملية اتصالية جديدة من سلطات بكين. نشر مراسل شبكة تلفزيون الصين العالمية شين شيوي ثلاث صور لبينغ شواي على تويتر. تظهر إحدى اللقطات اللاعبة مبتسمة مع قطة بين ذراعيها فيما يبدو أنه منزلها. وتظهر في الخلفية دمى ناعمة وكأس وعلم صيني واعتمادات.
   وتظهر صورة أخرى، صورة شخصية لـ بينغ شواي مع شخصية كونغ فو باندا، وهو فيلم رسوم متحركة للأطفال. ويظهر في الخلفية إطار مع صورة ويني ذا بوه.
 واكد المراسل باللغة الإنجليزية، إن الصور تم نشرها لأول مرة بشكل خاص من قبل اللاعبة على وي شات، وهي شبكة اجتماعية تحظى بشعبية كبيرة في الصين، لتتمنى لمتابعيها “عطلة نهاية أسبوع سعيدة».
   ويصر عنوان آخر من الصحافة الحكومية: صحيفة غلوبال تايمز ذات النزعة القومية المتشددة، عبر رئيس تحريرها هو شي جين، على ان لديه “ تأكيد من مصادري الخاصة ان: هذه الصور هي بالفعل لبينغ شواي في هذه اللحظة بالذات. خلال الأيام القليلة الماضية، بقيت في المنزل بحرية ولم ترغب في التعرض للإزعاج... وستظهر للعلن وتشارك في بعض الأنشطة قريبًا.»

«مستاءة ومصدومة»
   ورغم جهود الرقابة الصينية، إلا أن اتهام بينغ شواي نُشر على تويتر، المحظور في الصين. مما سمح بان يتلقى صدى عالميا. ومن خلال هاشتاغ “اين هي بينغ شواي”، أعرب كبار لاعبي التنس عن قلقهم بشأن مصيرها. وقالت اليابانية نعومي أوساكا المصنفة الأولى عالميا سابقا، إنها “صدمت من الموقف”. نفس البيان من أفضل لاعب في دورة الرجال، نوفاك ديوكوفيتش: “بصراحة، إن اختفاءها صدمة. «
   من ناحية أخرى، قالت سيرينا ويليامز، المصنفة الأولى السابقة، إنها “مستاءة ومصدومة”، مضيفة أن “هذا يحتاج إلى تحقيق ولا ينبغي أن نبقى صامتين”. من جهته أعلن الألماني ألكسندر زفيريف، المصنف 3 عالميا حاليا “أتمنى أن يتم العثور عليها قريبا، لأننا لا نتحدث عن مباراة تنس أو مسابقة هنا، لكننا نتحدث عن حياة إنسان».
     اكتسبت القضية أهمية أكبر يوم الجمعة. وهكذا قال اتحاد التنس النسائي إنه مستعد للانسحاب من جميع المباريات في الصين إذا لم تسلط بكين الضوء على الأمر. “نحن حريصون تمامًا على التنحي عن هذا العمل ومواجهة أي تعقيدات قد تنشأ”، صرّح ستيف سيمون، رئيس اتحاد لاعبات التنس المحترفات لشبكة سي ان ان، لأنه من المؤكد أن هذه القضية تتجاوز نطاق البزنس، يجب احترام المرأة وعدم حجزها».
    هذا الأربعاء، 17 نوفمبر، أعرب ستيف سيمون نفسه عن شكوكه حول صحة البريد الإلكتروني المنسوب إلى بينغ شواي: “من الصعب بالنسبة لي أن أصدق أن بينغ شواي هي كاتبة هذا البريد الإلكتروني، وأن أصدق ما هو مكتوب”.
 لذلك طلب “دليلاً مستقلاً وقابلاً للتحقق” من أن اللاعبة في أمان. وقال “حاولت عدة مرات التواصل معها عبر وسائل اتصال مختلفة، ولكن دون جدوى”، مطالبا بالسماح لـ بنغ شواي “بالتعبير عن نفسها بحرية، دون إكراه أو ترهيب من أي نوع».
    الجمعة، 19 نوفمبر، تضاعفت ردود الفعل الغاضبة. وبدورها، دعت الأمم المتحدة إلى إثبات أن بطلة التنس في حالة جيدة. “سيكون من المهم أن يتوفر دليل على مكان وجودها ومعرفة ما إذا كانت بخير.
وإننا نحث على إجراء تحقيق شفاف في مزاعم الاعتداء الجنسي”، قالت ليز ثروسيل، المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
   وبعد ساعات قليلة، أعربت الولايات المتحدة عن “قلقها العميق”، وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن إدارة بايدن طلبت بدورها من الصين “تقديم دليل مستقل وقابل للتحقق” بشأن مصير اللاعبة الصينية.
   كما أعربت فرنسا عن قلقها، وجاء في بيان صادر عن كي دورسيه “نشعر بالقلق إزاء نقص المعلومات بشأن وضع لاعبة التنس بينغ شواي، الأمر الذي يثير قلق المجتمع الدولي والأوساط الرياضية».
   وفي عالم التنس الفرنسي، يستمر سماع العديد من الأصوات على شبكات التواصل الاجتماعي بين اللاعبات واللاعبين، مثل نيكولا مايو وبيير هوغ هربرت. ففي أعقاب تأهلهما إلى دور الأربعة في ماسترز تورينو يوم الجمعة، أعاد الفرنسيان تأكيد التزامهما امام الصحافة.
   وبدعم من شريكه، قال مايو إنه مصمم على مقاطعة البطولات الصينية في المستقبل إذا لم يتم ضمان سلامة اللاعبة وتسليط الأضواء على ادعاءاتها. “شخصيا، لن ألعب إذا ظل الوضع على ما هو عليه، لكن يجب أن نتحد، آمل أن يكون قرارا جماعيا لأننا على المستوى الفردي لا نستطيع أن نفعل الكثير”، معربا عن أمله في أن يحذو زملاءه حذوه.
   وفي ذات السياق، أشاد برد فعل ستيف سيمون، رئيس اتحاد لاعبات التنس المحترفات. واثقًا من أن اتحاد التنس المحترف سيكون جاهزًا لفعل الشيء نفسه، لكنه لم يقدم نقاط استحسان لجميع الهيئات.
 وكان في مرمى سهامه، اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للتنس. “اللجنة الأولمبية الدولية لم تفعل أي شيء حتى الآن. “...” من المحرج أنها لا تتحدث، يجب أن تقول شيئًا قبل أشهر قليلة من الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين.
لم يقل رئيس الاتحاد الدولي للتنس ديف هاجرتي أي شيء أيضًا، ونأمل أن يفعل قريبًا مثل ستيف سيمون. «
   من الواضح أن ردود الفعل في الخارج على هذه القضية تخضع للرقابة على الشبكات الاجتماعية الصينية وكذلك في وسائل الإعلام.
 ومرة أخرى يوم الجمعة، أي بحث عن حساب اتحاد لاعبات التنس الرسمي لن يقود إلى أي شيء، ولم يعد اسم بينغ موجودًا على ويبو، الا ان قلّة من الصينيين تمكنوا من الاطلاع على تعليقات نوفاك ديوكوفيتش وسيرينا ويليامز. وأجاب أحد مستخدمي الإنترنت: “شكرًا لتناولكم الموضوع».

حالات “الاختفاء” المؤقتة
   ان “الاختفاء” الغامض لـ بينغ شواي يذكّر بآخرين في الصين. في بداية شهر سبتمبر، سبق ان اختفت فيكي تشاو (المعروفة أيضًا باسم تشاو وي)، إحدى أشهر الممثلات الصينيات، التي أصبحت منتجة وسيدة أعمال، قبل أن تظهر مجددا بعد عشرين يومًا على شبكة ويبو الاجتماعية.
   نفس الشيء ينطبق على جاك ما، الرئيس الصاخب لشركة علي بابا. كان الملياردير في مرمى نيران بكين منذ انتقادات علنية وجهها في أكتوبر 2020 ضد المنظم الصيني. منذ ذلك الحين، بالكاد شوهد جاك ما في الأماكن العامة. ووفق صحيفة ساوث شينا مورنينغ، المملوكة لشركة علي بابا، زار جاك ما أوروبا لأول مرة منذ عام في منتصف أكتوبر من أجل سلسلة من اجتماعات عمل.
   وحتى أقدم من ذلك، في خريف عام 2019، غابت اخبار فان بينغ بينغ، الممثلة الأعلى أجرا في ذلك الوقت في الصين، لأكثر من ثلاثة أشهر، قبل أن يتم العثور عليها في “منتجع” بالقرب من بكين. وكانت الممثلة البالغة من العمر 39 عاما والمتهمة بالتهرب الضريبي قد أعربت عن أسفها وقدمت “اعتذارها”. “لقد خنت بلدي وتوقعات المجتمع وحب المعجبين بي... أرجو أن تقبلوا اعتذاري... استميحكم عذرا “، نشرت حينها على منصة ويبو.

مقاطعة دبلوماسية
 لأولمبياد بكين
    فضيحة بينغ شواي تأتي في توقيت سيء بالنسبة للصين، حيث يقترب موعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير في بكين، بينما تتزايد الدعوات للمقاطعة في العالم الغربي. اعتاد النظام الصيني على استخدام الألعاب الأولمبية لاستعادة صورته على الساحة الدولية وكذلك لتغذية المشاعر القومية للشعب الصيني. وقالت اللجنة الأولمبية الدولية الخميس إنها تفضل عدم التعليق على هذه القضايا. “تبيّن لنا التجربة أن الدبلوماسية الصامتة توفر غالبًا أفضل فرصة لإيجاد حل لمسائل من هذا النوع”، قال متحدث باسمها.
   في المقابل، أشار جو بايدن الخميس، إلى أنه يفكر في المقاطعة الدبلوماسية لأولمبياد بكين. وقال للصحفيين “هذا شيء نفكر فيه”.
 وتعني المقاطعة الدبلوماسية إرسال الدولة لاعبيها للمشاركة في الألعاب دون أن يصحبهم أي سياسي. في اليوم نفسه ، كشف جيم بانكس، عضو الحزب الجمهوري ونائب إنديانا في مجلس النواب الأمريكي، أنه وجّه رسالة إلى بايدن يطلب منه التدخل لدى السلطات الصينية لإلقاء الضوء على هذه القضية. وتحذيرهم من أن هذه الفضيحة قد يكون لها تأثير سلبي على أولمبياد بكين في فبراير.
  فهل ان مصير الألعاب الأولمبية الشتوية، والخوف من فشل الهدف من تنظيمها، يفسر تسارع هذا الزخم من التسريبات صورا وفيديوهات، وعجّل بفك اسر لاعبة التنس الصينية؟ الإجابة لن تتأخر على الظهور لان الضغط يشتد، وحجم الخسارة، صورة وحضورا كبيراً بالنسبة لبكين.