القهوة رمز الضيافة والثقافة السعودية في القرية العالمية

القهوة رمز الضيافة والثقافة السعودية في القرية العالمية


ترتبط القهوة بالإرث الثقافي للمملكة العربية السعودية عبر تاريخ حافل بالعادات والتقاليد وقيم الكرم والضيافة والحضور الإنساني الجمالي والفني في الأغاني والقصائد واللوحات.. من هنا أصبحت عنصراً رئيساً في الثقافة والموروثات الشعبية السعودية وعلامة ثقافية تتميز بها المملكة سواءً من خلال زراعتها أو طرق تحضيرها وإعدادها وتقديمها للضيوف.. من منطلق المكانة العالية لهذا الرمز الثقافي والوطني جاءت تسمية عام 2022 بعام القهوة السعودية احتفالاً بالقيمة الثقافية للقهوة السعودية وارتباطها بعادات وتقاليد اجتماعية أصيلة.  اكتسبت القهوة السعودية شعبيتها في الشرق الأوسط بشكل أساسي بينما وصلت شهرتها إلى كل أنحاء العالم ويستمتع عشاق القهوة بمذاقها في كل مكان.. ويعود تاريخ القهوة السعودية بحسب المتخصصين لأكثر من 1000 عام, ويُحكى من الأساطير أن اكتشافها يعود إلى أحد رعاة الغنم من أثيوبيا في القرن التاسع والذي لاحظ التأثير المنشط للتوت الأحمر الفاتح وقرر إحضار التوت إلى أحد الكهنة والذي رفض استخدامها وألقى بها في النار لتفوح منها رائحة زكية. 

تاريخ القهوة:
   تاريخ القهوة موغل في القدم, على أن عمرها في جزيرة العرب لا يتعدى حوالي خمسة قرون.. ويرتبط اسم جمال الدين أبوعبدالله محمد بن سعيد الذبحاني بتاريخ القهوة في الجزيرة العربية, فقد عاش الشيخ الذبحاني في منتصف منتصف القرن الخامس عشر الميلادي وهو أول من أدخل هذا المشروب إلى الجزيرة العربية, وبالتالي فأن القهوة بكل أشكالها لم تكن معروفة لأهل الجزيرة العربية قبل هذا التاريخ.. كان الشيخ الذبحاني يتولى رئاسة الإفتاء في عدن تعرض عليه الفتاوى التي تتعرض للنوازل يجيز ما يراه وينقض أو يصحح ما يحتاج إلى تصحيح وكان أيام عمله ذاك على علاقة بالحبشة وربما أنه تعاطى التجارة مع تجار الحبشة, لذا كان يسافر إلى هناك وتعرف على مشروب القهوة وارتاحت لها نفسه, وبعد عودته أصيب بمرض جعله يتذكر مشروب القهوة فأرسل من جلبها له فطفق يصنعها كما كان يصنعها الأحباش وسقاها لخاصته وأهل بيته وعرفوا مقدار أثرها على الجسم الواهن والذهن المكدود.    بقيت القهوة محدودة الانتشار في اليمن ولقيت معارضة من مشايخها واعتبروه مشروباً جديداً ومبتدعاً لا يتناسب مع مروءة الرجل, أما الشيخ الذبحاني فقد انتهى أن أصبح من المتصوفة وترك القضاء والإفتاء ولازم شرب القهوة وهذا سبب آخر زاد من عدد معارضيها.. لكن القهوة أصبحت من لوازم الصوفية لأنها تساعدهم على السهر وقيام الليل.. بعد مدة لا تتجاوز العقد بدأ بعض المزارعين في زراعة شجرة القهوة بسبب انتشار شربها بين الطبقة العليا في اليمن ثم قلدتهم العامة خصوصاً طلبة العلم الذين يحتاجونها لمساعدتهم على السهر.
   من اليمن انتقلت القهوة إلى مكة وعارضها رجال الدين معارضة شديدة وأصدر بعضهم الفتاوى التي تحرمها وواعتبروها من جنس المسكرات والمثبطات وقالوا إنها تسبب العلل في الأبدان والضعف في العقول, وانقسم الناس بسببها إلى قسمين وكثرت الفتن والمواجهات خصوصاً عندما أيد بعض الفقهاء فريق المحللين للقهوة, واستعان بعض الفقهاء بالسلطة السياسية وطال النزاع طويلاً.. لكن المعارضين اخترعوا حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجه أسود من أسافل أوانيها.    ولعل شهرة القهوة وانتشارها في بقية البلاد الإسلامية حدثت عندما ظهرت القهوة لأول مرة في مصر في مطلع القرن العاشر الهجري فقد جلبها اليمنيون إلى رواقهم في الجامع الأزهر, وكان طلاب اليمن وما جاورهم في الرواق اليمني يسهرون للدراسة وترديد الأذكار وينشدون المدائح النبوية ويستعينون على مغالبة النعاس بشرب القهوة.. ولقيت القهوة معارضة علماء مصر وأصدر بعضهم فتاوى تحرمها ومع هذا بقيت معارضة مصر أخف وطأة من معارضة الحجاز.