بعد أن بايعته بلاده:

المجر: أوربان يواصل معركته ضد الاتحاد الأوروبي

المجر: أوربان يواصل معركته ضد الاتحاد الأوروبي

-- سلاح تشريعي، يستخدم لأول مرة، يمكن أن يحرم المجر من 40 مليار يورو من الإعانات
-- رقصة الطاووس لأوربان بين الشرق والغرب، ستحتل بالتأكيد النقاشات الأوروبية لفترة طويلة
-- خسرت المجر حليفتها بولندا في محاربة آلية احترام سيادة القانون بسبب الحرب في أوكرانيا


لم تنتظر أورسولا فون دير لاين طويلاً لتردّ بقوّة. بعد يومين فقط من إعادة انتخاب رئيس الوزراء فيكتور أوربان بأغلبية ساحقة في المجر، في الثالث من أبريل، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية تفعيل آلية المشروطية، التي تهدف إلى منع صرف المساعدات الأوروبية ضد دولة عضو تنتهك سيادة القانون. هذا السلاح التشريعي، الذي استخدم لأول مرة، يمكن أن يحرم المجر من 40 مليار يورو من الإعانات.
من ستة إلى تسعة أشهر، ستكون ضرورية لتنفيذ هذا القرار، والذي يجب المصادقة عليه من قبل أغلبية مؤهلة مكونة من 15 دولة من أصل 27 دولة عضو، تمثل 65 بالمائة من سكان أوروبا. يذكر ان الاتحاد الأوروبي يشير بأصابع الاتهام إلى بودابست بسبب نظامها القضائي، وعدم توازن السلطات فيها، ومنح العقود العامة بالمحاباة والمحسوبية، وعدم كفاية مكافحتها للفساد.

بودابست تخاطر
بزيادة عزلتها الدولية
يوم الثلاثاء 12 أبريل، التقى وزراء من 27 دولة أوروبية في لوكسمبورغ لمناقشة وضع سيادة القانون في خمس دول أعضاء، منها المجر.
 وقالت وزيرة العدل المجرية جوديت فارجا، إن مواطنيها لا يشاركون المفوضية الأوروبية مخاوفها، كما يتضح من الأغلبية المطلقة الممنوحة لحكومة أوربان.
«يسعدنا الرد على هذه المخاوف، لكننا نرفض المعايير المزدوجة والوصم”، هذا ما قالته الوزيرة المجرية. ففي “هذه الأوقات الصعبة، والحرب تدور على أعتاب المجر، يجب أن نظهر الوحدة والتضامن والصلابة بين الشركاء الأوروبيين، تتابع جوديت فارجا، يجب أن نركز على الموضوعات التي توحدنا بدلاً من تلك التي تفرق بيننا.»

وعشيّة انتصاره، أرهق أوربان “بيروقراطيي بروكسل”، كيس اللكم المفضل للزعيم السيادي منذ عودته إلى السلطة قبل اثني عشر عاما. بدأ الصراع بين الاتحاد الأوروبي وبودابست عام 2011، عندما أقرت حكومة أوربان الأولى تشريعاتها الإعلامية المثيرة للجدل، قبل الإصلاح المحافظ المتطرف للدستور في يناير 2012.
ومنذ اعتماد البرلمان الأوروبي لقرار يدعو مجلس الاتحاد الأوروبي، في سبتمبر 2018، للإشارة إلى “وجود مخاطر واضحة تتمثل في انتهاك المجر الخطير للقيم التي تأسس عليها الاتحاد”، والبلد في قبضة إجراء من المرجح أن يحرم بودابست من حقها في التصويت في المجلس الأوروبي. وأدى انفصال حزب فيدس عن حزب الشعب الأوروبي، الذي لوحظ في مارس 2021، إلى زيادة تهميش منظومة أوربان في بروكسل.

«إذا لم تتغير سياسة فيدس القارية، فإن الحكومة المجرية ستزيد من عزلتها الدولية، بينما تواجه احتمال فقدان الموارد الأوروبية، يحلل الصحفي لازلو أراتو، مراسل مجلة “إتش إف جي” في بروكسل. ورغم نجاحاته الوطنية، فقد أصبح حزب فيدس شريكًا غير مرغوب فيه بشكل خاص. ومن المؤكد أن “رقصة الطاووس” لأوربان بين الشرق والغرب، ستحتل بالتأكيد النقاشات الأوروبية لفترة طويلة.

الطلاق مع بولندا المحافظة
لفترة طويلة، كانت المجر قادرة على الاعتماد على بولندا لتحارب إلى جانبها آلية احترام سيادة القانون. لكن منذ الحرب في أوكرانيا، ابتعدت وارسو عن بودابست، التي ترفض أي عقوبات تتعلق بالطاقة ضد روسيا وشحن الأسلحة إلى كييف. خلال خطاب النصر الذي ألقاه في 3 أبريل، وضع أوربان الرئيس زيلينسكي ضمن خصومه.
وعلى عكس الدول الأعضاء الأخرى، وافقت المجر على دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، كما طالب فلاديمير بوتين.
بودابست، التي تعتمد بنسبة 85 بالمائة على الطاقة الروسية، تتبنّى الحياد الحذر مع موسكو من أجل الحفاظ على وصول رخيص للهيدروكربونات... حجة سهلت إعادة انتخاب رئيس الوزراء ...

إن “استراتيجية فيكتور أوربان للانفتاح على الشرق أصبحت فاشلة، كما أن تدهور علاقاته مع الحكومة البولندية، أهم حليف له، يظهر أنه سيستحيل عليه التعافي إذا حافظ على موقفه تجاه روسيا، يقول أندراس بيرو -ناجي، أستاذ العلوم السياسية، مدير مركز الأبحاث “حلول سياسية”. ان السمعة الدولية للزعيم المجري مهددة بضرر دائم جراء مقاربة حكومته للحرب في أوكرانيا.

ليس مهما، لا تتوقف المجر عن مواجهة بروكسل. ويهدد أوربان بعرقلة هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو مشروع تغيير صديق للبيئة يرى المجري إنه سيشجع على ارتفاع أسعار الطاقة. وترفض بودابست الاتفاقية الأوروبية للهجرة واللجوء، مع ان الخطة تلبي رغبات حزب فيدس. أخيرًا، ترفض السلطة التنفيذية المجرية اتفاقية التعاون المحتملة مدة عشرين عامًا مع دول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ، معتقدة أنها تغذي الهجرة غير الشرعية.