رئيس الدولة وولي عهد السعودية يؤكدان على تعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك
المواقع الوطنية في لائحة اليونسكو للتراث العالمي .. ذاكرة حضارية تحفظها أرض الإمارات
يعكس إدراج مواقع إماراتية على لائحة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، وعلى لائحتها التمهيدية، القيمة الحضارية والثقافية للمواقع الأثرية والطبيعية في دولة الإمارات، ويعزز جهود تنشيط السياحة الثقافية في الدولة.
وتدرك الدولة أهمية الحفاظ على المواقع الثقافية والطبيعية والأثرية، وتوثيقها، باعتبارها أحد المكونات الرئيسية للموروث المحلي، الأمر الذي دفعها إلى العمل عن كثب لتسجيل أهم تلك المواقع على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي جاءت بمثابة ذاكرة حضارية تستوعب تفاعل والتقاء العديد من الحضارات البشرية، وتكللت بإدراج مدينة العين وبعض مواقعها الأثرية على قائمة المنظمة الأممية للتراث الإنساني العالمي لتصبح أول موقع إماراتي على هذه القائمة.
وتعتبر المواقع المدرجة على اللائحة أو تلك المدرجة على اللائحة التمهيدية مقصداً للزائرين من داخل الدولة والسياح من الخارج، حيث تواكب الدعوة إلى زيارتها في هذه الأوقات من العام مع حملة أجمل شتاء في العالم التي تأتي نسختها الثالثة تحت شعار "موروثنا"، وتسعى إلى إبراز مقومات الموروث والهوية الوطنية، ومنظومة القيم الإماراتية الأصيلة المتوارثة.
-صون التراث.
وتسعى دولة الإمارات إلى إبراز العناصر التراثية بشقيها المادي وغير المادي على الساحة الدولية وتسجيلها على قوائم اليونسكو بما يسهم في التعريف بها، وترويجها عالمياً والحفاظ عليها وترميمها حسب المعايير الدولية لدى منظمة "اليونسكو"، حيث يعزز تسجيل أحد المواقع على لائحة المنظمة الدولية حضور الدولة على خريطة السياحة الثقافية العالمية، ما يدعم استدامة وصون التراث الثقافي وجعله أداة فاعلة في التنمية الاقتصادية.
وتعتبر مواقع التراث العالمي معالم تقوم لجنة التراث العالمي في "اليونسكو" بترشيحها ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية وهذه المعالم قد تكون طبيعية كالمحميات والمقابر وسلاسل الجبال والغابات وقد تكون من صنع الإنسان كالمباني، والقلاع والحصون والمدن.
وتعرف الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي الموقعة في العام 1972 "التراث الطبيعي" بأنه المعالم الطبيعية التي تتألف من التشكيلات الفيزيائية أو البيولوجية والمناطق المحددة بدقة والتي تؤلف موطناً للأجناس الحيوانية والنباتات المهددة.
- أهمية جيولوجية.
وشهد 2011 دخول أول المواقع الإماراتية على لائحة اليونسكو، حيث اتخذ قرار دخول مدينة العين خلال الاجتماع الـ 35 للجنة التراث العالمي بـ " اليونسكو" الذي عقد في مقر المنظمة في باريس.
وضمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" المدينة إلى هذه القائمة المهمة، واستندت المنظمة إلى الأهمية الجيولوجية والأثرية والتاريخية لجبل حفيت الذي يقع عند أطراف المدينة ويشرف عليها وكذلك إلى حضارة هيلي التي كانت تزدهر في العين فضلاً عن المنشآت ذات الأهمية التاريخية مثل "بدع بنت سعود" ومناطق الواحات ونظام الأفلاج الذي كان يستخدم لإدارة المياه والحفاظ عليها.
-واحة العين.
تعتبر واحة العين التي أدرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو مقصداً للزوار من المجتمع المحلي والسياح على حد سواء، والذين يستمتعون باستكشاف المركز البيئي التعليمي والتجول بين مجموعة واسعة من الممرّات المُظلَّلة بين ما يزيد عن 147 ألف نخلة، ومساحات شاسعة ينمو فيها قرابة 100 نوع من النباتات بالإضافة إلى عدد من المزارع المنتجة.
ويقدم المركز البيئي تجربة فريدة تنقل الزوار من الحاضر إلى الماضي، وذلك من خلال شاشات تفاعلية وأنشطة تثقيفية.
وتستعرض الواحة المصغرة مراحل نشأة واحة العين والعوامل التي أسهمت في ظهورها. وتبرز أساليب الري التقليدية المعروفة بالأفلاج، مسلطةً الضوء على أهمية موقع الواحة وأهم الحصون المحيطة به، والتي كانت تقوم بدور فعال في حماية الواحة والدفاع عنها من المخاطر الخارجية.
-موقع هيلي الأثري.
يقع أكبر موقع أثري للعصر البرونزي بالإمارات في منطقة هيلي بمدينة العين، ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثالثة قبل الميلاد واستمر حتى بداية الألف الثانية دون انقطاع.
وقد جرى ضم بعض أجزاء هذا الموقع إلى حديقة آثار هيلي، التي تم تصميمها لتسليط الضوء على الآثار التاريخية وإتاحتها للزوار. ويُعد مدفن هيلي الكبير واحداً من أكبر المدافن الجماعية في موقع هيلي الأثري المبنية بأشكال دائرية من الحجر المنحوت، فيما يصل قطره إلى 12 متراً، ويبدو أنه كان على ارتفاع 4 أمتار عن سطح الأرض.
ويحتوي المدفن على 4 غرف داخلية كل واحدة منها مخصصة لدفن عدد محدد من الموتى. ويتميز هذا المدفن بمدخلين يحملان زخارف لأشكال حيوانية وآدمية أبرزها حيوان المها "الوضيحي"، وهو من الحيوانات الأصلية في شبه الجزيرة العربية، ويقود المدخلان إلى الغرف الأربع التي تم استعمالها في دفن الموتى بجوار الهدايا والمتعلقات الشخصية.
-حضارة حفيت.
تؤرخ حضارة حفيت لبداية العصر البرونزي في الإمارات، حيث أظهرت عمليات التنقيب عن الآثار التي أجرتها البعثة الدنماركية منذ عام 1959، أن الإنسان قد استوطن منطقة العين منذ نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.
ويُستدل على ذلك بالبقايا الأثرية التي تم العثور عليها في منطقة جبل حفيت كالفخار والأدوات الحجرية والتي تعود إلى العصر البرونزي المبكر، وقد بلغ عمرها اليوم نحو 5 آلاف سنة، وهي تقدم أدلة عن البراعة والمهارات الحرفية للأسلاف الأوائل لسكان العين.
ويدل هذا الانتشار الحضاري الواسع على أهمية منطقة العين منذ ذلك التاريخ، حيث جرى التنقيب في العشرات من هذه المدافن التي تبين بأنها تشبه بعضها البعض خلال فترة تجاوزت خمسة عقود من الزمن.
-بدع بنت سعود.
تعتبر مدافن بدع بنت سعود من أهم المعالم الأثرية في العين، حيث أقيمت على قمم وسفوح هذا المرتفع، ويبلغ عددها أكثر من 40 مدفناً حجرياً مبنية من الحجارة غير المتناسقة، نُقب منها أكثر من 18 مدفناً تختلف في أشكالها وأحجامها وفتراتها الزمنية أيضاً.
أما أحدث المدافن التي تم التنقيب فيها فتعود إلى بداية الألف الأول قبل الميلاد، حيث كُشف عن 4 مدافن من تلك الفترة الزمنية، أحدها مستطيل الشكل طوله 8 أمتار وعرضه 6 أمتار.
وقد تبين من خلال عمليات التنقيب أن المدافن الواقعة على امتداد السفح الشرقي لمنطقة جرن بنت سعود تعود إلى العصر البرونزي، وهي شبيهة بالمدافن الموجودة في منطقة جبل حفيت.
-مواقع على اللائحة التمهيدية.
واجتاز 12 موقعاً إماراتياً الاشتراطات الخاصة بإدراجها في القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، حيث باتت مرشحة لاعتمادها ضمن القائمة الرسمية لمواقع التراث العالمي.
وتأتي جهود الإمارات في هذا المجال في إطار حرصها على الحفاظ على التراث الإماراتي الأصيل الذي يعتبر ركيزة أساسية للدولة العصرية وملمحاً من الملامح المميزة للمجتمع المحلي، وعنصراً أساسياً في تشكيل الهوية الوطنية، لذلك تلقى جهود تسجيل عناصر التراث دعماً غير محدود من مختلف الجهات المعنية في الدولة. والمواقع الـ12 المرشحة لدخول القائمة هي:
-موقع أم النار.. تقع جزيرة أم النار قبالة ساحل إمارة أبوظبي، وتتميز بموقع أثري يضم اكتشافات كبيرة ساعدت على إلقاء الضوء على حياة سكان الإمارات خلال العصر البرونزي وثقافتهم وأسلوب حياتهم. وكانت هذه الجزيرة الصغيرة بمثابة مستوطنة كبيرة لعبت دوراً فعّالاً في التجارة الإقليمية، حيث أظهرت القطع الأثرية المكتشفة أن سكانها كانوا يتاجرون مع أبناء حضارات بعيدة، مثل بلاد الرافدين القديمة وحضارة وادي السند.
-السبخة الساحلية .. تقع السبخة الساحلية في أبوظبي جنوب جزر الضبعية وأبوالأبيض، وتعد السبخة الكاملة الوحيدة في العالم التي تتضمن 4 طبقات رئيسة بارزة من المسطحات موجودة جميعها في موقع واحد، حيث لا يمثل هذا الموئل نظاماً بيئياً تقليدياً للكربون الأزرق فقط، وإنما من المحتمل أن يكون منشأ لمخزون التربة التاريخي من الكربون في السبخات الساحلية.
- مسجد البدية.. يعد مسجد البدية في الفجيرة أحد أبرز المعالم التاريخية في الدولة ويعود تاريخ البناء إلى عام 1446، ويتميز بمساحته الصغيرة، وتصميمه المعماري والإنشائي الفريد في التسقيف، إذ لم تستخدم الأخشاب في رفع سقفه، بل يعتمد على عمود في وسطه، يحمل قباب المسجد الأربعة في نظام هندسي بديع.
-موقع الدور..يعد موقع الدور الأثري إحدى أكبر المستوطنات المحلية على ساحل إمارة أم القيوين خلال فترة العصر الروماني و تصل مساحة الموقع حوالي 2 كيلومتر مربع، وازدهر الموقع خلال أواخر القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي.
و يعتبر موقع الدور ميناء تجاريا حيث كان نقطة توقف رئيسية في الرحلات التجارية بين جنوب بلاد الرافدين وبلاد فارس والهند، وقد تم الإشارة إلى الموقع في المصادر اليونانية والرومانية بأنه قد يكون ميناء "عمانه". ويضم الموقع العديد من المباني الأثرية المميزة مثل معبد إله الشمس والحصن الدفاعي وعدد من المباني الحجرية والقبور الجماعية والفردية.
-خور دبي..كان خور دبي ولايزال القلب النابض للمدينة، وهو عبارة عن لسان في الخليج العربي يفصل مدينة دبي القديمة إلى قسمين ديرة وبر دبي، وتطل على جوانبه سلسلة من المباني المعمارية الحديثة، وأخرى صروحاً من الأبنية المعمارية التراثية التي تعكس جوهر الماضي والمتمثل في المناطق التاريخية التي تضم ما يقارب 192 مبنى تراثياً.
يتابع الخور امتداده نحو محمية الحياة البرية في رأس الخور التي تؤوي ما يزيد على 20000 طائر مائي من 67 نوعاً، وأكثر من 500 صنف مختلف من النباتات والحيوانات.
- صير بونعير ..تقع جزيرة صير بونعير في الشارقة على بعد 65 كلم من سواحل دولة الإمارات على الخليج العربي، وتمتد على مساحة 13 كلم مربع، وهي محمية طبيعية فريدة، نظراً لمعالمها البيئية المهمة، والتي تتضمن طبقات جيولوجية، ونباتات طبيعية، وطيوراً بحرية، وتتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة، كما تشكل الجزيرة ملجأ طبيعياً للسلاحف منذ أكثر من 2000 عام.
-قلب الشارقة..تحتوي منطقة قلب الشارقة على عدد كبير من المواقع التاريخية والأثرية، التي يعكس كل واحد منها قيمة تاريخية كبيرة، نظراً لكونها شاهدة على التقاء الحضارات الإنسانية في هذه المنطقة، التي لم تشكل نقطة عبور للقوافل التجارية والبحرية والبرية فحسب، بل مثلت أيضاً نقطة تواصل بين شعوب وقبائل مختلفة، ومن أبرز هذه المواقع ميناء الشارقة القديم.
-المنطقة الوسطى..تعبر المنطقة الوسطى بشكل فريد عن تاريخ المنطقة الممتد في منطقة جبلية محاطة بظروف صحراوية قاسية. وتنقل المنطقة براعة السكان في التكيف والتعايش مع الظروف والعوامل البيئة المختلفة، من العصر الحجري القديم إلى فترة ما قبل الإسلام، وتضم المنطقة خمسة مواقع أثرية رئيسة.
-جلفار .. المدينة التجارية..تقع جلفار المدينة التجارية في رأس الخيمة على مقربة من مضيق هرمز، وتضم أراضي خصبة تعد من أكبر المناطق الصالحة للزراعة، وحدائق نخيل مميزة، ونظراً لتكرار التغيرات الطبيعية في بيئة جلفار واستخدام الأراضي فإن العديد من المواقع الأثرية المهمة أصبحت مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمدينة.
-منطقة شمل..تمثل منطقة شمل مشهداً أثرياً كثيفاً يمتد على طول سفوح جبال رأس الخيمة لأكثر من 3 كيلومترات، وتتميز بالسهول الحصوية مع غابات الأكاسيا، وتضم المنطقة أكثر من 100 مقبرة تعود إلى ما قبل التاريخ ومستوطنات ما قبل التاريخ وقصر من القرون الوسطى يعود لفترة وادي سوق (2000-1600 قبل الميلاد).
-منطقة ضاية..تعتبر منطقة ضاية من أكثر المواقع إثارة للإعجاب وأهمية في إمارة رأس الخيمة من حيث موقعها الجغرافي ومشهدها الثقافي، حيث تحيط بها الجبال شديدة الانحدار التي يصل ارتفاعها إلى 850 متراً من ثلاث جهات، ومن أهم المناظر الطبيعية المختلفة والأماكن الأثرية والمواقع التاريخية في ضاية: البحيرة، حدائق النخيل والحصن، وحصن ضاية.
-الجزيرة الحمراء..كانت الجزيرة الحمراء التي تبلغ مساحتها 45 هكتاراً تقع في الأصل داخل الخليج قبالة الساحل الجنوبي لرأس الخيمة، وكان الطرف الجنوبي الشرقي متصلاً تقريباً بالبر الرئيسي، ويمكن الوصول إليها في معظم الأوقات. وتربط الأزقة الضيقة في الجزيرة الحمراء مجموعة من المنازل ذات الأفنية التي بنيت من الأحجار المرجانية وصخور الشاطئ الأحفورية بتقنية الطبقات، ويمكن أيضاً العثور على أمثلة لمنازل تجار اللؤلؤ في الجزيرة.