رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
نعرف شيئا واحدا :
الموتى سيظلون أمواتا و الجرحى لا يَشفون دائما
يعود الكاتب الفلسطيني المولود في القدس إلى المشاعر الصعبة والمتناقضة التي تسكنه في أعقاب» الفظائع «التي ارتكبتها حركة حماس، والتي يعاني شعبها من العنف اليومي الذي تمارسه «القوة الاستعمارية» الإسرائيلية، والذي بلغ ذروته مع حصار غزة.
أن آخذ الكلمة اليوم في فرنسا، كفلسطيني، هي ممارسة محفوفة بالمخاطر. لقد احتدمت الأجواء، وأصبح الخطاب الإعلامي والسياسي مغلقًا ومُنغلقًا. فهل من الممكن إذن أن أُسمع؟
ولكننا نعرف شيئًا واحدًا: الموتى يظلون أمواتاً والجرحى لا يشفون دائماً. وفاة واحدة هي عشرة أشخاص، عائلة، قرية، في حالة حداد ومكسورة. وغالبًا ما يكون الشخص الجريح جسدًا مشوهًا. وعندما يتحول الاهتمام الدولي، إلى شيء آخر، سيبقى المشوه مشوهاً ويبقى الموتى أمواتاً. إن التهم التي تجعلنا في حالة تشويق تخفي الوقت العميق لواقعنا، والذي سيستمر عندما يتناول العالم جرعته من آلامنا المشتركة ولم يعد يريد أن ينظر إلينا في وجوهنا. سيبقى المشوهون مشوهين وسيبقى الموتى أمواتًا. إن العد التنازلي ، الذي يجعلنا في حالة تشويق، يخفي الوقت العميق لواقعنا، والذي سيستمر عندما يتناول العالم جرعته من آلامنا المشتركة ولم يعد يريد أن ينظر إلينا في وجوهنا. .
صحيح أنني أستطيع أن أقوم بإحصاء جانب أو آخر، لأثبت، على سبيل المثال، أنه بعد تصاعد العنف، يكون عدد الضحايا الفلسطينيين دائمًا غير متناسب مع عدد الضحايا الإسرائيليين، ليس من قبيل الصدفة ولكن لأنه في الأساس ثمة توازن قوى غير متماثل. سيكون الدخول في لعبة أوَدُ، على الأقل لفترة من الوقت، أن أنأى بنفسي عنها، لأنها تثير اشمئزازي. الاستقطاب والثنائية هذا لا يعنيان أنني أريد تجاهل السياق. على العكس من ذلك: أعني كيف تكون حياة المستعمَر، مزيجا معقدا من المشاعر المشوشة والغريبة والصعبة، ومن بينها، نعم، الكراهية تجاه الظالم والابتهاج برؤية الجدران تنهار. إذا أردنا أن نفهم ما يحدث لنا، فيجب علينا أيضًا أن نتفق على فهم التأثير الذي يمكن أن تفعله صورة الجرافة التي تدمر جزءا من جدار الفصل العنصري، أو الدبابة المقلوبة، في ذهن الفلسطيني؟
إن فهم ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أننا نبتهج بالانتهاكات التي ارتكبتها حماس والتي تلت ذلك، والتي كنا جميعاً ضحاياها جماعياً، حتى لو كان من الواضح أن هذه الصور جزء منها. يمكن لفكرتين متناقضتين أن تتعايشا، حتى في عصر الاستقطاب هذا، بين التفضيلات والثنائيات والحقائق العامة المؤكدة في المدرجات، على الشبكات، أينما نتحدث ونستمع.
إن الحداد لا يتوزع بين من يستحقه ومن لا يستحقه. ويمكننا أن نقول: إن المجازر كتلك التي وقعت في حفل بمهرجان « تريب أوف نوفا» هي رعب شنيع، و: إسرائيل قوة استعمارية شرسة تحمل ذنب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. إن التعرف على رعب ما ، لا يعني التقليل من رعب آخر. إن مصير بلدي وشعبي ليس لعبة محصلتها صفر. لقد عاش الفلسطينيون تحت نير رهيب لمدة خمسة وسبعين عاما. يشمل الاستعمار حقائق قابلة للقياس والتحقق: الاغتيالات، والتشويه، والمصادرة، والسجن، والآثار النفسية، وما إلى ذلك. وأدوات هذا الاستعمار متنوعة.
والأكثر وضوحا، مثل الجيش حيث يخدم غالبية الإسرائيليين لمدة عامين أو ثلاثة أعوام، ونقاط التفتيش، والمستوطنين، والتفجيرات أو الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007؛ إلى أقل إثارة، من هذا القبيل مثل البنية التحتية للطرق، ونظام التصاريح القاسي والمُهين الذي يحكم الحياة اليومية للفلسطينيين، وتقسيم الضفة الغربية إلى مناطق تسهل الاستعمار والسيطرة على الموارد، أو حتى الاعتقالات الإدارية التعسفية. كل هذه الأمور تشكل جريمة ضد الإنسانية، ألا وهي الفصل العنصري الإسرائيلي، وهو مصطلح تشهد عليه وتثبته العديد من المنظمات.
إن الحداد لا يتوزع بين من يستحقه ومن لا يستحقه. ويمكننا أن نقول: إن المجازر كتلك التي وقعت في حفل بمهرجان « تريب أوف نوفا» هي رعب شنيع، و: إسرائيل قوة استعمارية شرسة تحمل ذنب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. إن التعرف على رعب ما ، لا يعني التقليل من رعب آخر. إن مصير بلدي وشعبي ليس لعبة محصلتها صفر. لقد عاش الفلسطينيون تحت نير رهيب لمدة خمسة وسبعين عاما. يشمل الاستعمار حقائق قابلة للقياس والتحقق: الاغتيالات، والتشويه، والمصادرة، والسجن، والآثار النفسية، وما إلى ذلك. وأدوات هذا الاستعمار متنوعة.
والأكثر وضوحا، مثل الجيش حيث يخدم غالبية الإسرائيليين لمدة عامين أو ثلاثة أعوام، ونقاط التفتيش، والمستوطنين، والتفجيرات أو الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007؛ إلى أقل إثارة، من هذا القبيل مثل البنية التحتية للطرق، ونظام التصاريح القاسي والمُهين الذي يحكم الحياة اليومية للفلسطينيين، وتقسيم الضفة الغربية إلى مناطق تسهل الاستعمار والسيطرة على الموارد، أو حتى الاعتقالات الإدارية التعسفية. كل هذه الأمور تشكل جريمة ضد الإنسانية، ألا وهي الفصل العنصري الإسرائيلي، وهو مصطلح تشهد عليه وتثبته العديد من المنظمات.
ما أقتبسه يحدث خلال فترات تصفها وسائل الإعلام بـ»الهدوء.» وكما كتب الصحفي محمد مهاويش من غزة، في مجلة +972، «الهدوء» هو عندما «تقصف غزة، بينما (...) تهدم المنازل، ويطلق النار على الصحفيين، وتهاجم سيارات الإسعاف، وتخرب المساجد، وتُقصف المدارس بالغاز، والفلسطينيون يًتم ذبحهم.» وفي نفس المجلة، كتب زميله الإسرائيلي حجي مطر من تل أبيب: «إن الخوف الذي يشعر به الإسرائيليون حاليا، وأنا منهم، ليس سوى جزء صغير مما يشعر به الفلسطينيون يوميا.
هل هذا القول يقلل من خوف الإسرائيليين أو من هول الانتهاكات التي يرتكبها الطرفان في هذه اللحظة بالذات؟ أم أنها توفر السياق والراحة، وتستعيد أيضًا إنسانية كل شخص؟ وفي الاضطرابات التي بدأت للتو، يجب علينا أن نتحلى بسمو القلب و العقل.
إنني أكتب كفلسطيني، وكذلك كإنسانوي. أنا أزن معنى هذه الكلمة التي كثيرا ما يبالغ في استخدامها. لكن النزعات الإنسانوية - وأنا أفضل أن تكون متعددة ومفتوحة - تجعل التناقضات والفروق الدقيقة ممكنة. وهذه الأخيرة تمثل قوة جذرية عظيمة. إنه ليس مرادفًا للغموض: بل على العكس من ذلك، فهو يتطلب كلمات دقيقة لوصف العالم بدقة. وفي مشهد سياسي وإعلامي يتسم بالتفضيل واليقين والمطلق والأداء، يعد هذا عملاً ثوريًا. تتيح لنا الفروق الدقيقة أن ندرك أن هذه الأشياء، نعم، معقدة ومربكة وغير محتملة، ولكن لا يزال يتعين علينا أن نفهمها، وأن نتحلى بالشجاعة لمواجهتها. إنها أداة تحرير للمستعمَر والمستوطن على السواء. وإذا كنت مخطئًا، إذا أثبت المستقبل أن كل هذا مجرد أمنيات وسذاجة، أفضّل أن أكون مخطئًا فيما يتعلق بالكرامة بدلاً من أن أكون على حق مع العار.
*كريم قطان كاتب فلسطيني من مواليد القدس. يكتب باللغتين الإنجليزية والفرنسية. صدرت روايته الأولى « قصر الهضبتين « عن دار إليزاد عام 2021، وحصلت على جائزة القارات الخمس للفرانكفونية في العام نفسه . روايته القادمة “عدن في الفجر” ستصدر خلال عام 2024 .