النسور تحفظ التاريخ.. اكتشاف مذهل في كهوف إسبانيا

النسور تحفظ التاريخ.. اكتشاف مذهل في كهوف إسبانيا

لم يكن أحد يتوقع أن تتحول أعشاش النسور إلى "متحف طبيعي" يوثّق قرونا من التاريخ البشري، لكن هذا بالضبط ما كشفه علماء في إسبانيا مؤخرا.
ففي كهوف جنوب البلاد، عثر باحثون على سجل تاريخي محفوظ داخل أعشاش النسور الملتحية، يحتوي على طبقات من العظام والمقتنيات البشرية القديمة، ظلت مخزّنة بعناية عبر مئات السنين.
النسور الملتحية، التي لم يتبقَّ منها سوى 309 أزواج في أوروبا، كانت تبني أعشاشها في تجاويف المنحدرات، وتورثها لأجيالها المتعاقبة، ما جعل تلك المواقع أشبه بـ"أرشيف بيئي" يوثّق التغيّرات التي شهدتها المنطقة منذ العصور الوسطى.
وبحسب فريق الباحثين بقيادة عالم البيئة أنتوني مارغاليدا من معهد أبحاث الحياة البرية والصيد في إسبانيا، فإن الكهوف الباردة والمحمية ساعدت في الحفاظ على بقايا العظام ومواد التعشيش في حالة ممتازة، لتتحول إلى سجل طبيعي للحياة البرية والأنشطة البشرية في المنطقة.
ومن بين ما وُجد داخل الأعشاش: صنادل قديمة مصنوعة من الأعشاب والأغصان تعود إلى القرن الرابع عشر، وقطعة جلد مزخرفة عمرها نحو 650 عاما، إضافة إلى سلة منسوجة وسهم ومقلاع، جميعها محفوظة بطريقة مذهلة.
ويشير العلماء وفقا لموقع "ساينس أليرت"، إلى أن النسور كانت تلتقط هذه المواد من محيطها لبناء الأعشاش وعزل البيض، من دون قصد منها، لتصبح شاهدة على فترات تاريخية متعاقبة.
ويقول مارغاليدا إن "أعشاش النسور عملت كمتاحف طبيعية تحفظ تاريخنا المشترك"، مضيفا أن تحليل هذه الطبقات وفحص قشور البيض والعظام القديمة قد يقدّم أدلة بيئية وتاريخية فريدة عن استخدام المبيدات والعادات الغذائية للحيوانات والبشر على حد سواء.
ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف يفتح فصلا جديدا في دراسة العلاقة بين الطبيعة والتاريخ الإنساني، حيث لعبت الطيور دور "الأمناء الصامتين" على ذاكرة الأرض.