سهيل المزروعي: الإمارات من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة الأمريكي
موجة التفاؤل لم تستمر:
الهند: بعض التفسيرات لعودة الوباء المدمرة...!
• سوء النظافة والاكتظاظ ساهما في انتشار المرض
• تتزامن الموجة الثانية مع انتشار ما يسمى بالمتغير البريطاني ومتغير يحمل طفرة مزدوجة
• عشر ولايات "من أصل 28" تحتضن غالبية الحالات والوفيات 81 بالمائة
• لا يمكن تطبيق عمليات الحجر الصارمة والواسعة النطاق التي طبّقت في أماكن أخرى من العالم
• يجب التخلي عن فكرة تنظيم التجمعات الكبرى مثل اللقاءات السياسية أو الاحتفالات الدينية
لم تستمر فترة التفاؤل المرتبطة بانخفاض هائل في عدد الحالات في بداية العام: الهند تشهد موجة ثانية من الإصابات تشبه موجة المد والجزر.
الهند في خضم موجة ثانية ضخمة من كوفيد-19. يتجاوز الآن عدد الإصابات اليومية الجديدة تلك الموجودة في الولايات المتحدة والبرازيل مجتمعين. وجاءت الذروة الحالية بعد فترة هدوء قصيرة: فقد ارتفع عدد الحالات اليومية الجديدة من 97 الفا في سبتمبر 2020 إلى حوالي 10 الاف في يناير 2021.
ولكن اعتبارًا من نهاية فبراير، بدأت الحالات الجديدة اليومية في الارتفاع بشكل حاد مرة أخرى، لتصل إلى 100 ألف حالة يوميًا. بعد شهرين، تم تجاوز الحاجز البالغ 200 ألف حالة "أو حتى تجاوزه إلى حد كبير: أحصت السلطات يوم الاثنين 352991 حالة جديدة، وهو رقم قياسي عالمي، وتوفي 2812 شخصًا ".
تم إعادة حظر التجول الحجر الصحي في عطلة نهاية الأسبوع في بعض الولايات مثل ولاية ماهاراشترا، والعاصمة الاقتصادية للبلاد، مومباي، الخدمات الصحية ومحارق الجثث تجاوزتها الأحداث، وهناك افتقار الى مواد الاختبار، وتتزايد مدة انتظار النتائج.
كيف انتشر الوباء؟
كان سكان الأحياء الفقيرة، والذين لا تحتوي منازلهم على مراحيض، هم الأكثر تضررًا، مما يشير إلى أن سوء النظافة والاكتظاظ ساهما في انتشار المرض.
خلال المناقشات حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ في الحالات، سيطرت كلمة واحدة على المناقشات: "إهمال". ويقع هذا الإهمال على الأفراد الذين لا يرتدون كمامات ولا يحترمون التباعد الجسدي، لكن هذا ليس سوى جزء من القصة.
يمكن ملاحظة الإهمال أيضًا في الغياب شبه التام للقوانين، أو في عدم إنفاذها في حال وجودها، سواء في مواقع العمل أو في الأماكن العامة. وساهمت التجمعات الدينية والاجتماعية والسياسية بشكل مباشر في انتشار الفيروس من خلال تنظيم أحداث تساعد على الانتشار الواسع. لكن هذا لا يفسر ايضا بشكل كامل الزيادة الهائلة في الحالات التي نراها اليوم.
في الهند، تتزامن الموجة الثانية أيضًا، مع انتشار ما يسمى بالمتغير "البريطاني". وجد تقرير حديث أن 81 بالمائة من آخر 401 عينة تم إرسالها للتسلسل من قبل ولاية البنجاب تحتوي على البديل البريطاني لفيروس كورونا سارس-كوف-2.
بالإضافة إلى ذلك، ينتشر متغير يحمل طفرة مزدوجة جديدة في الهند، مما قد يساهم أيضًا في زيادة الحالات.
وأظهرت الدراسات أيضًا، أن بعض المتغيرات قد تكون أكثر قدرة على الافلات من نظام مناعتنا، مما يعني أن هناك خطرًا من إصابة الأشخاص الذين يتمتعون بالمناعة أو المصابين سابقًا بالعدوى أو أصيبوا مجددا.
المراجعة صعوداً
خلال المرحلة الأولى من الوباء، تم الإشادة بالهند لمعدل الوفيات المنخفض المرتبط بـ كوفيد-19، حيث كان حوالي 1 فاصل 5 بالمائة. إلا أن المجلة العلمية ذي لانسيت، حذرت في افتتاحيتها في 26 سبتمبر والمخصصة للوضع الهندي، من "مخاطر التفاؤل المضلل".
عند الجائحة، تنسب سلطات الصحة العامة عمومًا وفيات معينة، قد تكون أسبابها معقدة، إلى المرض السائد. في أبريل 2020، اضطرت منظمة الصحة العالمية الى توضيح كيفية احتساب الوفيات المرتبطة بـ كوفيد-19:
و"لأغراض المراقبة، تعتبر وفاة بسبب كوفيد-19، كل وفاة ناتجة عن مرض متوافق سريريًا، في حالة محتملة أو مؤكدة لـ كوفيد-19، في غياب أي سبب واضح آخر للوفيات غير المرتبطة بمرض فيروس كورونا (مثل الصدمة)."
ومن غير الواضح إلى أي مدى أخذت السلطات الصحية في ولايات مختلفة في الهند هذه التوصيات في الاعتبار عند إحصاء الوفيات.
بعد تعرضها لانتقادات لكونها غير دقيقة، أنشأت العديد من الولايات الهندية لجان خبراء لمراجعة أرقام الوفيات الناجمة عن الوباء والتحقق منها، وتم إجراء تصحيحات على معدل الوفيات. ولايزال مدى سوء الإحصاء وحجمه قيد البحث حاليا.
وتشير بيانات الوفيات التي تم جمعها في المقاطعات، إلى أن معدل الوفيات قد تجاوز 3 فاصل 4 بالمائة في العديد منها، مثل ولاية ماهاراشترا أو البنجاب أو جوجارات، لكل من الموجة الأولى والموجة الحالية. وتجاوزت معدلات الوفيات في بعض المناطق الأكثر تضررًا 5 بالمائة، وهو ما يشبه الوضع في الولايات المتحدة.
ما التحديات هذه المرة؟
عشر ولايات (من أصل 28) تحتضن غالبية الحالات والوفيات (81 بالمائة) ، وهذا هو الحال بشكل خاص في البنجاب ومهاراشترا. بالإضافة إلى ذلك، تمثل خمس ولايات (ماهاراشترا وتشهاتيسجاره وكارناتاكا وأوتار براديش وكيرالا) أكثر من 70 بالمائة من الحالات. ومع ذلك، يبدو الآن أن العدوى انتقلت من المدن الكبرى إلى البلدات والضواحي الأصغر، حيث البنية التحتية الصحية أقل تطورًا.
عام 2020، دعت استراتيجية الحكومة لمكافحة الأوبئة، إلى مشاركة المسؤولين من جميع الوزارات (منها وزارات أخرى غير وزارة الصحة) في أنشطة مكافحة كوفيد -19، لكن تم اعادة هؤلاء المسؤولين منذئذ الى وزاراتهم. ومن المحتمل أن يكون لهذا تأثير على اكتشاف الحالات وإمكانية تتبعها وعلاجها. علاوة على ذلك، يتعين على العاملين في قطاع الصحة الآن الاهتمام بحملة التطعيم، بالإضافة إلى رعاية المرضى.
والآن؟
في مطلع مارس، أعلنت الحكومة الهندية أن الوباء على وشك الانتهاء... ومن الواضح أن التفاؤل كان سابقا لأوانه.
ورغم انتشار حملة التطعيم وإعطاء أكثر من 100 مليون جرعة من اللقاح، إلا أن 1 بالمائة فقط من سكان البلاد محميون حاليًا بجرعتين. وتشعر فرقة العمل الهندية بالقلق أيضًا من أن العرض الشهري للقاح، والذي يتراوح حاليًا بين 70 إلى 80 مليون جرعة، "أقل من نصف" الهدف، وهو 150 مليون جرعة شهريًا.
لا يمكن تطبيق عمليات الحجر الصارمة والواسعة النطاق التي تم وضعها في أماكن أخرى من العالم على جميع أنحاء الهند، بسبب تأثيرها على العمّال الفقراء. وفي انتظار تحقيق تغطية تطعيم أوسع، يجب تعزيز تدابير الحجر المحلية. وينطوي هذا على مراقبة صارمة للمحيط حيث من المفترض أن تطبق هذه التدابير، من أجل ضمان عدم وجود حركة للسكان داخل أو خارج المناطق التي تنتشر فيها الأوبئة المحلية. ومن الضروري أيضًا، ضمان الامتثال لتدابير الحجر، من خلال مراقبة البيوت الخاصة، وتنفيذ استراتيجيات تتبع الاتصال والاختبارات المعممة. وغني عن البيان، أنه يجب التخلي عن فكرة تنظيم التجمعات الكبرى مثل اللقاءات السياسية أو الاحتفالات الدينية، إلى أن يتم تطعيم المزيد من الناس. وستتطلب السيطرة على الوباء قيادة قوية واستراتيجيات لامركزية تشدد على القيود المحلية.
*رئيس مركز الطب الاجتماعي وصحة المجموعات في جامعة جواهر لال نهرو.
• تتزامن الموجة الثانية مع انتشار ما يسمى بالمتغير البريطاني ومتغير يحمل طفرة مزدوجة
• عشر ولايات "من أصل 28" تحتضن غالبية الحالات والوفيات 81 بالمائة
• لا يمكن تطبيق عمليات الحجر الصارمة والواسعة النطاق التي طبّقت في أماكن أخرى من العالم
• يجب التخلي عن فكرة تنظيم التجمعات الكبرى مثل اللقاءات السياسية أو الاحتفالات الدينية
لم تستمر فترة التفاؤل المرتبطة بانخفاض هائل في عدد الحالات في بداية العام: الهند تشهد موجة ثانية من الإصابات تشبه موجة المد والجزر.
الهند في خضم موجة ثانية ضخمة من كوفيد-19. يتجاوز الآن عدد الإصابات اليومية الجديدة تلك الموجودة في الولايات المتحدة والبرازيل مجتمعين. وجاءت الذروة الحالية بعد فترة هدوء قصيرة: فقد ارتفع عدد الحالات اليومية الجديدة من 97 الفا في سبتمبر 2020 إلى حوالي 10 الاف في يناير 2021.
ولكن اعتبارًا من نهاية فبراير، بدأت الحالات الجديدة اليومية في الارتفاع بشكل حاد مرة أخرى، لتصل إلى 100 ألف حالة يوميًا. بعد شهرين، تم تجاوز الحاجز البالغ 200 ألف حالة "أو حتى تجاوزه إلى حد كبير: أحصت السلطات يوم الاثنين 352991 حالة جديدة، وهو رقم قياسي عالمي، وتوفي 2812 شخصًا ".
تم إعادة حظر التجول الحجر الصحي في عطلة نهاية الأسبوع في بعض الولايات مثل ولاية ماهاراشترا، والعاصمة الاقتصادية للبلاد، مومباي، الخدمات الصحية ومحارق الجثث تجاوزتها الأحداث، وهناك افتقار الى مواد الاختبار، وتتزايد مدة انتظار النتائج.
كيف انتشر الوباء؟
كان سكان الأحياء الفقيرة، والذين لا تحتوي منازلهم على مراحيض، هم الأكثر تضررًا، مما يشير إلى أن سوء النظافة والاكتظاظ ساهما في انتشار المرض.
خلال المناقشات حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ في الحالات، سيطرت كلمة واحدة على المناقشات: "إهمال". ويقع هذا الإهمال على الأفراد الذين لا يرتدون كمامات ولا يحترمون التباعد الجسدي، لكن هذا ليس سوى جزء من القصة.
يمكن ملاحظة الإهمال أيضًا في الغياب شبه التام للقوانين، أو في عدم إنفاذها في حال وجودها، سواء في مواقع العمل أو في الأماكن العامة. وساهمت التجمعات الدينية والاجتماعية والسياسية بشكل مباشر في انتشار الفيروس من خلال تنظيم أحداث تساعد على الانتشار الواسع. لكن هذا لا يفسر ايضا بشكل كامل الزيادة الهائلة في الحالات التي نراها اليوم.
في الهند، تتزامن الموجة الثانية أيضًا، مع انتشار ما يسمى بالمتغير "البريطاني". وجد تقرير حديث أن 81 بالمائة من آخر 401 عينة تم إرسالها للتسلسل من قبل ولاية البنجاب تحتوي على البديل البريطاني لفيروس كورونا سارس-كوف-2.
بالإضافة إلى ذلك، ينتشر متغير يحمل طفرة مزدوجة جديدة في الهند، مما قد يساهم أيضًا في زيادة الحالات.
وأظهرت الدراسات أيضًا، أن بعض المتغيرات قد تكون أكثر قدرة على الافلات من نظام مناعتنا، مما يعني أن هناك خطرًا من إصابة الأشخاص الذين يتمتعون بالمناعة أو المصابين سابقًا بالعدوى أو أصيبوا مجددا.
المراجعة صعوداً
خلال المرحلة الأولى من الوباء، تم الإشادة بالهند لمعدل الوفيات المنخفض المرتبط بـ كوفيد-19، حيث كان حوالي 1 فاصل 5 بالمائة. إلا أن المجلة العلمية ذي لانسيت، حذرت في افتتاحيتها في 26 سبتمبر والمخصصة للوضع الهندي، من "مخاطر التفاؤل المضلل".
عند الجائحة، تنسب سلطات الصحة العامة عمومًا وفيات معينة، قد تكون أسبابها معقدة، إلى المرض السائد. في أبريل 2020، اضطرت منظمة الصحة العالمية الى توضيح كيفية احتساب الوفيات المرتبطة بـ كوفيد-19:
و"لأغراض المراقبة، تعتبر وفاة بسبب كوفيد-19، كل وفاة ناتجة عن مرض متوافق سريريًا، في حالة محتملة أو مؤكدة لـ كوفيد-19، في غياب أي سبب واضح آخر للوفيات غير المرتبطة بمرض فيروس كورونا (مثل الصدمة)."
ومن غير الواضح إلى أي مدى أخذت السلطات الصحية في ولايات مختلفة في الهند هذه التوصيات في الاعتبار عند إحصاء الوفيات.
بعد تعرضها لانتقادات لكونها غير دقيقة، أنشأت العديد من الولايات الهندية لجان خبراء لمراجعة أرقام الوفيات الناجمة عن الوباء والتحقق منها، وتم إجراء تصحيحات على معدل الوفيات. ولايزال مدى سوء الإحصاء وحجمه قيد البحث حاليا.
وتشير بيانات الوفيات التي تم جمعها في المقاطعات، إلى أن معدل الوفيات قد تجاوز 3 فاصل 4 بالمائة في العديد منها، مثل ولاية ماهاراشترا أو البنجاب أو جوجارات، لكل من الموجة الأولى والموجة الحالية. وتجاوزت معدلات الوفيات في بعض المناطق الأكثر تضررًا 5 بالمائة، وهو ما يشبه الوضع في الولايات المتحدة.
ما التحديات هذه المرة؟
عشر ولايات (من أصل 28) تحتضن غالبية الحالات والوفيات (81 بالمائة) ، وهذا هو الحال بشكل خاص في البنجاب ومهاراشترا. بالإضافة إلى ذلك، تمثل خمس ولايات (ماهاراشترا وتشهاتيسجاره وكارناتاكا وأوتار براديش وكيرالا) أكثر من 70 بالمائة من الحالات. ومع ذلك، يبدو الآن أن العدوى انتقلت من المدن الكبرى إلى البلدات والضواحي الأصغر، حيث البنية التحتية الصحية أقل تطورًا.
عام 2020، دعت استراتيجية الحكومة لمكافحة الأوبئة، إلى مشاركة المسؤولين من جميع الوزارات (منها وزارات أخرى غير وزارة الصحة) في أنشطة مكافحة كوفيد -19، لكن تم اعادة هؤلاء المسؤولين منذئذ الى وزاراتهم. ومن المحتمل أن يكون لهذا تأثير على اكتشاف الحالات وإمكانية تتبعها وعلاجها. علاوة على ذلك، يتعين على العاملين في قطاع الصحة الآن الاهتمام بحملة التطعيم، بالإضافة إلى رعاية المرضى.
والآن؟
في مطلع مارس، أعلنت الحكومة الهندية أن الوباء على وشك الانتهاء... ومن الواضح أن التفاؤل كان سابقا لأوانه.
ورغم انتشار حملة التطعيم وإعطاء أكثر من 100 مليون جرعة من اللقاح، إلا أن 1 بالمائة فقط من سكان البلاد محميون حاليًا بجرعتين. وتشعر فرقة العمل الهندية بالقلق أيضًا من أن العرض الشهري للقاح، والذي يتراوح حاليًا بين 70 إلى 80 مليون جرعة، "أقل من نصف" الهدف، وهو 150 مليون جرعة شهريًا.
لا يمكن تطبيق عمليات الحجر الصارمة والواسعة النطاق التي تم وضعها في أماكن أخرى من العالم على جميع أنحاء الهند، بسبب تأثيرها على العمّال الفقراء. وفي انتظار تحقيق تغطية تطعيم أوسع، يجب تعزيز تدابير الحجر المحلية. وينطوي هذا على مراقبة صارمة للمحيط حيث من المفترض أن تطبق هذه التدابير، من أجل ضمان عدم وجود حركة للسكان داخل أو خارج المناطق التي تنتشر فيها الأوبئة المحلية. ومن الضروري أيضًا، ضمان الامتثال لتدابير الحجر، من خلال مراقبة البيوت الخاصة، وتنفيذ استراتيجيات تتبع الاتصال والاختبارات المعممة. وغني عن البيان، أنه يجب التخلي عن فكرة تنظيم التجمعات الكبرى مثل اللقاءات السياسية أو الاحتفالات الدينية، إلى أن يتم تطعيم المزيد من الناس. وستتطلب السيطرة على الوباء قيادة قوية واستراتيجيات لامركزية تشدد على القيود المحلية.
*رئيس مركز الطب الاجتماعي وصحة المجموعات في جامعة جواهر لال نهرو.