أمامها فرصة لتغتسل بمياه نهر السين

الولايات المتحدة: تدحرج كمالا هاريس، أيقونة التنوع

الولايات المتحدة: تدحرج كمالا هاريس، أيقونة التنوع


  حماس البدايات الذي أثارته نائب الرئيس أفسح المجال لخيبة الأمل. ولعلّ قدومها إلى باريس، في الفترة من 9 إلى 12 نوفمبر الجاري، يمكن أن يسمح لها باستعادة ألقها وإسكات النقاد.
   لكن، من هي كامالا هاريس “الحقيقية”؟ لا شك أنها شخص ينخره صراع داخلي.
 كل صباح، تبدأ نائب رئيس الولايات المتحدة يومها وهــــي تعلــــم أنها يمكن أن تنهيــــــه في المكتب البيضاوي إذا حدث أي مكروه لجو بايدن، أكبر رئيس سنّا في التاريخ الأمريكي (سيحتفل بعيد ميلاده التاسع والسبعين 20 نوفمبر). ومع ذلك، فهي تعلم أيضًا، أنها غير مستعدة لتلك اللحظة في هذه المرحلة.
 وفي كل الأحوال، هذا ما يعتقده 6 من كل 10 أمريكيين، وفقًا لمسح نُشر هذا الصيف، أو بالضبط أكثر من 63 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع.  وشعبيتها، المصحوبة بشعبية الرئيس بايدن، قد تراجعت.    «قد تكون ضحية متلازمة المحتال”” ذاك الافتقار إلى الثقة بالنفس الذي يسبب شعورًا غريبًا بالخداع”، تفترض المتخصصة في الولايات المتحدة فرانسواز كوست، وهو ما يفسر ضحكها العصبي والمتكرر الذي يُنتقد بشدة.
 “لنكن واضحين، تتابع، هاريس خيّبت الآمال، لكن كان هذا متوقعا، لأن جو بايدن اختارها قبل كل شيء لهويتها، وليس لصفاتها السياسية.»
   فلاش باك: في وضع صعب خلال الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين عام 2020، أعاد المرشح تعبئة يسار الحزب من خلال وعده بأنّ “ورقته” الرئاسية ستتضمّن امرأة من أقليّة عرقية، وكانت كامالا هاريس. وبعد تسعة أشهر من توليها المنصب، أصبحت شعبيتها أقل من شعبية سابقيها الأربعة، بما في ذلك مايك بنس، الذي لم يبرز قط.
   تحتفي بها الصحافة الدولية، ولكن بدرجة أقل في بلدها، وصلت الأمريكية إلى باريس على متن الطائرة الرئاسية الثانية، أمس الأول الثلاثاء. وهذه هي رحلتها الدولية الثالثة بعد أمريكا الوسطى (المكسيك وغواتيمالا) في يونيو الماضي، وفيتنام في أغسطس. وستشارك في “منتدى السلام” في 11 نوفمبر، وفي اليوم التالي، في مؤتمر حول ليبيا، حيث من المقرر إجراء الانتخابات في ديسمبر. فرصتان للقاء عشرين رئيس دولة في وقت واحد، على عكس رحلاتها السابقة، لقاءات على انفراد.
   في البرنامج أيضًا: حفل في المقبرة الأمريكية في سورينس (أوت دو سين)، وزيارة إلى معهد باستور -حيث عملت والدتها في السابق كباحثة في سرطان الثدي -ومقابلة خاصة مع إيمانويل ماكرون، التي قد تساعد على تدوير الزوايا بعد “أزمة الغواصات” الأخيرة.

«فريق بايدن حذر
من كامالا هاريس»
   يقول كريس ويبل، الخبير في النخبة السياسية في واشنطن، وكرّس كتابه الصادر مؤخرًا (حراس البوابات: كيف يحدد رؤساء أركان البيت الأبيض كل رئاسة) لرؤساء المكاتب الرئاسية. لأنه رغم الاهتمام الأولي الذي أثارته صورتها وسيرتها -مدعية عامة سابقة لولاية كاليفورنيا، ثم سناتورة هذه الولاية طيلة أربع سنوات -فإن أسلوب كامالا هاريس لا يحظى بإجماع.
   أولاً، الحوار بين حاشية بايدن وهاريس متوتر. “مستشارو الرئيس، ذوو خبرة كبيرة، يعتبرون مستشاري نائب الرئيس هواة، وبالتالي لا يعاملونهم على قدم المساواة”، يقول مقرّب من المجموعة الأولى. رئيس تحرير مجلة ناشيونال انترست، جاكوب هيلبرون، يستفيض: “فريق بايدن حذر من كامالا هاريس، لم يستوعب” فريق “بايدن كلماتها خلال الانتخابات التمهيدية، عندما أشارت ضمنيا إلى أن “جو” كان في الماضي مناصرا للفصل العنصري «.
   مشكلة أخرى: تمامًا كما حدث في مجلس الشيوخ بين 2016 و2020، تعاني كامالا هاريس من سمعتها كمديرة صارمة وحديّة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى رئيسة ديوانها السلطوية تينا فلورنوي. ويبدو أن “التغيير” الكبير في صفوف موظفيها، حيث يسود “مناخ عمل غير صحي” وفق تحقيق مفصل اجراه موقع بوليتيكو، يؤكد هذا الانطباع.
   يمكن أن يضاف إلى هذه الاختلالات، الظهور التلفزيوني الفاشل، وغياب النتائج الملموسة في الملفين الرئيسيين اللذين عهد بهما إليها جو بايدن: مكافحة الهجرة من بلدان “المثلث الشمالي” (هندوراس، سلفادور، غواتيمالا) وحماية حقوق التصويت للأقليات، والتي تحاول بعض الولايات المحافظة تقييدها من خلال مناورات قانونية. “إنها لا تستطيع فعل أي شيء، فالجميع يعلم أن هذه الملفات لا يمكن الخلاص منها، خاصة ملفات المهاجرين”، يدافع راي لا راجا، من جامعة ماساتشوستس.

هل هي ضحية
 معاداة النساء؟
   ومما زاد الطين بلة، أن خطتها الاتصالية كارثية، على غرار تلك المقابلة الشهيرة مع ليستر هولت. سألها الصحفي نجم شبكة إن بي سي، لماذا لم تذهب إلى الحدود في خضم أزمة الهجرة، ردت نائب الرئيس، بما يشبه الوقاحة، وبسخرية: “لكنني لم أذهب إلى أوروبا أيضًا!”، لتضحك بعصبية مرة أخرى ...    «دائمًا ما تكون المدعية العامة السابقة في موقف دفاعي، ويبدو أنها تجد صعوبة في التعامل مع الانتقادات وإدارتها، يقول جاكوب هيلبرون. ربما تكون السياسية التي تناسب كاليفورنيا، لكنها ليست نلك السياسية الجامعة لكل المواصفات، والتي تفرض نفسها بشكل طبيعي في وظيفتها، حيث يفترض أن تدعم الرئيس بشكل مفيد، كما فعل جو بايدن مع باراك أوباما، من خلال إدارة القضايا الدولية (أوكرانيا، على سبيل المثال) أو من خلال بذل جهود جبّارة في مفاوضات مجلس الشيوخ».
   يبقى سؤال: هل ان كمالا هاريس ضحية لكره النساء السائد؟ “بدون أدنى شك!”، يجيب أندرو جيه بولسكي من كلية هانتر في نيويورك، والذي يوضح قائلاً: “لم يتعرض أي نائب للرئيس لمثل هذه الهجمات الشرسة والمتعددة من قناة فوكس نيوز ووسائل الإعلام المحافظة الأخرى”. مع انها متحدثة ذكية وموهوبة، وعلى الأقل مؤهلة للوظيفة أكثر من الذي لا يستحق الذكر مايك بنس، الحاكم السابق لولاية لا ثقل لها، ولاية إنديانا. يقظة ومنتبهة وحساسة وعطوفة، تتمتع كامالا هاريس بصفات يمكن أن تكون مفيدة عندما يحين الوقت”، يصر بولسكي.
    إلى جانب رؤساء دول آخرين، فإن هروبها على ضفاف نهر السين يوفر لها، في كل الاحوال، فرصة لتقديم وجه جديد: وجه مرشحة رئاسية.

عن لاكسبريس