باحث في التاريخ الإيراني: معركة النظام خاسرة

باحث في التاريخ الإيراني: معركة النظام خاسرة


تخوف أستاذ التاريخ الإيراني المعاصر في جامعة سانت أندروز علي أنصاري من احتمال أن يمارس النظام الإيراني قمعاً مرعباً كذاك الذي مارسه بعد احتجاجات 2009 و2017 و2019. فبشكل ينذر بالشؤم، قال المرشد الأعلى علي خامنئي إن المتظاهرين الذين احتجوا غضباً على قتل مهسا أميني، ليسوا “إيرانيين حقيقيين” كما حمل بشكل غير مفاجئ محرضين أجانب مسؤولية اندلاع تلك التظاهرات. لكن إذا نجح ذلك الرد على المدى القصير فسيبقى سياسة ذات عائدات متناقصة. شرح أنصاري في مجلة “سبكتايتور” البريطانية أن النظام لا يستطيع استدامة نفسه إلا من خلال الممارسة المتكررة والتعسفية للعنف. بعيداً من ترويض المجتمع، أصبح الإيرانيون أكثر تمرداً. ببساطة، يخلط النظام بين القوة والسلطة.

مصدر طمأنينة.. قصير الأجل
تجد القيادة الإيرانية بعضاً من الراحة في واقع أن التظاهرات تبدو غير منسقة وبلا قيادة. تكمن نقطتها المرجعية للتمرد الناجح في ثورة 1979، حين ظهر قائد واضح تمثل بالخميني.
لغاية اليوم، لم تبرز شخصية مماثلة عن هذه الحركة. لكن أنصاري ينصح القيادة بعدم الرضا عن النفس. غالباً ما اتخذت حركات الاعتراض الإيرانية شكلها وتناسقها مع ازدياد زخمها بينما يظهر القادة بعد اختمارها. النموذج الأفضل لما يتجسد الآن في شوارع طهران ومدن أخرى هو الحراك الذي أدى إلى الثورة الدستورية سنة 1906، وهو اعتراض اجتماعي وسياسي كان مدفوعاً بأفكار أدت إلى إصلاح جذري بما فيه تأسيس برلمان.

نقطة تفوق على النظام
أوضح الكاتب أن المحتجين يتمتعون بمزية أساسية على النظام: وفرة من أفكار سياسية حديثة بشأن المجتمع المدني والديموقراطية وطبيعة التغيير التي تحتاج إليها إيران. ويستخدم المتظاهرون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد للتعبير عن هذه الأفكار. إن الإنترنت، أو على الأقل الوصول المتقطع إليه، وفر سبيلاً لنشر مقاطع فيديو لقيت انتشاراً واسعاً وقد شجعت آخرين على النزول إلى الشوارع. شوهدت هذه المقاطع حول العالم مما أنتج انتباهاً إعلامياً واسعاً في الغرب.

الملالي يشعرون بالخوف
صحيح أن هذه الاحتجاجات لما تهدد النظام الإيراني بعد، لكن بإمكان الأمور أن تتغير سريعاً. يخشى النظام من أن تبدأ القوى الأمنية بعصيان الأوامر والانشقاق أو من أن تنقلب النخب على بعضها البعض أو أن تبدأ الإضرابات بشل البلاد. وثمة علامات أولية عن إضرابات كهذه، لكن ما من مؤشرات بعد إلى أن الشرطة في طور عصيان القيادة. لكن هذا لا يعني أن الملالي لا يشعرون بالخوف. إن قراءة سريعة لصحافة البلاد تقترح أن النظام الإيراني متوتر. يستحيل على قادة إيران تجاهل اتساع وعمق الغضب في البلاد. لا بد من أن رؤية فتيات المدارس يحرقن حجبهن عوضاً عن العلم الأمريكي تزعج السلطات. و عانى حكام البلاد لتعبئة الحشود المستأجرة الموالية للنظام التي تظهر في الشوارع حين يتجمع المتظاهرون.

الشاه كان مؤمناً بالله
إن الخوف من المجهول والخوف من الانتقام هما دافعان أساسيان لاستراتيجية النظام. يتعزز ذلك بقناعة آيديولوجية تركز بشكل مباشر على عبادة المرشد الأعلى علي خامنئي. يتمتم الإيرانيون ساخرين أن الشاه كان يؤمن بالله وبالتالي كان يخشى عاقبة تصرفاته. هذه المجموعة لا تؤمن بأي شيء باستثناء نجاتها الخاصة. وهذا يجعلها عدواً خطيراً لأولئك الساعين إلى التغيير: ستتخذ القيادة جميع الإجراءات لحماية نفسها، مهما كانت هدامة على المستوى البعيد.

سينهار السد
أضاف الكاتب أن إيران، وعبر حماقة قيادتها، كانت على مشارف اضطراب ثوري منذ بعض الوقت. عدم الوصول إلى هذه النقطة نتج بطرق عدة عن توازن دقيق للمخاوف: الخوف من المجهول والخوف من أن تزداد الأمور سوءاً والخوف من الانتقام. هذا غير قابل للاستدامة. عاجلاً أم آجلاً سينهار السد. التغيير، كما قال أحدهم ذات مرة، يحصل بشكل تدريجي ثم فجأة، وبدفعة واحدة. نادراً ما أظهرت القيادة الإيرانية تعاطفاً. حين يأتي الوقت، بإمكانها توقع القليل مقابل ذلك.