ثاني حرب ساخنة يوظف فيها قوة الولايات المتحدة ومكانتها

بايدن يتحوّل إلى «رئيس حرب» رغم الوعود الانتخابية

بايدن يتحوّل إلى «رئيس حرب» رغم الوعود الانتخابية

وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض بهدف إنهاء «الحروب الأبدية»، التي استنزفت أمريكا لمدة عقدين، والتركيز على الأولويات المحلية وتعبئة الولايات المتحدة في المنافسة مع الصين.
وكتبت صابرينا صديقي وفيفيان سلامة في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن حرب حماس واسرائيل -ورد بايدن عليها- ينطوي على مجازفة بإطاحة هذه الأجندة.
وبعد هجوم حماس على إسرائيل قبل أسبوعين، قدم بايدن دعماً ثابتاً لإسرائيل، وظهر ذلك جلياً هذا الأسبوع بزيارة غير مسبوقة في زمن الحرب لتل أبيب، ومعانقته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. ورغم ذلك، فإن القصف الإسرائيلي لغزة، معقل حماس، قد ضاعف الأزمة الإنسانية في الجيب الفلسطيني، وبات النزاع يهدد بالاتساع.
وبعد الانفجار في أحد مستشفيات غزة الذي يلوم كل طرف الطرف الآخر عليه، أخفقت محاولة لعقد اجتماع كان مخططاً له بين بايدن ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقادة عرب آخرين في الأردن، مما جعل الرحلة تنحرف لمصلحة إسرائيل. وحاول بايدن أن يوازن هذا الانطباع بإعلانه عن مساعدة إنسانية بمبلغ 100 مليون دولار للضفة الغربية وقطاع غزة، وأطلق مناشدات لإسرائيل للتقليل من الإصابات بين المدنيين.
 
ثاني حرب ساخنة
هذا النزاع هو ثاني حرب ساخنة يوظف بايدن فيها قوة الولايات المتحدة ومكانتها-إن لم يكن جنوداً أمريكيين- بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا. وبحلول الخميس، كان الرئيس الأمريكي يبدو كرئيس حرب، جالساً خلف طاولة القرار في المكتب البيضاوي، يناشد الرأي العام الأمريكي والكونغرس، دعم إسرائيل وأوكرانيا.
وقال بايدن في خطاب وجهه في وقت الذروة إن «القيادة الأمريكية هي ما تجعل العالم متماسكاً. والتحالفات الأمريكية هي التي تبقينا، وتبقي أمريكا بأمان.. وسنخاطر بكل ذلك، إذا ما تركنا أوكرانيا، وإذا ما أدرنا ظهرنا لإسرائيل، إن الأمر لا يستحق ذلك». إن النزاعات الخارجية تهدد بتشتيت انتباه الإدارة الأمريكية، وبالهيمنة على حملة الانتخابات لولاية ثانية، وبانحراف المقدرات عن مواجهة الصين.
ويواجه بايدن أصلاً رأي عام أمريكياً متشككاً بجدوى استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا وبالتورط لآماد طويلة في نزاعات خارج الولايات المتحدة، كما يلاقي طلبه مساعدة بمئة مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل، عقبات في كونغرس منقسم، حيث جعلت أسابيع من التعطيل مجلس النواب، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، من دون رئيس.
وتقول الكاتبتان إن تدني معدل التأييد في أوساط الرأي العام لسياسات بايدن، لم تتغير بفعل الأزمات الأخيرة، رغم أن إظهار دعم حاسم لإسرائيل، يتمتع بشعبية واسعة في صفوف الأمريكيين. كما أن من شأن تمدد العنف بين إسرائيل وحماس في غزة واندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط، إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي، والتسبب برفع أسعار الطاقة التي تتصاعد منذ عامين، مما فاقم التضخم، الذي يلوم الأمريكيون بايدن عليه.
وبحسب رئيس معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن بول سالم فإن «التورط في حرب طويلة، في حال كانت إسرائيل جدية بتدمير حماس، يستغرق أشهراً وأشهراً، ويكلف آلاف الضحايا، كما أن احتمال فتح جبهة ثانية في لبنان، مع احتمال اندلاع اضطرابات في الخليج، واحتمال ارتفاع أسعار النفط، كل ذلك تترتب عليه عواقب».
وأظهر استطلاعان للرأي نشرا هذا الأسبوع، أحدهما أجرته جامعة كينيبياك والآخر شبكة سي بي إس نيوز، أن 85% من المستطلعين، قلقون من حرب أوسع في الشرق الأوسط. كما أظهر استطلاع السي بي إس، أنه بينما أبدى غالبية المستطلعين تعاطفاً مع إسرائيل، فإن أقل من النصف أيدوا إرسال أسلحة وإمدادات.
 
الانسحاب من أفغانستان
كان قرار بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب، في جزء منه، يهدف إلى معاودة التركيز على أولويات في الداخل. وقد خصصت النجاحات التشريعية في العامين الأولين من ولاية بايدن، مئات المليارات من الدولارات لتحديث البنى التحتية، وتحسين إنتاج أشباه الموصلات وتقنيات الطاقة النظيفة وإنعاش التصنيع نحو وضع أفضل في المنافسة الأمريكية مع الصين.
وجعلت الازمة في الشرق الأوسط الإدارة الأمريكية تبذل جهوداً على مدار الساعة، على كل الجبهات لتعزيز إسرائيل، ولاحتواء النزاع وحشد الدعم في الداخل والخارج.
وتنتقد بعض الدوائر الانتخابية التي ساعدت في وصول بايدن إلى البيت الأبيض، مثل الشباب والأصوات التقدمية، وكذلك العرب والمسلمين الأمريكيين، ما يرونه شيكاً على بياض للقصف الإسرائيلي.