بلومبرغ: إذلال أمريكا في أفغانستان أفرز عدواً شرساً لإيران
حول انعكاسات سيطرة حركة “طالبان” على حدود أفغانستان مع إيران، كتب بوبي غوش في موقع “بلومبرغ” الأمريكي، أنه في أحيان كثيرة يكون عدو العدو، أكثر شراسة. وبالنسبة إلى إيران، فإن إذلال الولايات المتحدة في أفغانستان، أفرز عدواً أكثر شراسة. وإذا لم يكن التهديد الذي تشكله “طالبان” وجودياً بالقدر الذي يمثله عدو أكثر قوة، فإن الميليشيا المنتصرة تشكل خطراً داهماً في لحظة غير مناسبة إطلاقاً.وعلى رغم أن إيران قد طورت صلاتها الديبلوماسية مع “طالبان”، على حكومة الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، التي تواجه إستياءً في الداخل وسط تراجع الآمال بإعفاء سريع من العقوبات الإقتصادية التي يفرضها الغرب، أن تأخذ في الإعتبار الأخطار القادمة من الشرق.
وقد لا يكون من مصلحة “طالبان” إسقاط النظام الإيراني، لكن دورها في الحرب الأهلية الأفغانية المحتملة سيؤدي إلى موجات جديدة من اللاجئين الذين سيتدفقون عبر الحدود التي تمتد على 900 كيلومتر، بالتزامن مع تصاعد في الإتجار بالبشر والمخدرات، وكذلك تزايد في النشاط الإرهابي.
كما أن من شأنه تعريض التجارة للخطر وتهديد المشروع الطموح لتشييد خط للقطارات يحمل الصادرات الأفغانية إلى الموانئ الإيرانية، ومنها إلى العالم الأوسع.
وهكذا فإن أي شعور بالشماتة في طهران حيال محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن تبرير الإنسحاب من أفغانستان، تحجبه الأنباء المقلقة عن سيطرة “طالبان” على معبر إسلام قلعة الرئيسي بين البلدين. وتفيد التقارير الواردة من المنطقة أن قوى الأمن ومسؤولي الجمارك الأفغان قد فروا إلى الجانب الإيراني من الحدود عندما وصلت ميليشيات “طالبان” إلى المنطقة. وإسلام قلعة ليس فحسب البوابة المهمة للتجارة الثنائية، بل إنه المدخل إلى مدينة هيرات حيث توجد قنصلية إيرانية كبيرة. وفي عام 1998، أقدمت ميليشيات متحالفة مع “طالبان” على قتل 11 إيرانياً بينهم 9 ديبلوماسيين هناك، مما كاد يتسبب بحرب بين البلدين.
علاقات أمر واقع
ونجح الإيرانيون و”طالبان” في إقامة علاقات أمر واقع، لكن العلاقات لا يزال يخيم عليها العداء، ليس فقط بسبب وجهات نظرهم الطائفية المتنافسة إلى العالم، حيث تعتبر “طالبان” ذات الغالبية السنية الشيعة في إيران بمثابة بدعة. وعندما حكمت “طالبان” كابول، فإن الميليشيات عاملت الأقلية الشيعية في أفغانستان بمنتهى القسوة. وتزعم الحركة حالياً التسامح حيالها، لكن جماعات إرهابية تتمتع بحماية “طالبان” صعدت فعلاً من هجماتها على أهداف شيعية.
ويعتبر بعض قادة “طالبان” إيران مفيدة على صعيد كونها صلة وصل إلى الأسواق الغربية للأفيون الأفغاني، الذي يعتبر مصدر العائدات الرئيسي للميليشيات. ولا يعنيهم إذا ما وقع جزء من الأفيون من الشاحنات من أجل تسميم الشعب الإيراني. وكنتيجة مباشرة لذلك، توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم.
صادرات الأفيون
وسيشهد ذلك تصاعداً في الوقت الذي تضغط “طالبان” على الحكومة الأفغانية في الداخل عقب الإنسحاب الأمريكي. وكونها تحتاج إلى مزيد من الأسلحة والمقاتلين، فإن الميليشيات ستزيد من صادرات الأفيون. وسيترك ذلك أثراً في إيران قبل أن يبدأ بإثارة القلق لدى مسؤولي أجهزة تنفيذ القانون في الغرب.
وفي إيران أيضاً 750 ألف لاجئ أفغاني، فضلاً عن نحو مليونين آخرين غير مسجلين. ومما لا شك فيه أن الحراس والمسؤولين في إسلام قلعة سينضمون إلى كتائب أخرى في الوقت الذي سيتصاعد فيه القتال بين الحكومة الأفغانية و”طالبان” في الأشهر المقبلة.
وهناك مشكلة الإرهاب. إذ إنه على رغم أن إيران منحت ممراً آمناً لقادة كبار في تنظيم “القاعدة”، فإنها تقابل بعداء حاد من قبل الكثير من الجماعات المتطرفة المتحالفة مع “طالبان”. ومع خروج الأمريكيين، فإن هذه الجماعات ستبحث عن أهداف جديدة. وهذا ما جعل روسيا والصين تدقان ناقوس الخطر، لكن إيران، من حيث قربها وحالة العداء، تبدو الأكثر هشاشة على هذا الصعيد.