بوتين يصعّد وترامب يراقب.. كيف تستغل موسكو «ضبط النفس» الأمريكي؟

بوتين يصعّد وترامب يراقب.. كيف تستغل موسكو «ضبط النفس» الأمريكي؟


تصعّد روسيا هجماتها في أوكرانيا بعد شهر واحد من لقاء زعيم الكرملين، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في ألاسكا، ورفض الرئيس فولوديمير زيلينسكي طلب موسكو بالتخلي عن المزيد من الأراضي شرقي البلاد. وتنقل وكالة «بلومبرغ» عن مصادر خاصة قولها إن بوتين يعتزم مواصلة استهداف شبكة الطاقة في كييف وغيرها من البنى التحتية، في ظل توقعات الكرملين أن ترامب «لن يفعل الكثير لتعزيز دفاعات أوكرانيا». كما قالت المصادر إنّ المحادثات في ألاسكا جعلت بوتين مقتنعاً بأن ترامب ليس لديه مصلحة في التدخل في الصراع، رغم ما يعلنه من تصريحات عن «استيائه» من زعيم الكرملين، وطرح فكرة فرض عقوبات أشد على موسكو وحلفائها لقطع عائدات النفط الروسية.  لكن ترامب في الوقت نفسه، يُصرّ على أن يتخذ حلفاء كييف الأوروبيون إجراءات صارمة قبل أن تُقدم الولايات المتحدة على أي خطوة، كما دعا دول مجموعة السبع إلى فرض رسوم جمركية على الصين والهند عقاباً على شراء الغاز الروسي، في الوقت الذي يناقش فيه المسؤولون إجراءات إضافية ضد الكرملين.  تُبرز تكتيكات موسكو الأخيرة مدى تأثير إشارات ضبط النفس الصادرة عن واشنطن في تشجيع الكرملين على المضي قدماً في حرب استنزاف تهدف إلى إجبار أوكرانيا على تقديم تنازلات؛ إذ يرى مسؤولون روس أن هذه الاستراتيجية قد تُضعف دفاعات كييف، وتُمهّد الطريق لمفاوضات مستقبلية. وقالت فيتا سبيفاك، المحللة الروسية في شركة غيتهاوس الاستشارية ومقرها لندن، إن بوتين مهتم بأن يُظهر لترامب والأوروبيين أنه لا يزال قادراً على تحمل تصعيد الوضع لـ»تعزيز نفوذه في الجولة القادمة من المفاوضات بشأن أوكرانيا، متى ما أتيحت الفرصة».
وفي أنكوريغ، عرض بوتين وقف القتال وتجميد خط التماس في جنوب أوكرانيا إذا وافقت كييف على التنازل عن أراضٍ غير محتلة في منطقتين شرقيتين. ورفض زيلينسكي هذه الشروط، ويعتقد زعيم الكرملين أن ذلك يبرر تصعيده، حسبما قال مقربون منه.  ويشير تقرير «بلومبرغ» إلى أن التصعيد الإسرائيلي «المنفلت» في غزة، جعل موسكو تذهب باتجاه تبرير هجماتها «الأقل شدة مما يحدث في القطاع»، كما قال مقرّبان من الكرملين.  وأضاف المصدران أن بوتين يراقب حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في غزة، ويرى أن حملة تل أبيب في القطاع أشد وطأة من حرب روسيا في أوكرانيا، كما يشير إلى أنها لاقت قبولاً واسعاً من حكومات الولايات المتحدة وأوروبا؛ ما قلل من أهمية انتقاداتها لموسكو. وبينما أكد المصدران المقربان من الرئيس الروسي أنه سيظل منخرطاً في أي حوار مستمر مع الولايات المتحدة، أشارا في المقابل إلى أن زعيم الكرملين «سيواصل فعل ما يراه في مصلحته».
وقال نيكولاي بتروف، الباحث البارز في مركز الاستراتيجيات الأوراسية الجديدة، إن بوتين يسعى إلى «تحقيق انتصارات ملموسة بحلول الشتاء، لكنه يُخفق في ساحة المعركة حتى الآن»، مشيراً إلى أنه لذلك، يلجأ إلى «الابتزاز النووي والضغط النفسي، بما في ذلك القصف الشامل»، وفق قوله.