بوليتيكو: الوقت مناسب لتعليق مفاوضات النووي الإيراني
دعا الباحثان بنجامين وينثال وعلي رضا نادر الإدارة الأمريكية إلى ضرورة التفكير في تداعيات مسعاها للعودة سريعاً إلى الاتفاق النووي، خصوصاً على ضوء خلاصات تقارير استخبارية أوروبية حول نشاطات إيران غير الشرعية لتطوير أسلحة نووية. لا يدري الكاتبان ما إذا كان الموفد الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية روبرت مالي قد تفحص هذه الخلاصات، هو الذي واجه انتقادات بسبب مقايضاته المبنية على التنازلات والإفراج عن عشرات مليارات الدولارات لصالح خزائن النظام. تأتي هذه التنازلات في وقت لم يبذل مالي جهوداً لوقف مسعى طهران بشكل نهائي نحو الأسلحة النووية.
في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، وصف وينثال ورضا نادر المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الأوروبية بالمهمة والمقلقة. حتى مع دفع دول الاتحاد الأوروبي واشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي، تظهر معلوماتها الأمنية أن طهران سعت في 2020 إلى الحصول على التكنولوجيا لبناء أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل أخرى. ذكر جهاز الأمن السويدي أن “إيران تقود أيضاً تجسساً صناعياً، والمستهدِف بشكل أساسي للصناعة السويدية العالية التقنية وللمنتجات السويدية، ويمكن استخدامها في برامج الأسلحة النووية”.
وأضاف أن إيران “تستثمر موارد ثقيلة في هذا المجال وبعض هذه الموارد مستخدم في السويد». ذكرت خدمة الأمن والاستخبارات العامة في هولندا أن النظام الإيراني سعى للحصول على التكنولوجيا لأغراض نووية وربما لإنتاج أسلحة دمار شاملة أخرى. وهي تحقق في كيفية محاولة بعض الدول الحصول على المعرفة والمواد التي تحتاج إليها من أجل تصنيع أسلحة الدمار الشامل. وأضافت أن دولاً مثل سوريا وباكستان وإيران وكوريا الشمالية حاولت الحصول على هذه السلع والتكنولوجيا في أوروبا وهولندا السنة الماضية. وحققت أجهزة الاستخبارات الهولندية في شبكات حاولت الحصول على المعرفة والمواد لتطوير أسلحة دمار شامل.
وأشارت الوثيقة الصادرة عن الجهاز الاستخباري الهولندي إلى أنه تم إحباط محاولات عدة في هذا الصدد من قبل الأمنيين. أوضح الكاتبان أن لكل ولاية ألمانية وكالتها الاستخبارية الخاصة التي تنشر تقريراً سنوياً يوثق التهديدات لنظامها الديموقراطي والدستوري. وذكرت وكالتان محليتان الجهود الإيرانية التي تمت على الأراضي الألمانية في 2020 من أجل الحصول على مواد مرتبطة بأسلحة دمار شامل.
وجدت وكالة بافاريا أن دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية وسوريا وباكستان تبذل جهوداً لتوسيع ترسانتها التقليدية من الأسلحة عبر إنتاج أو التحديث الدائم لأسلحة الدمار الشامل. أما الوكالة الأمنية لولاية شليسفيغ-هولشتاين فكشفت في تقريرها الاستخباري الأساليب المخادعة التي تستخدمها إيران من أجل إخفاء مساعيها للحصول على التكنولوجيا غير الشرعية لأكثر الأسلحة فتكاً. وأشارت إلى أن إيران وكوريا الشمالية وسوريا وباكستان تحاول الالتفاف على إجراءات السلامة وأنظمة التصدير القانونية وإخفاء أنشطة الشراء غير القانونية. وأضافت أن هذه الدول تلجأ إلى أكثر الأساليب تآمرية لتحقيق هدفها.
لقيت هذه التقارير انتباهاً ضئيلاً نسبياً في الإعلام الغربي، لكن الدول الشرق أوسطية مثل السعودية والإمارات وإسرائيل الواقعة على مرمى حجر من الصواريخ النووية الإيرانية تتبعتها عن كثب. وذكر الموفد الخاص السابق للشأن الإيراني إليوت أبرامز أن مواصلة إيران سعيها للحصول على العناصر التي تحتاج إليها لبناء أسلحة نووية هي مرتبطة بالمحادثات الحالية في فيينا. وأضاف في مقال نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية أن الجهود الإيرانية الحالية تذكّر العالم بمدى وجوب مراقبة طهران بشكل أوثق بكثير مما يؤمنه الاتفاق النووي.
يتساءل الكاتبان عن السبب الذي يدفع طهران إلى إخفاء جهودها للحصول على تكنولوجيا مرتبطة بأسلحة الدمار الشامل طالما أنها تدعي عدم وجود ما تخفيه. ويحضان الإدارة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين على معرفة نوع السلع غير الشرعية التي حاولت إيران الحصول عليها السنة الماضية، ومعرفة عدد المحاولات التي قامت بها من أجل تحقيق غايتها. وطالبا أيضاً بتأسيس مجموعة عمل أمريكية-أوروبية تحول تقريرها بالحد الأدنى إلى الكونغرس. في هذا السياق، ليست أجهزة الاستخبارات الأوروبية وحدها التي تطلق جرس الإنذار.
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إن إيران والولايات المتحدة لا يمكنهما العودة ببساطة إلى الاتفاق النووي لأن بنوده منتهية الصلاحية بالنظر إلى خرق طهران لموجباتها وعملها على تطوير أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً. وأوضح غروسي أن مسؤوليته هي ضمان نزاهة وصدقية نظام حظر الانتشار النووي. ليس واضحاً ما إذا كانت الوكالة قد تفحصت التقارير الأمنية الصادرة حديثاً عن الاستخبارات الأوروبية.
حث الكاتبان مالي على ضرورة الإصغاء لتنبيه غروسي والانتباه إلى المعلومات الاستخبارية البارزة التي تظهر أن النظام الإيراني لم يوقف طموحاته العسكرية النووية قطعاً. فمن أجل الحفاظ على الشرق الأوسط والعالم، ثمة حاجة ملحة لتعليق المحادثات مع إيران بشكل موقت وتقييم ما توصلت إليه الاستخبارات الأوروبية. وخلصا إلى أن “الفصل الأول من المحادثات النووية يحتاج إلى استراحة. هنالك دوماً وقت للفصل الثاني».