الإمارات تؤكد دعمها لأمن السعودية الشقيقة وترفض الزج باسمها في الأحداث الجارية في اليمن
الإحساس بالنعاس لا يعني أن العقل دخل فعلاً في راحته الليلية الكاملة
تأثير الكافيين الغريب على دماغك أثناء النوم
الكافيين بالنسبة إلى كُثر مجرد منبه سريع يطرد النعاس ويمنح دفعة نشاط موقتة، لكن الصورة التي تكشف عنها الأبحاث الحديثة تقول إن تأثيره أعمق بكثير مما نتوقع. فالكافيين لا ينتهي مفعوله عند آخر رشفة في النهار، بل يرافق الدماغ حتى أثناء النوم، ويعيد تشكيل طريقة عمله في الليل بطرق غير مرئية للوعي، لكنها واضحة على مستوى الأمواج الدماغية.
النوم يعتمد أساساً على مادة كيماوية اسمها الأدينوزين تتراكم خلال ساعات اليقظة لإرسال رسالة تعب إلى الدماغ. الكافيين يعطل هذه اللغة الطبيعية عبر احتلال مستقبلات الأدينوزين ومنعها من إيصال إشارة النعاس. دراسة تحت مسمى "تأثير مضادات الأدينوزين على النوم" الصادرة عن "يوروبين جورنال أوف بيفيريورال نيروساينس" عام 2021، بينت أن هذا التعطيل لا يؤخر النعاس فحسب، بل يغير بنية النوم كاملة، إذ يقلل ساعات النوم الفعلية ويزيد عدد الاستيقاظات الصغيرة ويؤخر الدخول في النوم.
كيف يعيد الكافيين تشكيل طبقات النوم؟
الأبحاث التي بحثت في توقيت تناول الكافيين قدمت نتائج لافتة. ففي تجربة واسعة بعنوان "جرعات الكافيين وتأثيرها المزمن على بداية النوم وجودته"، نشرتها سليب ريسيرتش جورنال عام 2013، تلقى المشاركون جرعة تعادل ثلاثة أو أربعة فناجين قهوة قوية قبل النوم بساعتين إلى ست ساعات. وفي كل الحالات تضرر النوم بصورة واضحة. المثير أن المشاركين لم يشعروا بهذا التراجع بصورة واعية، بينما سجلت أجهزة تخطيط الدماغ انخفاضاً حقيقياً في جودة النوم.
وعند النظر إلى طبقات النوم يتضح مقدار التداخل، حيث يمر النوم بمراحل تبدأ بالنوم الخفيف ثم النوم العميق، ثم نوم حركة العين السريعة المسؤول عن الذاكرة وتنظيم الانفعالات. الكافيين يخفض مدة النوم العميق ويرفع نسبة النوم الخفيف، ويزيد فترات الاستيقاظ القصيرة التي لا يتذكرها الإنسان، ويؤخر مرحلة حركة العين السريعة.
وخلال السنوات الأخيرة برز اكتشاف مهم في علم الأعصاب يتعلق بالنظام الغليمفاوي، وهو نظام تنظيف داخلي ينشط أثناء النوم العميق ويعمل على إزالة السموم وبقايا الأيض العصبي، بما في ذلك بروتينات بيتا أميلويد وتاو المرتبطة بالأمراض التنكسية التي تتدهور فيها الخلايا مع الوقت، مثل مرض ألزهايمر وغيره.
دراسة بعنوان "النوم العميق ووظيفة النظام الغليمفاوي" الصادرة عن "أدفانسد نيروساينس جورنال" عام 2023، أوضحت أن أي تراجع في النوم العميق يؤدي مباشرة إلى ضعف قدرة الدماغ على التخلص من هذه البروتينات، مما يجعل تأثير الكافيين غير المباشر على النوم العميق حساساً على المدى الطويل.
حتى النوم التعويضي لا يفلت من تأثير القهوة. ففي دراسة أجريت عام 2022 بعنوان "ليلة التعافي بعد الحرمان من النوم وتأثير الكافيين المزمن"، نشرتها "سايركاديان ريثم أند سليب جورنال"، تبين أن الأشخاص الذين يستهلكون القهوة يومياً يحصلون على تعافٍ أضعف في ليلة ما بعد السهر، إذ يبقى نومهم أقصر وأكثر تقطعاً من غير مستهلكي الكافيين، مما يعني أن الاعتماد المستمر على القهوة يضعف قدرة الدماغ على استعادة توازنه الطبيعي.
تفاوت استجابة الكافيين
تأثير الكافيين لا يتطابق بين الأشخاص. فالعمر والوزن والعوامل الوراثية كلها تؤدي دوراً في تحديد حساسية الجسم للكافيين، لكن الاتجاه العام يوضح أن الجرعات العالية التي تصل إلى 400 ملليغرام يومياً كفيلة بإضعاف النوم حتى لو شربت في الصباح. أما الجرعات المنخفضة التي تقارب 100 ملليغرام وتشرب قبل ساعات طويلة من النوم فقد تقلل من التأثير السلبي،
لكنها لا تلغيه تماماً عند الجميع.
يقول الباحث المتخصص في طب النوم الدكتور كريستوفر دريك إن تناول الكافيين حتى قبل ست ساعات من موعد النوم يمكن أن يسبب اضطرابات واضحة في النوم ويقلل إجمالي وقت النوم، ما يدعم توصيات تجنب الكافيين في المساء.
جودة النوم
تشير دراسات سعودية حديثة إلى أن استهلاك المشروبات المحتوية على الكافيين بين طلاب الجامعات يرتبط بتراجع واضح في جودة النوم، لا سيما مع ارتفاع عدد الأكواب اليومية وتناولها في ساعات متأخرة. ففي نماذج بحثية أجريت في جدة،
ظهر أن الإقبال العالي على القهوة ومشروبات الطاقة ترافق مع نوم أقصر وأكثر تقطعاً وصعوبة في الدخول في النوم، بينما كشفت دراسات من منطقة جازان عن فجوة لافتة في الوعي بتأثير الكافيين على الأرق واضطرابات النوم،
إذ يقلل كثير من البالغين من شأن هذا الأثر أو يجهلونه تماماً. وتبرز هذه النتائج تحدياً صحياً صامتاً داخل البيئة الجامعية، حيث يجتمع الضغط الأكاديمي مع عادات استهلاك يومية تضعف النوم من دون إدراك مباشر لتداعياتها.