تايم: هل قيام ناتو قوي أمر جيد؟

تايم: هل قيام ناتو قوي أمر جيد؟


تعليقاً على القوة المتصاعدة لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في أوروبا عقب تقدم فنلندا والسويد بطلبي الانضمام إلى الحلف، كتب تشارلي كامبل في مجلة “تايم” الأمريكية، أنه عندما حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2019 من أن الحلف يخاطر بالوصول إلى “موت سريري”، فإن الإعتراضات عليه كانت مبدئية اكثر منها عاطفية.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد سحب للتو القوات الأمريكية من سوريا من دون التشاور مع الدول الأعضاء في الحلف، الذي هدد مراراً بالإنسحاب منه. وغزت دولة أخرى في الحلف، هي تركيا شمال شرق سوريا، بعد تهجيرها مئات الآلاف. وفي حديث إلى “إيكونوميست”، أبدى ماكرون شكوكاً قوية في أن الفقرة الخامسة من ميثاق الحلف، التي تتحدث عن الدفاع الجماعي بإعتبار أن أي هجوم على دولة عضو هو هجوم على كل الدول الأعضاء، لا تزال قابلة للتطبيق.

مصير أوروبا
وبمرور سنوات عدة، بات مصير أوروبا معلق على الناتو أكثر من أي وقت مضى، منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. وحتى دول محايدة تاريخياً مثل السويد وفنلندا تقدمتا بطلبي انضمام إلى الحلف، معتبرتين أن الفقرة 5 هي أفضل ضمان للأمن والسيادة. وفي قمة مهمة في مدريد بين 28 يونيو (حزيران) و30 منه، كشف الناتو عن مفهوم استراتيجي جديد للعقد المقبل، عن زيادة في عديد قوة الرد السريع لديه من 40 ألف إلى 300 ألف جندي. واعتُبرت روسيا “التهديد الأخطر والمباشر على الحلف”، فيما الصين التي تبعد 3700 ميل عن الأطلسي أعتبرت “مصدر قلق ممنهج”. كما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن نشر المزيد من القوات الأمريكية في أنحاء أوروبا، مؤكداً أن “الناتو قوي وموحد».
ولفت كامبل إلى أن الولادة الجديدة الملحوظة للحلف، حفزها الغزو الشامل الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، منتهكاً القانون الدولي وواضعاً أوروبا في تأهب أقصى. لكن حتى قبل ذلك، ازداد دور الناتو ليتماشى مع نشاطات بوتين. وقبل ضمه القرم عام 2014، لم تكن دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، تستضيف أي قوات أجنبية. لكن بعد عامذاك، استقبلت أستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا مجموعات صغيرة من الجنود يصل عدد أفراد الواحدة منها إلى نحو ألف جندي، في مسعى رمزي لضمان أمنها في مواجهة اعتداء روسي محتمل.وبناء على هذا الانتشار الرمزي، تناول النقاش في مدريد توسيع هذه الدفاعات الى كتائب قادرة على رد أي غزو روسي. كما يدرس الناتو اتفاقاً للمساعدة الشاملة يتضمن تدريب وتزويد القوات الأوكرانية بالسلاح. وفضلاً عن ذلك، سيتم نشر أربع مجموعات قتالية في بلغاريا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا. وتبدي المجر وسلوفاكيا اهتماماً متزايداً بمنطقة البحر الأسود.

كالينينغراد
وعلى المدى المنظور، على الأقل، هناك علامات ضئيلة حول أن توسيع الحلف سيخفف من التوتر. وليتوانيا هي في نزاع الآن في شأن الإمدادات الروسية إلى كالينينغراد، الجيب الروسي الروسي بين ليتوانيا وبولندا، إستناداً إلى العقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي على موسكو. وسجلت إستونيا إنتهاكاً متكرراً لمجالها الجوي من قبل مروحيات روسية في الأيام الأخيرة. وفي 25 يونيو (حزيران)، هدد بوتين بأنه قد يزود الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حليفه المقرب، بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.


ومع ذلك، هناك سؤال حول كيف يمكن الصين أن تتصرف في حال استمر التقارب بين الناتو وجيرانها. وفي القمة الأمنية بسنغافورة في 11 يونيو (حزيران)، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن “أننا لا نسعى إلى حرب باردة جديدة، أو إلى قيام ناتو آسيوي، أو إلى منطقة منقسمة إلى تكتلات”. لكن عندما يتحول الأمن الآسيوي إلى احتواء الصين، على غرار ما تحول الأمن الأوروبي إلى ردع روسيا، فإن ذلك ينطوي على شعور الصين بأنها مطوقة بهياكل أمنية غربية، ولن يكون أمامها سوى محاولة تدميرها. ويقول الأستاذ الزائر في جامعة براون الأمريكية ليلي غولدشتاين إنه “كلما اقتربت كوريا الجنوبية واليابان من الصين، كلما زادت مخاطر تحالف الصين مع روسيا».