رئيس الدولة يبحث مع رئيس وزراء كندا علاقات التعاون ويشهد توقيع اتفاقية تشجيع الاستثمارات بين البلدين
تحالفات بلا جيوش.. لماذا لا تستطيع موسكو وبكين إنقاذ فنزويلا عسكريًا؟
مع تصاعد التوتر بين كاراكاس وواشنطن، وتزايد التهديدات الأمريكية بإمكانية تنفيذ عمليات عسكرية ضد الرئيس نيكولاس مادورو، يعود إلى الواجهة سؤال محوري: هل يمتلك مادورو شبكة حلفاء تستطيع مساعدته عسكريًا إذا اندلع صدام مباشر؟
ورغم أن فنزويلا نسجت على مدى عقدين شبكة من العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة، من روسيا والصين إلى إيران وكوبا، فإن قدرة هذه القوى على التدخل العسكري الحقيقي تبدو أدنى بكثير من قدرتها على إطالة عمر النظام أو رفع تكلفة إسقاطه، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز».
استثمرت كاراكاس مليارات الدولارات في تسليح قواتها عبر صفقات مع روسيا، والحصول على التكنولوجيا الأمنية من الصين، والاستفادة من المهندسين الإيرانيين والخبراء الكوبيين.
هذه العلاقات منحت مادورو شبكة دعم في أوقات الأزمات، خصوصًا حين تخلّى المقرضون الغربيون عن فنزويلا.فالصين مثلاً وفرت عشرات المليارات من القروض خلال حقبة تشافيز ومادورو، ولا تزال حتى اليوم تشتري معظم النفط الفنزويلي، ما يجعلها الشريان المالي الأهم للنظام.
أما الروس، فدورهم كان أساسيًا في الحفاظ على صادرات النفط، وتوفير منظومات عسكرية حديثة مكّنت الجيش الفنزويلي من إظهار قوة ردع نسبية.
إلا أن القيمة الاستراتيجية لفنزويلا تراجعت في نظر هذه الدول مع انهيار اقتصادها منذ عام 2014، وتحوّلها إلى شريك مرهق ماليًا وسياسيًا.
ومع انشغال موسكو في أزمات عسكرية واقتصادية متصاعدة، وتقليص إيران لكثير من نشاطها الخارجي بسبب الضغوط، وتدهور الوضع الاقتصادي في كوبا، تقلصت قدرة هذه الدول على تقديم دعم ميداني حقيقي.
حتى الخطوات الروسية الأخيرة، مثل توقيع “معاهدة شراكة استراتيجية” وهبوط طائرات شحن في كاراكاس، بدت أقرب إلى رسائل سياسية رمزية وليست مؤشرات على دعم عسكري نوعي.
ويؤكد محللون روس أن هامش قدرة موسكو على التدخل محدود للغاية، معتبرين أن “فنزويلا في نهاية المطاف بمفردها».
كيف تُطيل التحالفات عمر مادورو؟
قد لا يمتلك الحلفاء استعدادًا أو قدرة لتغيير ميزان القوة عسكريًا، لكنّهم لعبوا دورًا حاسمًا في منع سقوط مادورو داخليًا.
فالوجود الكوبي في الأجهزة الأمنية، خصوصًا في الاستخبارات ومكافحة التجسس، أصبح خط الدفاع الأول للنظام ضد الانشقاقات، أداة حيوية لحماية الرئيس من أي تمرد داخلي قد تستغله واشنطن.
وتشير مصادر داخل الجيش الفنزويلي إلى أن مادورو زاد في الأسابيع الأخيرة من عدد الحراس الكوبيين، ووسّع دور الضباط الأمنيين القادمين من هافانا لاحتواء أي محاولة انقلاب.
تواصل الصين كذلك، رغم حذرها السياسي، شراء النفط الفنزويلي، وهو ما يبقي النظام قادرًا على تمويل رواتبه ومؤسساته؛ أما إيران، فأسهمت في إعادة تشغيل البنية التحتية النفطية وتقليل وقع العقوبات، رغم انشغالها داخليًا وخارجيًا.هذه الأدوات، الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية، لا تكفي لصد هجوم أمريكي، لكنها تجعل سقوط مادورو أمرًا أعقد بكثير مما كان عليه قبل عقد.
حدود الردع العسكري
رغم امتلاك فنزويلا ترسانة من الأسلحة الروسية، من منظومات S-300 إلى مقاتلات سوخوي، إلا أن محللين عسكريين يتفقون على أن معظم هذه الأنظمة سيتم تحييدها بضربات دقيقة قبل أي عملية أمريكية واسعة.
لكن الخطر الأكبر يكمن في الأسلحة الصغيرة المحمولة. فالصواريخ الروسية من طراز إيغلا، والتي يقول مادورو إن حكومته تمتلك 5000 منها، قد تعقّد أي عملية للقوات الخاصة الأمريكية، خصوصًا العمليات منخفضة الارتفاع لاعتقال الرئيس أو السيطرة على المنشآت الحيوية.ورغم أن جزءًا كبيرًا من هذه الصواريخ قد يكون غير صالح للاستخدام بسبب التخزين السيئ والتآكل، إلا أن بضع مئات منها كافية لرفع كلفة أي تدخل.
كما يمكن للميليشيات الموالية للنظام، مثل الميليشيا البوليفارية، أن تؤخر العمليات الأمريكية عبر حرب استنزاف محدودة.
ومع ذلك، يبقى الفارق العسكري هائلًا. فلا روسيا ستتدخل عسكريًا، ولا الصين لديها مصلحة في مواجهة مباشرة مع واشنطن، ولا إيران وكوبا تملكان القدرة على ذلك أصلًا؛ وكل ما يمكن لمادورو الاعتماد عليه هو رفع كلفة التدخل الأمريكي، وليس ردعِه.في الخلاصة، قد تكون فنزويلا قادرة على إبطاء أي عمل عسكري أمريكي ورفع ثمنه، لكنها تبقى، من دون حلفاء مستعدين للمواجهة، عاجزة عن خوض حرب حقيقية ضد أحد أقوى الجيوش في العالم.
التحالفات التي بنتها خلال عقدين، رغم أهميتها لبقائها السياسي، تبدو غير كافية لحمايتها من هجوم مباشر، لكنها بالتأكيد تجعل إسقاط النظام أكثر تعقيدًا، وأكثر تكلفة، وأكثر خطورة على أي قوة تفكر في التدخل.