أكد على أصول والدته الاسكتلندية و تجنب الإجابة على أسئلة الصحافيين المُحرجة :

ترامب في لندن: مظاهرُ الفخامة و الوِد لكن التقدم ضئيلٌ في اتفاقية الجمارك و القضايا الدولية


كان المؤتمر الصحفي الذي اختُتمت به زيارة دونالد ترامب الرسمية إلى المملكة المتحدة، والتي استمرت يومين هو اللحظة الوحيدة التي كادت أن تخرج فيها الترتيبات الرائعة ،التي اعتمدتها السلطات البريطانية لإرضاء الرئيس الأمريكي خلال إقامته ،عن مسارها. كان اليوم السابق مثاليًا: فقد استقبلت العائلة المالكة دونالد ترامب بحفاوة بالغة في وندسور. وامتلأ بالموسيقى العسكرية، ودُعي إلى عشاء لا يُنسى. أما الجزء «الجاد» فقد جرى يوم الخميس في إليسبورو بمقاطعة باكينجهامشير، في تشيكرز، وهو قصر فخم يعود للقرن السادس عشر، يُستخدم كمقر إقامة لرؤساء الوزراء البريطانيين في عطلة نهاية الأسبوع. 
غزة، أوكرانيا، المتحرش الجنسي جيفري إبستين، أو حرية التعبير: لم تكن هناك ندرة في مجالات الخلاف المحتملة بين الرئيس الأمريكي وزعيم حزب العمال كير ستارمر، وقد تكهنت وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة بالأسئلة المحرجة التي قد تُطرح في تشيكرز.
مع ذلك، وباستثناء لحظة أو اثنتين محرجتين بعض الشيء، لم يُبدِ دونالد ترامب أي استياء أو إذلال علني للبريطاني في القاعة الكبرى الفخمة للقصر، المُغطاة جدرانها بلوحات فنية عتيقة، حيث واجها الصحافة.

تجنب الزعيمان الحديث مع بعضهما البعض أو تهربا من الأسئلة المباشرة. بيتر ماندلسون، السفير البريطاني في واشنطن، الذي اضطر كير ستارمر إلى إقالته من منصبه في 11 سبتمبر، بعد الكشف عن قربه من جيفري إبستين، الذي كان دونالد ترامب يتردد عليه أيضًا ، ادعى الرئيس الأمريكي أنه لم يسمع قط بالدبلوماسي، رغم لقائه عدة مرات. وفيما يتعلق بالاعتراف الوشيك بدولة فلسطين من قبل المملكة المتحدة  ، والذي كان من المقرر أن يتم يوم الجمعة 19 سبتمبر، وفقًا لصحيفة الغارديان، لم يُخفِ السيد ترامب «خلافًا» مع كير ستارمر، دون الخوض فيه، معتبرًا أنه «من خلافاتهما النادرة». امتنع دونالد ترامب عن تكرار انتقادات نائبه جيه دي فانس أو إيلون ماسك بشأن ما يُسمى بتقييد حرية التعبير في المملكة المتحدة. من جانبه، امتنع كير ستارمر عن الرد عندما اقترح استخدام الجيش لمنع المهاجرين على الحدود، أو عندما وصف طاقة الرياح، التي تُعدّ المملكة المتحدة رائدة عالمية فيها، بأنها «مزحة باهظة الثمن». 
كلمات مطمئنة
 رفض كير ستارمر، حتى الآن، انتقاد الزعيم الأمريكي مباشرةً، ورغم أنه بدأ تقاربًا مع أوروبا، إلا أنه لا مجال لتهميش «العلاقة الخاصة» مع الولايات المتحدة، هذا التعاون الوثيق للغاية في مسائل الأمن والدفاع، والذي لا يزال موضع تساؤل من قِبل الخبراء مع تراجع موثوقية الحليف الأمريكي. من جانبه، أدلى دونالد ترامب أيضًا بكلمات مطمئنة حول قوة الرابطة عبر الأطلسي: «أنا أحب هذا البلد»، أكد  في قصر تشيكرز، مؤكدًا على أصول والدته الاسكتلندية.
باستثناء مظاهر المودة والفخامة واللباقة، ثبت أن النفوذ البريطاني محدود. ففي أوكرانيا، أمِلت حكومة ستارمر إقناع الرئيس الأمريكي بالضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ترامب: «لقد خذلني»، دون الالتزام بفرض عقوبات إضافية على روسيا، مكررًا ضرورة توقف الأوروبيين عن شراء الغاز الروسي. كما وقّع الزعيمان اتفاقية ازدهار التكنولوجيا، وهي اتفاقية بين شركات أمريكية مثل مايكروسوفت، وإنفيديا، وأوبن إيه آي، وبلاكستون، تَعِدُ باستثمارات تراكمية تصل إلى 150 مليار جنيه إسترليني (172 مليار يورو) في المملكة المتحدة، مع احتمال خلق 7600 وظيفة فقط حتى الآن. وقد وضّح نيك كليج، الذي شغل منصب كبير جماعات الضغط في فيسبوك بعد أن كان زعيمًا للحزب الليبرالي الديمقراطي البريطاني، تفاصيل «الاتفاقية» على بي بي سي ، قائلاً إن المملكة المتحدة لا تحصل إلا على «فتات» من استثمارات وادي السيليكون، ومحذرًا السلطات البريطانية من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا الأمريكية. أخيرًا، كانت حكومة ستارمر تأمل في إحراز تقدم في اتفاقية الجمارك مع الولايات المتحدة، لا سيما إعفاء الصادرات البريطانية من الصلب والألمنيوم والمشروبات الروحية. لكن شيئًا من هذا لم يتحقق في تشيكرز.