رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
تعزيزات على الجبهتين.. حرب أوكرانيا نحو تصعيد؟
بعد الخسارة الواسعة النطاق للأراضي المحيطة بخاركوف، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تعبئة ثلاثمئة ألف جندي لسد العجز الجسيم في صفوف الجيش وتعويض الخسائر في ساحة المعركة. وجاء في التقارير أن روسيا أرسلت الآن على الأقل 150 ألفاً من هؤلاء الجنود إلى ساحة المعركة، واحتفظت بنحو 150 ألفاً آخرين أو أكثر ضمن قوات الاحتياط.
ومن المفترض أن هذا العدد لا يشمل الآلاف من المقاتلين التابعين لمجموعة فاغنر — الذين يضمون عدداً كبيراً من المساجين المُجندين — وقوات غير نظامية أخرى جُلبت إلى الصراع. فضلاً عن ذلك، أعلنت روسيا مؤخراً عن خطة لزيادة حجم جيشها من مليون إلى مليون ونصف مليون جندي، وإنشاء وحدات عسكرية جديدة. وصرّح بوتين لوزرائه قائلاً: “ليست لدينا أي قيود على التمويل، والحكومة ستمد الجيش بأي شيء يطلبه — أي شيء على الإطلاق».
وفي تلك الأثناء، كان الرئيس الروسي يُلحق آلاف الرجال بالجيش ويضخ كميات كبيرة من المعدات والدبابات والمركبات المُدرعة وأنظمة الأسلحة في روسيا البيضاء، تمهيداً لإجراء مناورات عسكرية مُشتركة. وقد يعني ذلك أيضاً أنه سيكون في الإمكان شن هجمات جديدة من هناك. ويتزامن ذلك مع وضع الرئيسين البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو والروسي فلاديمير بوتين اللمسات الأخيرة على اتفاقيات لمزيد من التعاون العسكري بين البلدين، والمزيد من المناورات العسكرية المنتظمة، وتدريب أطقم بيلاروسية على التحليق بطائرات لديها القدرة على حمل أسلحة نووية.
لقد دقت التشكيلة الرفيعة المستوى للوفد الروسي الذي زار روسيا البيضاء ناقوس الخطر لدى كثير من المحللين، إذ صحب بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو ووزير خارجيته سيرغي لافروف. وفاقم هذه المخاوف تنفيذ روسيا البيضاء لقيود مؤقتة على قطاعات من منطقة هوميل الجنوب شرقية التي تشارك أوكرانيا وروسيا حدودها. وحدث ذلك إثر قرار للوكاشينكو بإرسال قوات ومعدات عسكرية بيلاروسية إلى الحدود لإجراء مناورات مكافحة للإرهاب على مدار أسبوعين. وحذرت أوكرانيا من التهديد المتصاعد من روسيا البيضاء، وعززت دفاعاتها تحسباً لهذه السيناريوات. ويعتقد بعض المراقبين أيضاً أن هناك مؤشرات على أن روسيا البيضاء يمكن أن تشارك مباشرة في هجوم روسي جديد من داخل أراضيها، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية طرقاً مُهِّدت حديثاً داخل الغابات وتحركات للمعدات العسكرية البيلاروسية تجاه الأراضي الحدودية.
ومع ذلك، ستكون هناك ردة فعل اجتماعية وسياسية واقتصادية عنيفة على أي تدخل من هذا النوع، ومن الأرجح، بحسب تقرير لموقع “آنهيرد” البريطاني، أن تبقى بيلاروسيا في الوقت الراهن مجرد ساحة تدريب وطرف داعم عموماً لحرب روسيا في أوكرانيا. أما بالنسبة لروسيا، فالركيزة الأساسية لموسكو حالياً تنصب على منطقة دونباس والبؤر المشتعلة مثل باخموت ومارينكا وأفدييفكا، فضلاً عن فاهليدار الواقعة على مسافة أبعد جنوباً. وبعد شهور من الهزائم المخزية في خاركوف وليمان وخيرسون، ورث سيرغي سوروفيكين الجنرال المعين حديثاً – الذي يبدو أكثر كفاءةً من سابقيه – فوضى عارمةً، غير أنه حقق الاستقرار إلى حد كبير لخطوط القوات الروسية.
علاوة على ذلك، تقدمت القوات البرية الروسية مجدداً إلى الخطوط الأمامية في قطاعات من منطقة دونباس، وتحقق حالياً مكاسب تراكمية، إذ تشق طريقها لتفكيك خطوط الدفاع الأوكرانية المتمرسة في مدينة باخموت المحصنة والاستراتيجية جداً. وتشهد هذه المدينة المعركة الأقوى على الإطلاق في الحرب، وهي البقعة التي زارها الأسبوع الماضي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لرفع الروح المعنوية لجنوده، وليُظهر للعالم كله أن رجاله يعتزمون إحكام سيطرتهم على المدينة ودحر الجنود المعادية المتقدمة. وتعد كل من روسيا وأوكرانيا هذا الصراع وجودياً، وتتأهب كل منهما لحرب مديدة ستحسمها في نهاية المطاف أرض المعركة.
وليس لدى الطرفين دافع سياسي للتنازل هذه المرة، وهو الأمر الذي أكده خلال الأيام القليلة الماضية زعيما البلدين. فقد شدد بوتين على أن حملة روسيا العسكرية ستستمر حتى تتحقق جميع أهدافها، بينما تعهد زيلينسكي باستعادة جميع الأراضي المسلوبة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. وفي ظل استعداد مئات الآلاف من الجنود الروس لدخول ساحة المعركة، واحتمالات فتح محاور جديدة للغزو، لا شك أن مسار الحرب يتجه نحو التصعيد، وفق التقرير.