تقرير: إخفاقات روسيا الاستخباراتية تقوّض «سيّد التجسس»

 تقرير: إخفاقات روسيا الاستخباراتية تقوّض «سيّد التجسس»

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضابطاً في جهاز الاستخبارات السوفيتي السابق “كي جي بي”، ولكنه لم يعد الآن “سيد التجسس”، كما يدعي.هذا ما يقوله المؤرخ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد كالدر وولتون، في مقال بصحيفة “التايمز” البريطانية، مشيراً إلى الأنباء التي وردت الأسبوع الماضي عن اعتقال خمسة بلغاريين في بريطانيا، بزعم أنهم عملاء للاستخبارات الروسية. ولفت إلى أنه منذ أصبح رئيساً لروسيا قبل أكثر من عقدين، سجل بوتين سلسلة من الإخفاقات الاستخباراتية ضد الغرب، وفُككت شبكات التجسس الخاصة به في أوروبا وأمريكا الشمالية، والآن على ما يبدو في بريطانيا.لا يُعرف سوى القليل عن البلغاريين الذين اعتُقلوا في فبراير (شباط)، ولم تظهر قصتهم حتى الآن. وقد وجهت التهم إلى 3 منهم.

وإذا تبين أنهم عملاء روس، فإن بوتين سيعتبر اعتقالهم بمثابة إذلال، وبالتالي نجاح آخر من أجهزة الأمن والاستخبارات الغربية، التي ضغطت بشدة لكسب اليد العليا منذ غزو أوكرانيا.وتذكر الصحيفة بالسجل الاستخباراتي لبوتين، قائلة إن مسيرته المهنية في الاستخبارات السوفيتية شكلت نظرته إلى العالم. ومن المؤكد أن حملته للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 كانت عملية ناجحة، واتبعت تقليداً سوفيتياً قديماً يتمثل في التدخل السري في الانتخابات الأمريكية، ويعود إلى عام 1948 على الأقل، ولكنه يستخدم الآن أدوات وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة.ومع ذلك، تقول الصحيفة إن نظرة عن كثب تكشف أن أوراق الاعتماد الاستخباراتية لبوتين ليست كما يدعي.في الأيام الأخيرة للإمبراطورية السوفيتية، كان مقره في دريسدن بألمانيا الشرقية، وهو موقع جانبي في حينه مقارنة ببرلين الشرقية، حيث كان العمل الحقيقي.وادعى يفغيني بريماكوف، أول مدير لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أنه عندما كان يترأس الجهاز في التسعينيات، لم يكن سمع عن بوتين من قبل.ومنذ وصوله إلى السلطة في عام 2000، صقل بوتين صورة أجهزة الاستخبارات الروسية على أنها عالية الاحتراف. ولكن “التايمز” تعتبر أن هذا الجهاز يضم مجرمين، وأن جهاز الأمن الروسي، FSB، الذي ورث “الكي جي بي” يدير مخططات غسيل الأموال الضخمة والمنهجية لصالح الدولة، من أجل الإثراء الشخصي لبوتين وللأوليغارشيين الروس.ادعى بوتين أنه عمل مع عملاء “كي جي بي”، الذين ينشطون في الغرب، ويطلق عليهم لقب “غير قانونيين” وألمح إلى أنه “غير قانوني».

ولكن وولتون يلفت إلى أن هذا مشكوك فيه في أحسن الأحوال. وينقل عن ضابط من وكالة الاستخبارات المركزية الذي درس بوتين لعقود، وأجريت معه مقابلة رفض فيها كشف هويته أن بوتين حاول الانضمام إلى برنامج “الكي جي بي” لغير القانونيين، لكنه فشل في اختبار اللغة، فلا عجب إذن أنه يعتبرهم نخبة خاصة.منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، من المرجح أن تكون الأجهزة الروسية قد ركزت بشكل أكبر على الاستعانة بـ”غير قانونيين”، خصوصاً بسبب الضرورة لأن الدبلوماسيين الروس، بما في ذلك ضباط الاستخبارات السرية، قد طردوا من الغرب.
 
لكن مرة أخرى، تلفت الصحيفة إلى أن التجسس الروسي في حالة سيئة. فقد تم تجميع الشبكات في النرويج وسلوفينيا وهولندا والبرازيل واليونان، حيث يتم توجيه المزيد من الأموال والموارد والاهتمام لتضييق الخناق على أنشطتها.
 
وخلص الكاتب إلى أن فشل بوتين في أوكرانيا لا يتعلق بالتجسس فقط. نجح غزوه في تقريب دول الناتو من بعضها. وباتت حملات التضليل الروسية السابقة لتشويه سمعة التحالف وتقويضه من الماضي.
ومع ذلك، استدرك: “رغم كل إخفاقاته، لا يمكننا أن نرتاح بسهولة، لأن “الديكتاتور المهان”، ولا سيما الذي يسيطر على ترسانة نووية، يظل خطيراً للغاية. وفي الحرب السرية للاستخبارات والاستخبارات المضادة، لا يمكننا أبداً أن نتأكد ما إذا كان الخصم لا يزال يحمل ورقة رابحة في جعبته».