رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
الغرب ونيودلهي حريصان على مزيد من التعاون
تقرير: قمة العشرين تكشف مغامرات الهند «المحفوفة بالمخاطر»
شكلت قمة مجموعة العشرين اختباراً لنفوذ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بصفته رئيساً للقمة وزعيماً لأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، والتي تشهد آفاقَ نمو مُحيرة.
ويقول الكاتب جيمس ديفيد سبلمان في مقال بمجلة “ذا هيل” إن الغرب يعتبر الهند دولة ذات أهمية جيوسياسية عظيمة في سياق احتواء الصين. وأظهر مودي نفوذه بتخفيفه إدانة غزو روسيا لأوكرانيا في البيان المشترك لمجموعة العشرين. وضمن للاتحاد الأفريقي عضوية دائمة في قمة العشرين، مما دلَّل على قيادته لجنوب الكرة الأرضية.
وأشار الكاتب إلى أن أهمية الهند لدى الصين وأوروبا والولايات المتحدة قد زادت منذ بدء حكم مودي عام 2014. وتفوق خامس أكبر اقتصاد في العالم على اقتصادات جميع بلدان الأسواق المتقدمة والناشئة، وذلك من حيث النمو هذا العام.
والهند سادس أهم سوق تصدير للصين، لكنها تمثل ربع كمية الواردات التي تستوردها الولايات المتحدة من العملاق الأصفر. وكانت واردات الهند من الصين من الإلكترونيات هي القطاع الأسرع نمواً هذا العام، مما دفع نيودلهي إلى حظرها، كي تتمكن من رعاية المصنعين المحليين. والصين بالنسبة للهند رابع أهم سوق تصدير.
الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر شريك تجاري للهند
والاتحاد الأوروبي هو ثالث أكبر شريك تجاري للهند، إذ تُقدَّر قيمة تجارته مع الهند بـ 94 مليار دولار في عام 2021، أو عُشر إجمالي التجارة الهندية. ويعدّ الاتحاد الأوربي ثاني أكبر وجهة لصادرات الصين (14.9% من الإجمالي) بعد الولايات المتحدة.
تودد عالمي للهند
ولفت الكاتب إلى تودد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين للهند، إذ يحرص كل طرف على تعميق العلاقات مع الجنوب العالمي لمُعادَلَة طموحات المنافسين. ووقَّعَت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً مع الهند ودول الشرق الأوسط لبناء شبكة سكك حديد وطرق بحرية يمكن أن تزيد سرعة التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40%.
وفي اجتماع خاص، أكد مودي والرئيس الأمريكي جو بايدن على علاقات أعمق في إطار التعاون الدفاعي. وتعمقت صداقة الاثنين بعد تغيُّب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمة مجموعة العشرين. وتودد رئيس الوزراء البريطاني أيضاً ريشي سوناك إلى مودي طمعاً في إبرام اتفاق للتجارة الحرة، يبدو على الأرجح أن يتم بحلول نهاية العام.
واستغلت الصين خطتها العالمية لإقامة البنية التحتية لمبادرة الحزام والطريق بغية تعزيز نفوذها على رقعة شاسعة من الدول في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وصولاً إلى أفريقيا وعبر أوروبا الوسطى والشرقية. لكنّ الهند رفضت المشاركة لأن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يقطع الأراضي الهندية في “جيلجيت بالتستان”، التي تحتلها باكستان.
مناوشات بين الهند والصين
وقال الكاتب إن المناوشات بين الهند والصين عديدة. فالقوات الصينية والهندية تشتبك على طول حدود الهيمالايا البالغة 2100 ميل. ولذلك يقيم البلدان بنية تحتية بسرعة في المنطقة. وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية قرى جديدة ومنشآت عسكرية منتشرة في الصين على طول الحدود. وتُشيّد الهند طرقاً سريعة لنقل القوات والمعدات إلى المناطق المتنازع عليها.
وتصرُّ الصين على أن التقارب بين البلدين يستحيل أن يستمر حتى يُسوَّى النزاع الحدودي. وأكد غياب شي عن قمة مجموعة العشرين أن العلاقات مُعلَّقة في الوقت الراهن. غير أن الصين تدرك أن الهند لن تدير لها ظهرها بالكامل. فصناعة الأدوية الهندية مثلاً بحاجة إلى الصين لتأمين 70% من المكونات الضرورية.
مناورات مودي محفوفة بالمخاطر
وأفاد الكاتب بأن مودي يناور لتعميق العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. غير أن مناوراته محفوفة بالمخاطر. فالهند ثالث مستهلك للنفط في العالم، وتواصل مصافيها استهلاك الخام الروسي المنخفض التكلفة، مما أثار حفيظة بروكسل وواشنطن اللتين تستعينان بنظام معقد من الحظر لتقييد قدرة روسيا على تمويل غزوها المطول لأوكرانيا.
وتواصل الهند أيضاً علاقاتها ببوتين للحد من تحالفه مع الصين وباكستان، وهي نقطة شائكة أخرى للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويصرّ مودي على الحياد ويقاوم التحالفات الرسمية، ويرفض إدانة الهجمات الروسية.خلاف الهند وأوروبا
وأثبتت قمة العشرين التزام مودي بالمضي قدماً في التعاون مع الغرب، إذ يبدو أن القواسم المشتركة بينهما هي الأرجح، ولا سيما في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والتخفيف من حدة الفقر في الجنوب العالمي.
ومضى الكاتب يقول: “أمست المخاوف من تراجع الديمقراطية في الهند هامشية. والواقع أن الغرب والهند حريصان على مزيد من التعاون. والصين أيضاً حريصة على تعميق علاقاتها بالهند، ولكن بطريقتها الخاصة التي تتماشى مع وجهات نظرها للنظام العالمي، من خلال الأطر العالمية التي تقيمها بمنأى عن التحيزات الغربية».