بعد اشتباكات مسلّحة أسفرت عن ثلاثة قتلى
توقيف سياسي معارض في كردستان العراق
أوقفت قوات الأمن في كردستان العراق فجر أمس الجمعة السياسي المعارض لاهور شيخ جنكي، وهو ابن عم قياديَي أسرة طالباني النافذَين في الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، بعد ساعات من اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل ثلاثة من قوات الأمن بحسب مسؤولَين أمنيين.
وكان جنكي في الماضي مسؤولا كبيرا في الاتحاد الوطني الكردستاني أحد الحزبين الكرديين التاريخيين بالإقليم والذي يهيمن على السليمانية، قبل أن تنشأ خلافات بينه وبين ابنَي عمّه بافل وقباد طالباني وهما ابنا الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني.
وأصبح جنكي ثاني سياسي معارض بارز توقفه قوات الأمن في السليمانية ثاني كبرى مدن كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991، في أقلّ من أسبوعين.
وقال مسؤول أمني لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته نظرا إلى حساسية الملف إن جنكي «سلّم نفسه» فجر أمس الجمعة فيما «جُرح شقيقه بولاد في ساقه وتم اعتقاله» بعد عدة ساعات من اشتباكات بأسلحة ثقيلة.
وكان الرجلان محصّنَين مع مقرّبين منهما في فندق يملكانه في حي راق في السليمانية، وفقا لمراسل وكالة فرانس برس الذي شاهد في الموقع دخانا أسود يتصاعد بعد حريق اندلع جراء الاشتباكات.
واندلعت قبيل الفجر اشتباكات بين قوات الأمن التي شنّت الهجوم، وعشرات المقاتلين المسلّحين الذين كانوا يحمون الرجلَين فيما سُمعت أصوات إطلاق النار في كل أنحاء المنطقة.
وأسفرت المواجهات عن ثلاثة قتلى في صفوف القوى الأمنية «أحدهم يتبع لقوات مكافحة الإرهاب والثاني لعمليات الأسايش والثالث لقوات الكوماندوز «...» فيما أُصيب 19 آخرون» من قوات الأمن، على ما قال لفرانس برس مسؤول أمني ثان طلب عدم الكشف عن هويته.
وأكّدت المديرية العامة لمكافحة الإرهاب في السليمانية في بيان مقتل أحد منتسبيها «أثناء مشاركته في تنفيذ قرار قضائي لاعتقال مجموعة من المطلوبين»، منوّهة إلى أن «المواجهات انتهت بعد نحو أربع ساعات».
وفي حين يقدّم الإقليم الحليف للولايات المتحدة والدول الأوروبية نفسه على أنه واحة للاستقرار في العراق الذي بدأ يشهد أخيرا استقرارا نسبيا بعد أربعة عقود من النزاعات، يندد ناشطون ومعارضون بالفساد المستشري فيه وبالتوقيفات التعسفية وانتهاكات حرية التجمع والهجمات على حرية الصحافة.
وقال المتحدث باسم محكمة السليمانية القاضي صلاح حسن لفرانس برس إن القضاء «أصدر أمس الأول الخميس أمر قبض» بحق جنكي وعدد من الأشخاص «بتهمة تشكيل مجموعة لزعزعة الأمن والاستقرار».
وأشار إلى أنه «قد يُحكم عليه بالسجن مدة لا تقلّ عن سبعة أعوام في حال ثبتت التهمة».
وأُبعد جنكي تدريجا منذ 2021 عن مركز السلطة وعن المناصب الأمنية التي كان يشغلها جرّاء خلافات مع ابنَي عمّه. وأشار في ذلك العام رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني إلى أنه تعرّض لمحاولة تسميم، موجّها أصابع الاتهام إلى المقربين من جنكي في مجال الأمن.
وأسس جنكي المولود في العام 1975، الجهاز الكردي لمكافحة الإرهاب في السليمانية وأداره لأكثر من عشرة أعوام قبل أن يتولى رئاسة وكالة استخبارات تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، وفقا لموقعه الإلكتروني الخاص.
وتشارك لفترة وجيزة مع ابن عمّه بافل رئاسة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي العام 2024، أسّس حزبه الخاص الذي أطلق عليه اسم «جبهة الشعب» الذي يتمتع اليوم بمقعدَين من أصل 100 في برلمان إقليم كردستان.
وفي 12 آب-أغسطس، أوقف السياسي المعارض شاسوار عبد الواحد زعيم حركة الجيل الجديد في منزله في السليمانية ووُضع قيد الاحتجاز في قضية تشهير.
ومن أربيل عاصمة الإقليم، دعا رئيس الحكومة مسرور بارزاني في بيان الجمعة «جميع الأطراف إلى ضبط النفس (...) وحلّ أي مشكلة أو خلاف بالطرق القانونية».
ويشهد كردستان العراق منذ عقود تنافسا على السلطة بين حزبين أساسيين وعائلتيهما هما الحزب الديموقراطي الكردستاني وأسرة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وأسرة طالباني.
وفي أربيل، حُكم الثلاثاء على الصحفي شيروان شيرواني المعروف في مجال مكافحة الفساد، بالسجن أربع سنوات وخمسة أشهر إضافية لإدانته بتهمة «تهديد» ضابط في السجن، قبل أيام من الإفراج المفترض عنه بعد حوالي خمسة أعوام من توقيفه.
واعتبرت الأمم المتحدة أمس الأول الخميس أن هذا الحكم «قد يكون غير متناسب وأن تطبيقه قد يكون تعسّفيا»، داعية سلطات الإقليم إلى «ضمان أن تكون كل الإجراءات الجزائية شفافة وعادلة وفقا للمعايير الوطنية والدولية».