مع التهديد باللّجوء إلى القضاء

تونس: مُطالبة بإلغاء الاستفتاء وأخرى للمقاطعة...!

تونس: مُطالبة بإلغاء الاستفتاء وأخرى للمقاطعة...!

- التيار الشعبي والتحالف من أجل تونس يدعوان  إلى التصويت بنعم يوم 25 يوليو
 
 أعلن الحزب الدستوري الحرّ أنه توجه إلى هيئة الانتخابات في شخص ممثله القانوني بتنبيه أخير قبل اللجوء إلى القضاء الجزائي، تضمن مطالبته بإيقاف مسار الاستفتاء وإلغاء موعد 25 يوليو، والامتناع عن عرض النص المنشور بالرائد الرسمي من قبل قيس سعيد على الناخبين.
   كما أعلن أنه سينظم وقفة احتجاجية أمام مقر هيئة الانتخابات غدا الخميس للمطالبة بإنهاء مسار الاستفتاء وإلغاء موعد 25 يوليو حفاظا على الدولة التونسية وسيادة شعبها ومستقبل الأجيال القادمة، وفق نص البلاغ.

إلغاء موعد الاستفتاء
   ودعا الحزب كل القوى الحية في المجتمع وكافة المنظمات الوطنية العريقة التي تؤمن بعلوية القانون وترفض الانخراط في المسارات المدمرة إلى الالتفاف حول المطلب الشعبي بإلغاء موعد الاستفتاء لوقف نزيف التجاوزات والانحراف الخطير بالسلطة.
   وطالب الدستوري الحرّ قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل بالتراجع عن موقفها السلبي تجاه ما يقوم به قيس سعيد من تدمير لأسس الجمهورية ويهيب بهذه المنظمة العريقة للاضطلاع بدورها الجوهري في الذود عن الدولة المدنية البورقيبية وإعلان مساندتها لمطالب الجماهير الواسعة التي تنادي بضرورة إلغاء الاستفتاء المزمع تنظيمه يوم 25 يوليو الجاري، ومنع الكارثة قبل فوات الأوان، حسب ما جاء في البلاغ.

   وأكد الحزب الدستوري الحر ان “في مضمون مسودة الدستور الجديد أحكاما نسفت مبادئ الدولة المدنية وضربت الحقوق والحريات وضمانات المحاكمة العادلة وألغت أسس النظام الجمهوري القائم على الفصل بين السلط والتوازن بينها وكرست حكما مطلقا يؤسس لدولة الخلافة وهيمنة المرشد الأعلى الذي لا يخضع للرقابة ولا للمساءلة».
   واعتبر الحزب في بيانه على صفحته على موقع فيسبوك، أن “عرض نص مجهول المصدر ولا شرعية له على الاستفتاء يعتبر خروجا عن القانون واعتداء على سيادة الشعب وتزويرا لإرادته وتبديلا لهيئة الدولة دون وجه حق”، واصفا ذلك بـالـ “جريمة الخطيرة في حق البلاد الموجبة للتتبع الجزائي».

  وكانت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، قد علقت على الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية خاصة بعد تبرأ كل من العميد الصادق بلعيد وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ من الدستور الجديد واصفة هذه التصريحات بـ “المسرحية».

   وبينت موسي أنها نبهت الصادق بلعيد من مغبة المشاركة في هذا المسار غير شرعي، قائلة: “نبهناكم من خلال الوقفات والمظاهرات انه لا يمكن الانخراط في مسار مبني على اجراءات غير قانونية وان التصحيح ينطلق فقط بخطوات تصحيحية ولم يسمعنا أحد».
  وأضافت: “لدينا اليوم مشروع دستور كارثي نسف نسفا كاملا للدولة المدنية، مشروع خطير لم يكن الاخوان المسلمون يحلمون به عندما قاموا بتكوين المجلس التأسيسي وقبلوا حينها على مضض نصوص الحريات ونصوص مدنية الدولة” مشددة على أن الإخوان وحزب التحرير وكل الشقوق وجدوا حظهم في مشروع قيس سعّيد والجميع سيقتسمون الغنيمة»
   ودعت موسي الشعب التونسي وخاصة النساء وكل القوى الحية في المجتمع إلى مقاطعة 25 يوليو، مؤكدة انه “مسار غير قانوني وغير شفاف” وفق تعبيرها.

مقاطعة وقضايا جزائية
   في السياق ذاته ، دعت الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء أمس الثلاثاء، إلى مقاطعة الاستفتاء وعدم المشاركة بأي شكل من الأشكال وحتى لو كان التصويت بـ “لا” باعتبار أن ذلك فيه اضفاء للمشروعية على المسار المرفوض منذ البداية وفق ما أفاد به الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي.
   وأبرز الشابي أن رئيس الجمهورية عبر مشروع الدستور الجديد فكك كلّ الهياكل الرقابية والتعديلية، مضيفا أن الرئيس يريد اليوم المرور بقوة عبر فرض الاستفتاء والاستشهاد باستشارة وطنية “فاشلة” وفق تقديره.
   ووصف الشابي مشروع الدستور ب “الابن الشرعي لمسار انقلابي”، قائلا إن رئيس الجمهورية لا يؤمن لا بالديمقراطية ولا بالحوار وأن مشروع الدستور يعكس نظرة رئيس الجمهورية الخاصة والشخصية، مضيفا أن توطئة الدستور تؤكد قراءاته الاحادية للتاريخ.
   كما اعتبر الشابي أن مشروع الدستور يعطي للرئيس سلطات فرعونية لم يتمتع بها رؤساء سابقين وهو كذلك قام بإلغاء التوازن بين السلط وضرب استقلالية القضاء.
   وكشف الشابي أن الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء سترفع قضايا جزائية ضد رئيسة الحكومة وأعضائها في تبديد المال العام لفائدة مشروع شخصي لا علاقة له بمصلحة التونسيين وأيضا قضية جزائية ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رغم أن مرسوم احداثها يحصنها من التتبعات القضائية.
   كما أعلن الشابي أن الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء ستوجه رسالة إلى مكتب صندوق النقد الدولي بتونس تعلمها فيها أن “الحكومة غير شرعية ومعينة بمرسوم ولا يمكن أن يلتزم الشعب بالتزامات لم يناقشوها او يتفقوا عليها، وأن كل اتفاق مع الحكومة سيسقط مع سقوطها».
   ويشار إلى أن الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء تضم 5 أحزاب وهي كل من حزب القطب والتيار الديمقراطي وحزب التكتل والحزب الجمهوري وحزب العمال.

رفض المشروع
   من جهتها، عبّرت “جبهة الخلاص الوطني”، أمس الثلاثاء، عن رفضها القاطع لمشروع الدستور الجديد. كما أكّدت انها ستُقاطع الاستفتاء، مُعلنة تمسكها بدستور 2014.
   واضافت الجبهة ان صياغة هذا المشروع أُحيطت بجوّ من التكتّم والسرية دفع بالكثير من المشاركين في الاستشارة إلى الانسحاب منها حتى بلغ الأمر برئيس اللجنة الاستشارية ذاته إلى التبرؤ من المشروع الذي نشره قيس سعيد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
   وكان العميد الصادق بلعيد الرئيس المنسق للهيئة الاستشارية من أجل ارساء جمهورية جديدة قد اعتبر الاثنين، أن نص مشروع الدستور الذي قدمته الهيئة والنص المنشور بالرائد الرسمي خطان متوازيان لا يلتقيان، مؤكدا ان بالنسخة المنشورة بالرائد الرسمي “خروقات قانونية وسياسية خطيرة لا تحصى ولا تعد».
   وأوضحت جبهة الخلاص في بيان لها، ان تغيير دستور 2014، يكون نتيجة حوار وطني شامل يحافظ على مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة المتبادلة بينها شرطا لضمان الحقوق والحريات وسيادة القانون. كما توجّهت “جبهة الخلاص” الوطني بنداء حارّ لكافّة القوى الوطنية لإفشال الاستِفتاء.
   يشار الى ان جبهة الخلاص الوطني تشكلت بقيادة السياسي احمد نجيب الشابي وتضم قوى سياسية ومجموعات مدنية وشخصيات معارضة للرئيس قيس سعيد، وتجتمع في وصف مسار 25 يوليو بـ “الانقلاب».  
   هذا وعبّرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، عن رفضها لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء وتنبه من خطورته لعدم استجابته لمبادئ حرية الصحافة والتعبير والحقوق والحريات واستقلالية القضاء والفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها.

التيار الشعبي يساند
   في المقابل، أكّد الأمين العام لحزب التيار الشعبي أن مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يتضمّن العديد من نقاط القوة ولهذا سيدعو أنصاره إلى التصويت بنعم يوم 25 يوليو الجاري.
   وبيّن حمدي أن مشروع الدستور يضمن الحقوق والحريات مثل ما كان عليه دستور 2014 ويوحّد السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية وتضمّن إضافة غرفة نيابية ثانية بإمكانها تأمين مشاركة الفئات الشعبية والجهات في صنع القرار ورسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
   كما أشار أمين عام حزب التيار الشعبي إلى أن مشروع الدستور قد قلّص من الهيئات المستقلة التي كانت تمثل عبئا ولم تكن لها فائدة تذكر، مبيّنا أنه بالإمكان تنظيم عمل بعض الهيئات بقانون على غرار هيئة الاتصال السمعي البصري والهيئة العليا لحقوق الإنسان.
   وأكد أمين عام حزب التيار الشعبي زهير حمدي، أن مشروع الدستور ينأى بتونس عن الأحلاف الدولية، مشيرا إلى أن تونس كانت تاريخيا ملحقة بالمنظومة الأطلسية ويمنع عليها بموجب الدستور الذي سيعرضه قيس سعيد على استفتاء شعبي يوم 25 يوليو الجاري، أن تكون ضمن دائرة الأحلاف وملزمة بمناصرة قضايا التحرر في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية وهي مسألة جد مهمة، حسب قوله.
   واعتبر زهير حمدي أن تثبيت انتماء شعب تونس إلى الأمة العربية مسألة بديهية ولا تثير نقاشا ولا تطرح صراعا حول الهوية.
   وفي المقابل أشار أمين عام حزب التيار الشعبي إلى وجود بعض الثغرات الممكن طرحها للنقاش على غرار غياب آليات لمراقبة عمل رئيس الجمهورية ومحاسبته،
مصرحا أنه كان بالإمكان تجاوز هذه الإشكالية والتنصيص على إقامة هذا النوع من التوازن بين السلط حسب قوله واخضاع الرئيس لنوع من الرقابة حتى لا نعيد مهزلة 2014 عندما كان البرلمان متحكما في جميع السلطات.
   وقال زهير حمدي إن التيار الشعبي لو تواجد في المشهد السياسي القادم سيدفع نحو إحداث نوع من التوازن في السلطات واخضاع رئيس الجمهورية للمحاسبة لأن الضمانات الحقيقية لا تكون إلا بالنصوص خصوصا وأن مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يتضمن آليات تعديل مرنة وسهلة.

   واعتبر أمين عام حزب التيار الشعبي أن التصويت بنعم على مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء بما فيه من نقائص والذهاب نحو التأسيس مرحلة جديدة فيها نقائص يمكن تصحيحها أفضل من الانتكاسة والرجوع إلى الوراء.
  من جهته، دعا حزب ‘التحالف من أجل تونس’ أمس الثلاثاء إلى التصويت بـ ‘’نعم’’ لـدستور الجمهورية الجديدة وإلى دعم مسار الاستفتاء عليه يوم 25 يوليو الحالي.

  وحث الحزب في بيان، على مواصلة دعم ما وصفه بـ “مسار التصحيح”، وذلك بالانخراط في دعم الاستفتاء والانطلاق في تنظيم لقاءات وأنشطة في مختلف جهات البلاد لدعوة الناخبين للإقبال بكثافة على مكاتب الاقتراع والتصويت بنعم لدستور الجمهورية الجديدة.
  وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد نشر الخميس بالرائد الرسمي مشروع الدستور الجديد، الذي يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية على خلاف ما كان عليه الأمر في دستور 2014، وذلك قبل عرضه على الاستفتاء يوم 25 يوليو الجاري.
  وذكر حزب “التحالف من أجل تونس” أنه ساهم في كل جلسات الحوار
وقدّم رؤيته واقتراحاته في المجال السياسي والمجالين الاقتصادي والاجتماعي كتابيا”، معتبرا أن مشروع الدستور المطروح على الاستفتاء جاء متضمّنا كل المقترحات التي تقدّم بها “إسهاما في دفع مسار التصحيح”، وفق تعبيره.

قيس سعيد: صوتوا بـ «نعم»
أصدرت الرئاسة التونسية صباح أمس الثلاثاء مذكرة تفسيرية لمشروع الدستور الجديد عنوانها ‘’للدولة حقوق وللحقوق والحريات دستور يحميها وللشعب ثورة يدافع عنها من يعاديها».   وأوضح قيس سعيّد ضمن هذه المذكرة التفسيرية أسباب تجميد عمل مجلس نواب الشعب ووضع دستور جديد.   وبيّن قيس سعيد، أنّ مشروع الدستور المعروض هو روح الثورة ومن روح مسار التصحيح، معتبرا أنه لا يهيئ لاختلال التوازن بين الوظائف، وأنّ التوازن يختل حين يهيمن حزب واحد أو تحالف واحد على كل مؤسسات الدولة.   ودعا الرئيس التونسي المواطنين إلى التصويت بـ “نعم” في الاستفتاء على مشروع الدستور “حتى لا يصيب الدولة هرم وحتى تتحقق أهداف الثورة. فلا بؤس ولا إرهاب ولا تجويع ولا ظلم ولا ألم”، وفق ما جاء في نصّ البلاغ.