رئيس الدولة:وفد الوطن بالكفاءات الوطنية النوعية على قائمة أولويات
مكتب تريندز بواشنطن يناقش مستقبل الأمن البحري في ظل الثورة التكنولوجية في السفن غير المأهولة
جلسة استراتيجية ثالثة تبحث الأثر العملياتي والتعاوني للسفن السطحية غير المأهولة في الخليج والعالم
نظّم مركز تريندز للبحوث والاستشارات – فرع الولايات المتحدة (TRENDS US) جلسته الاستراتيجية الثالثة تحت عنوان: "السفن السطحية غير المأهولة: مستقبل الأمن البحري"، وذلك في العاصمة الأمريكية واشنطن، بمشاركة نخبة من القادة العسكريين السابقين والخبراء في مجالات الدفاع والتكنولوجيا البحرية.
وأكد المشاركون خلال الجلسة أن الردع البحري في القرن الحادي والعشرين لم يعد يعتمد على حجم الأسطول، بل على العدد والسرعة والقدرة على الانتشار الذكي، مشيرين إلى أن التقنيات غير المأهولة أصبحت ركيزة أساسية في حماية الممرات البحرية ومواجهة التهديدات المتزايدة.
التحولات في مفاهيم الأمن البحري
أدار الجلسة بلال يوسف صعب، المدير الإداري الأول لـ«تريندز أمريكا»، حيث تناول النقاش ثلاثة محاور رئيسية، هي: أثر السفن السطحية وغير المأهولة تحت الماء (USVs وAUVs) على الأمن البحري في الخليج ومناطق أخرى، والآفاق المستقبلية لهذه القدرات المتطورة ودورها في تعزيز الردع، والأهمية الاستراتيجية للتعاون الدولي والإقليمي في تطوير وتوظيف هذه التقنيات.
شارك في الجلسة كلٌّ من مايكل براسور، كبير مسؤولي الاستراتيجية ونائب الرئيس في شركة "ساب" (Saab)، ومؤسس وقائد «فرقة المهام 59» التابعة للبحرية الأمريكية، ومايكل ستيوارت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة N86U للاستشارات الدفاعية والمدير السابق لمكتب القدرات المبتكرة في البحرية الأمريكية. كما حضر النقاش الأدميرال كيفن دونيغان، المستشار الأول لـ«تريندز أمريكا» والقائد السابق للقوات البحرية الأمريكية في القيادة المركزية (NAVCENT) والأسطول الخامس وقوات التحالف البحرية في البحرين، إلى جانب عدد من كبار الضباط المتقاعدين وخبراء الصناعة الدفاعية وممثلي الشركات الناشئة في القطاع البحري.
إعادة تعريف الردع البحري
أكد المتحدثون أن التحديات المتزايدة في البحار – من القرصنة إلى التهريب والإرهاب والتهديدات الإيرانية والحوثية – تفرض اعتماد مقاربات جديدة للردع البحري تقوم على توظيف الأنظمة الذكية والسفن غير المأهولة لتعزيز القدرة على المراقبة والتصدي السريع للتهديدات.
وأشار الخبراء إلى أن العديد من الدول الشريكة للولايات المتحدة في الخليج تعاني من محدودية في قدرات الوعي بالمجال البحري (MDA) ونقصٍ في الإمكانات لحماية مواردها البحرية، مما يجعل الأنظمة غير المأهولة «مُعادِلاً تكنولوجيّاً» يمنحها قدراتٍ فعّالةً بتكلفة أقل وبمرونة تشغيلية أكبر.
وسلّطت الجلسة الضوء على نجاح «فرقة المهام 59»، التي أسسها الأدميرال براسور والمتخصصة في دمج الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي ضمن عمليات الأسطول الخامس، حيث أثبتت هذه التجربة أن الأنظمة غير المأهولة تحقق نتائج نوعية "مقابل كلفة محدودة".
كما تناول النقاش تجربة أوكرانيا في البحر الأسود، التي استخدمت طائراتٍ وسفناً غير مأهولة في مواجهة الأسطول الروسي، ما مثّل تحولاً جذريّاً في تكتيكات الحرب البحرية، دون أن تحلّ هذه التقنيات محل السفن الكبرى، بل تكملها وتزيد من فعاليتها.
تحديات المستقبل
رغم التقدم الكبير في التقنيات البحرية غير المأهولة، رأى المشاركون أن العقبات التنظيمية والتمويلية تبقى التحدي الأكبر أمام تطويرها، مؤكدين أن البيروقراطية الدفاعية الأمريكية تُبطئ عملية اعتماد الابتكارات الجديدة، رغم إنشاء وحدات مثل وحدة الابتكار الدفاعي (DIU) . وأشاروا إلى ضرورة تطوير آليات دعمٍ مؤسسيٍّ وتمويلٍ مستدامٍ لتجارب الاختبار والتطوير، مؤكدين أن غياب الذاكرة المؤسسية يؤدي إلى فقدان الدروس المستفادة عند تغيّر القيادات أو انتهاء المبادرات الفردية.
التعاون الدولي.. ركيزة للريادة البحرية
أجمع المتحدثون على أن التعاون والشراكات الدولية عنصرٌ حاسمٌ في تطوير ونشر الأنظمة غير المأهولة، مؤكدين أن التجارب الناجحة في الخليج وأوكرانيا أبرزت أهمية تبادل الخبرات بين القوات البحرية وشركات التكنولوجيا والمبتكرين الشباب. وأوضحوا أن هذه الشراكات تساعد في اختبار الأنظمة الجديدة وتكامل الذكاء الاصطناعي ضمن العمليات المشتركة، وتعزز من بناء الثقة بين الإنسان والآلة ضمن منظومات المراقبة والدفاع المتكاملة.
"تريندز" منصة فكرية عالمية استشرافية
اختُتمت الجلسة بتوصياتٍ دعت إلى الاستثمار في الابتكار البحري، وتوسيع الشراكات الدولية، واعتماد آليات تمويل أكثر مرونة لتسريع إدماج التقنيات الجديدة في منظومات الأمن البحري العالمية.
وأكد مركز تريندز للبحوث والاستشارات – أمريكا، التزامَه بمواصلة تنظيم جلساته الفكرية الاستراتيجية التي تجمع بين صُنّاع القرار والخبراء والممارسين، لتبادل الرؤى حول الأمن البحري العالمي والتقنيات الدفاعية المستقبلية، في إطار رسالته الرامية إلى تعزيز الفهم العلمي والتحليل الاستشرافي للقضايا الراهنة.