خلال جلسة في «الشارقة الدولي للكتاب»
حصّة المفرّح: القصص المصوّرة أصبحت أداة لتشكيل الوعي الثقافي ومخاطبة القارئ المعاصر
أكدت الدكتورة حصّة المفرّح، أستاذة الأدب والنقد في جامعة الملك سعود، أن فنّ القصص المصوّرة في العالم العربي تحوّل في العقد الأخير من كونه مجرّد وسيلة ترفيه للأطفال، إلى منصة تنوير ثقافي تعبّر عن الوعي الجمعي وتدافع عن قضايا المجتمع، مشيرة إلى أن هذا الفن يمتلك قدرة فريدة على الجمع بين الكلمة والصورة في صيغة سردية قريبة من الناس، يسهّل تفاعلهم معها ويستمتعون بها في الوقت نفسه.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان "القصص المصوّرة في العالم العربي: قفزة جديدة نحو التنوير الثقافي"، التي نظمها الجناح السعودي ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، الذي تقيمه هيئة الشارقة للكتاب تحت شعار "بينك وبين الكتاب" في مركز إكسبو الشارقة ويستمر حتى 16 نوفمبر الجاري، وأدارها الإعلامي محمد الموينع.
وتحدثت الدكتورة المفرّح عن خصوصية فنّ السرد المصوّر، موضحة أنه يقوم على دمج الكلمة بالصورة في بناء متكامل لا تكتمل دلالته إلا من خلال هذا التفاعل البصري واللغوي معاً. وأشارت إلى أن القصة المصوّرة تختلف عن الكاريكاتير في طبيعتها السردية، فهي تعتمد على تسلسل أحداث وشخصيات تتطوّر مع النص، بينما يركّز الكاريكاتير على لحظة واحدة تختزل موقفاً ساخراً أو نقدياً. وأضافت أن طريقة رسم الشخصيات في القصص المصوّرة تميل إلى الواقعية، في حين يتّجه الكاريكاتير نحو المبالغة والتشخيص.
وفي حديثها عن الجذور التاريخية لهذا الفن، أكدت المفرّح أن العرب لم يكونوا بعيدين عن هذا النوع من التعبير البصري، إذ وجِدت النقوش والرسومات القديمة التي كانت تُستخدم لسرد الحكايات قبل ظهور هذا الفن بصيغته الحديثة في الغرب. وأوضحت أن القرنين الثامن عشر والتاسع عشر شهدا بداية التأسيس الحقيقي للسرد المصوّر الحديث، فيما بدأت المنطقة العربية لاحقاً باعتماد هذا الشكل الفني عبر المجلات المترجمة والمحلّية، قبل أن تتطور التجربة في العقود اللاحقة مع مجلات مثل "ماجد" في الإمارات و"باسم" في السعودية، اللتين كان لهما دور رائد في ترسيخ هذا الفن في الوعي العربي.
وأضافت أن النظرة إلى هذا الفن تغيّرت جذرياً خلال العقود الماضية، فبعد أن كان يُنظر إليه كترفيه مخصص للأطفال، أصبح اليوم وسيلة فاعلة لنشر الثقافة وتعزيز الوعي. وذكرت أن العديد من الفنانين العرب استخدموا السرد المصوّر للتعبير عن القضايا السياسية والاجتماعية، مستشهدة بتجارب تناولت القضية الفلسطينية التي شكّلت ميداناً خصباً لهذا الفن، لما يمتلكه من قدرة على نقل الرسائل الرمزية والمؤثرة إلى العالم.
واختتمت الدكتورة المفرّح حديثها بالتأكيد على أن القصص المصوّرة باتت فناً يتناسب مع إيقاع العصر، لكونها تجمع بين الجاذبية البصرية وسرعة إيصال الفكرة، مشيرة إلى أن هذا الفن أصبح وسيلة للتعبير عن الوعي الثقافي العربي بروح معاصرة تواكب التحوّلات في المشهد الإبداعي العالمي.