رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
في سيرة ذاتية من تأليف جيرار أرو:
دبلوماسي القرن: «شخصية من ضوء وظلال»...!
-- أبلغت الولايات المتحدة الجيش أنها لن تعارض الانقلاب في تشيلي
-- كيسنجر، نسخة من القائد الأزلي للدبلوماسية الأمريكية
-- منح كيسنجر جائزة نوبل للسلام، كان اختيارًا سيئًا حقًا نحن في عالم من الفوضى يشبه العالم قبل عام 1914
-- أسطورة بالأبيض والأسود، وقدرة على تلخيص القضايا في بضع جمل
صدر للسفير الفرنسي السابق جيرار أرو أمس الخميــس كتابـــــا عن هنـري كيســـنجر، وزيـــر الخارجيـة السابق لريتشـــارد نيكسون وجيرالد فـــــــــورد 1973-1977 ومستشــــار الأمن القومي السابق 1969-1973.
بعد ثمانية وأربعين عامًا من منح جائزة نوبل للسلام لهنري كيسنجر، لا تزال قصة الرجل ملتبسة وغامضة. يُنظر إليه، عن حق أو باطل، على أنه الرجل الذي وقف وراء انقلاب عام 1973 في تشيلي واغتيال سلفادور أليندي، وتعرض لانتقادات بسبب ما فعله في فيتنام وقصف كمبوديا.
ورغم كل شيء، كما يوضح جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى الولايات المتحدة، فهو “أسطورة” في الدبلوماسية، لكنها “أسطورة” في “الأبيض والأسود”، يوضح على الفور الدبلوماسي السابق.
في سن 98 عامًا، مازال هنري كيسنجر يحفّز الناس للكتابة والحديث عنه، كما يتضح من السيرة الذاتية التي كرسها له جيرارد أرو “هنري كيسنجر، دبلوماسي القرن، منشورات تالاندير”. وفيما يلي ترجمة لحوار مع المؤلف، اجراه مايكل بلوخ لصحيفة لو جورنال دي ديمانش:
*ماذا يمكن أن نقول عن حصاد كيسنجر؟
- كان كيسنجر شخصية مثيرة للجدل جدا، ويبقى كذلك. في الولايات المتحدة، لم تتم دعوته مطلقًا للتحدث في إحدى الجامعات خوفا من ثورة الطلاب. اتّهم بالإبادة الجماعية والقتل، ووضع في رصيده السلبي الانقلاب في تشيلي. وكان هناك قصف كمبوديا وإطالة أمد الحرب في فيتنام. إنه شخصية مصنوعة من ضوء وظلال، وهذا ما يجعله أكثر إثارة للاهتمام. كما يرتبط أيضًا بتاريخ أوروبا منذ أن ولد في ألمانيا عام ،1923 ولم يغادر ألمانيا النازية الا عام 1938.
*هل كانت جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها
عام 1973 عن عمله
في فيتنام مبررة؟
- لقد كانت فكرة سيئة أن تعطى الى كيسنجر الذي كان جلفا ووقحا في إنهاء هذه الحرب. ولكن منحت أيضًا لزعيم فيتنام الشمالية، ليك ثين، بينما كان نظامه يفرض الديكتاتورية الشيوعية على الجنوب... لقد كان اختيارًا سيئًا حقًا.
*ما هو الدور الذي
لعبه كيسنجر في
انقلاب 1973 في تشيلي؟
- قام الأمريكيون برفع السرية عن جميع المعلومات المتعلقة بهذه القضية تقريبًا. ومن الواضح أن كيسنجر ابتهج بسقوط أليندي. وكانت الولايات المتحدة قد أبلغت الجيش أنها لن تعارض الانقلاب، لكن لم تكن هي التي حرضت عليه.
*ما هي نجاحات كيسنجر؟
- كانت إقامة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، في ذلك الوقت، بمثابة زلزال ضخم، لانه كان يبدو ان البلدين في حالة حرب افتراضية على مدار عقدين من الزمن.
كانت صين ولثورة الثقافية الشيوعية، في ذروة تجاوزاتها اليسارية، هي التي وافقت على التفاوض مع جنة الرأسمالية. هذا هو أفضل مثال للواقعية في السياسة الخارجية. ما يُحسب، هو القوة وليس الأيديولوجيا... عدو عدوي هو صديقي.
ثانيًا، أوقفت دبلوماسية كيسنجر المكوكية في الشرق الأوسط الحرب بين إسرائيل وسوريا وبين إسرائيل ومصر. كما مهد الطريق لرحلة الرئيس المصري أنور السادات التاريخية إلى القدس عام 1977.
الانفراج مع الاتحاد السوفياتي يمكن أن يُنسب إليه الفضل أيضًا. وكانت رؤية نيكسون في موسكو عام 1972 مشهدًا مذهلا للغاية.
*عاش كيسنجر، وهو الشاب اليهودي، في ألمانيا النازية.
ما هو تأثير ذلك عليه؟
- كان هنري كيسنجر في العاشرة من عمره عندما وصل هتلر الى السلطة عام 1933. وطيلة 5 سنوات، عاش تصاعد الاضطهاد المعادي للسامية في سنّ نفهم فيه الأمور ونشعر بها بقوة. والدته هي التي أنقذت الأسرة بترحيلها في أغسطس 1938، خلافًا لرأي والده.
وفي نوفمبر 1938، كانت ليلة الكريستال، ليلة الرعب لليهود الألمان. لن يتحدث عن ذلك ابدا، لكن من الواضح أن تلك الأحداث أثرت فيه.
وهذا ما يفسر شكه وانعدام الأمن الدائم الذي سيرافقه طوال حياته. بشكل عام، أصبح اليهود الألمان الذين غادروا إلى الولايات المتحدة في نفس الفترة تقريبًا، نشطاء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعاداة الفاشية. هو، على العكس من ذلك، أصبح محافظًا.
لقد رأى ما معنى تدمير مجتمع، لذلك سيريد دائمًا حماية المجتمع من “أنبياء” الأيديولوجيات من جميع الأطياف. * رغم كونه يهوديًا، وجد هنري كيسنجر صعوبة للتفاهم مع القادة الإسرائيليين في ذلك الوقت، خاصة مع جولدا مئير ...
- سيحاول مرارًا وتكرارًا ليّ ذراع الإسرائيليين. لذلك يتهمه الإسرائيليون أحيانًا بأنه يهودي معاد للسامية. ومع رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير، كان هناك سوء فهم عميق. ومع ذلك، كان كيسنجر يهوديًا أرثوذكسيًا حتى سن العشرين، وتخلى عن هذه الممارسة عندما جنّده الجيش الأمريكي عام 1943.
*ما هو تأثير كيسنجر على السياسة الدبلوماسية الأمريكية بعد أن ترك الإدارة عام 1977؟
- الى اليوم تتم استشارته كثيرًا رغم أنه يبلغ من العمر 98 عامًا. هذه هي معجزة كيسنجر. طيلة 40 عامًا، بينما اختفى جميع وزراء الخارجية الآخرين بعد تركهم الإدارة، ظل في نشرات الأخبار وفي قلب الاحداث. يكتب كثيرا، وكتابه «الدبلوماسية”، على سبيل المثال، رائعة واية... إنه بمثابة قائد الدبلوماسية الأمريكية، يوزع التوبيخ والثناء على خلفائه. من جهة اخرى، أسس شركة، وأصبح مستشارًا في الظل تقريبًا لأغلب الحكّام على هذا الكوكب، مثل بوتين أو شي جين بينغ. عندما زار إيمانويل ماكرون واشنطن في أبريل 2018، حرص على الالتقاء به للتحدث معه بشأن الصين. مع ان رحلة كيسنجر إلى الصين كانت عام 1971، وولد الرئيس الفرنسي عام 1977 ....
*لقد قابلت كيسنجر عدة مرات، كيف كان شعورك؟
- بالنسبة للدبلوماسي، فإن لقاء كيسنجر يشبه إلى حد ما لقاء ميك جاغر بالنسبة لمشجع موسيقى الروك. إنه أسطورة... لكن أسطورة بالأبيض والأسود. يحاول الكتاب التأكيد على كل غموض والتباس الشخصية. إنه ذكاء حاد، ولديه قدرة على تلخيص القضايا في بضع جمل، ويجيد العبارة. إنه يحب فرنسا، ولا يزال يقرأ بالفرنسية، ومعجب دون قيد او شرط بالجنرال ديغول، وكان صديقًا كبيرا للرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان.
*ما هي الدروس الجيوسياسية التي
تعلمتها من كيسنجر؟
- هناك عودة لأحداث كيسنجر. لقد عشنا الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية مع قوتين عظميين يحكمان العالم. ثم كانت هناك لحظة أمريكية مع قوة عظمى واحدة. وندخل اليوم حقبة جديدة، عصر التنافس بين القوى العظمى والمتوسطة. إنها لحظة “كيسنجر”، أي اللحظة التي يكون فيها ميزان القوى فقط هو الحاسم.
وعلينا أن نلتفت إلى دروسه أو كتبه أو تفكيره أكثر من ممارسته.
*هل هذه لحظة “كيسنجرية” بسبب التنافس بين الولايات المتحدة والصين؟
- لم يعد هناك معسكرين كما كان الحال في حقبة الحرب الباردة، ولا توجد قوة عظمى واحدة فقط. نحن أمام عالم مجزأ، عالم تنافس وتبار حيث ليست الصين وحدها من يعارض الولايات المتحدة، وهذا يذكّرنا بالحرب الباردة.
هناك أيضًا قوى مثل روسيا والهند والبرازيل، والقوى المتوسطة مثل فرنسا والمملكة المتحدة، إنه عالم من الفوضى يشبه العالم قبل عام 1914.
*غالبا ما يتم ربط كيسنجر بالواقعية
السياسة، فماذا يعني ذلك؟
- قد يقول كيسنجر إنه ليس “سياسيًا واقعيًا”. لكنه هذا ما يعتبره الجميع.
في الأساس، تنطلق الواقعية السياسة من مبدأ أن توازن القوى فقط هو المعيار الاساس في العلاقات بين الدول. تريد كل دولة تحقيق أقصى قدر من الأمن والازدهار وإعلاء مكانتها. إنها تفعل ذلك باستخدام قوتها إزاء جيرانها.
ولذلك فهي غابة لا يوجد فيها قاض أو شرطي، وكل شيء يتوقف على قوتك، إنه عالم قاس وشرس... لكنني أخشى أن عالم اليوم هو هذا العالم.
جيرار أرو، هنري كيسنجر، دبلوماسي القرن، منشورات تالاندير، 336 صفحة، 20.90 يورو، صدر أمس7 أكتوبر.
-- كيسنجر، نسخة من القائد الأزلي للدبلوماسية الأمريكية
-- منح كيسنجر جائزة نوبل للسلام، كان اختيارًا سيئًا حقًا نحن في عالم من الفوضى يشبه العالم قبل عام 1914
-- أسطورة بالأبيض والأسود، وقدرة على تلخيص القضايا في بضع جمل
صدر للسفير الفرنسي السابق جيرار أرو أمس الخميــس كتابـــــا عن هنـري كيســـنجر، وزيـــر الخارجيـة السابق لريتشـــارد نيكسون وجيرالد فـــــــــورد 1973-1977 ومستشــــار الأمن القومي السابق 1969-1973.
بعد ثمانية وأربعين عامًا من منح جائزة نوبل للسلام لهنري كيسنجر، لا تزال قصة الرجل ملتبسة وغامضة. يُنظر إليه، عن حق أو باطل، على أنه الرجل الذي وقف وراء انقلاب عام 1973 في تشيلي واغتيال سلفادور أليندي، وتعرض لانتقادات بسبب ما فعله في فيتنام وقصف كمبوديا.
ورغم كل شيء، كما يوضح جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى الولايات المتحدة، فهو “أسطورة” في الدبلوماسية، لكنها “أسطورة” في “الأبيض والأسود”، يوضح على الفور الدبلوماسي السابق.
في سن 98 عامًا، مازال هنري كيسنجر يحفّز الناس للكتابة والحديث عنه، كما يتضح من السيرة الذاتية التي كرسها له جيرارد أرو “هنري كيسنجر، دبلوماسي القرن، منشورات تالاندير”. وفيما يلي ترجمة لحوار مع المؤلف، اجراه مايكل بلوخ لصحيفة لو جورنال دي ديمانش:
*ماذا يمكن أن نقول عن حصاد كيسنجر؟
- كان كيسنجر شخصية مثيرة للجدل جدا، ويبقى كذلك. في الولايات المتحدة، لم تتم دعوته مطلقًا للتحدث في إحدى الجامعات خوفا من ثورة الطلاب. اتّهم بالإبادة الجماعية والقتل، ووضع في رصيده السلبي الانقلاب في تشيلي. وكان هناك قصف كمبوديا وإطالة أمد الحرب في فيتنام. إنه شخصية مصنوعة من ضوء وظلال، وهذا ما يجعله أكثر إثارة للاهتمام. كما يرتبط أيضًا بتاريخ أوروبا منذ أن ولد في ألمانيا عام ،1923 ولم يغادر ألمانيا النازية الا عام 1938.
*هل كانت جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها
عام 1973 عن عمله
في فيتنام مبررة؟
- لقد كانت فكرة سيئة أن تعطى الى كيسنجر الذي كان جلفا ووقحا في إنهاء هذه الحرب. ولكن منحت أيضًا لزعيم فيتنام الشمالية، ليك ثين، بينما كان نظامه يفرض الديكتاتورية الشيوعية على الجنوب... لقد كان اختيارًا سيئًا حقًا.
*ما هو الدور الذي
لعبه كيسنجر في
انقلاب 1973 في تشيلي؟
- قام الأمريكيون برفع السرية عن جميع المعلومات المتعلقة بهذه القضية تقريبًا. ومن الواضح أن كيسنجر ابتهج بسقوط أليندي. وكانت الولايات المتحدة قد أبلغت الجيش أنها لن تعارض الانقلاب، لكن لم تكن هي التي حرضت عليه.
*ما هي نجاحات كيسنجر؟
- كانت إقامة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، في ذلك الوقت، بمثابة زلزال ضخم، لانه كان يبدو ان البلدين في حالة حرب افتراضية على مدار عقدين من الزمن.
كانت صين ولثورة الثقافية الشيوعية، في ذروة تجاوزاتها اليسارية، هي التي وافقت على التفاوض مع جنة الرأسمالية. هذا هو أفضل مثال للواقعية في السياسة الخارجية. ما يُحسب، هو القوة وليس الأيديولوجيا... عدو عدوي هو صديقي.
ثانيًا، أوقفت دبلوماسية كيسنجر المكوكية في الشرق الأوسط الحرب بين إسرائيل وسوريا وبين إسرائيل ومصر. كما مهد الطريق لرحلة الرئيس المصري أنور السادات التاريخية إلى القدس عام 1977.
الانفراج مع الاتحاد السوفياتي يمكن أن يُنسب إليه الفضل أيضًا. وكانت رؤية نيكسون في موسكو عام 1972 مشهدًا مذهلا للغاية.
*عاش كيسنجر، وهو الشاب اليهودي، في ألمانيا النازية.
ما هو تأثير ذلك عليه؟
- كان هنري كيسنجر في العاشرة من عمره عندما وصل هتلر الى السلطة عام 1933. وطيلة 5 سنوات، عاش تصاعد الاضطهاد المعادي للسامية في سنّ نفهم فيه الأمور ونشعر بها بقوة. والدته هي التي أنقذت الأسرة بترحيلها في أغسطس 1938، خلافًا لرأي والده.
وفي نوفمبر 1938، كانت ليلة الكريستال، ليلة الرعب لليهود الألمان. لن يتحدث عن ذلك ابدا، لكن من الواضح أن تلك الأحداث أثرت فيه.
وهذا ما يفسر شكه وانعدام الأمن الدائم الذي سيرافقه طوال حياته. بشكل عام، أصبح اليهود الألمان الذين غادروا إلى الولايات المتحدة في نفس الفترة تقريبًا، نشطاء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعاداة الفاشية. هو، على العكس من ذلك، أصبح محافظًا.
لقد رأى ما معنى تدمير مجتمع، لذلك سيريد دائمًا حماية المجتمع من “أنبياء” الأيديولوجيات من جميع الأطياف. * رغم كونه يهوديًا، وجد هنري كيسنجر صعوبة للتفاهم مع القادة الإسرائيليين في ذلك الوقت، خاصة مع جولدا مئير ...
- سيحاول مرارًا وتكرارًا ليّ ذراع الإسرائيليين. لذلك يتهمه الإسرائيليون أحيانًا بأنه يهودي معاد للسامية. ومع رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير، كان هناك سوء فهم عميق. ومع ذلك، كان كيسنجر يهوديًا أرثوذكسيًا حتى سن العشرين، وتخلى عن هذه الممارسة عندما جنّده الجيش الأمريكي عام 1943.
*ما هو تأثير كيسنجر على السياسة الدبلوماسية الأمريكية بعد أن ترك الإدارة عام 1977؟
- الى اليوم تتم استشارته كثيرًا رغم أنه يبلغ من العمر 98 عامًا. هذه هي معجزة كيسنجر. طيلة 40 عامًا، بينما اختفى جميع وزراء الخارجية الآخرين بعد تركهم الإدارة، ظل في نشرات الأخبار وفي قلب الاحداث. يكتب كثيرا، وكتابه «الدبلوماسية”، على سبيل المثال، رائعة واية... إنه بمثابة قائد الدبلوماسية الأمريكية، يوزع التوبيخ والثناء على خلفائه. من جهة اخرى، أسس شركة، وأصبح مستشارًا في الظل تقريبًا لأغلب الحكّام على هذا الكوكب، مثل بوتين أو شي جين بينغ. عندما زار إيمانويل ماكرون واشنطن في أبريل 2018، حرص على الالتقاء به للتحدث معه بشأن الصين. مع ان رحلة كيسنجر إلى الصين كانت عام 1971، وولد الرئيس الفرنسي عام 1977 ....
*لقد قابلت كيسنجر عدة مرات، كيف كان شعورك؟
- بالنسبة للدبلوماسي، فإن لقاء كيسنجر يشبه إلى حد ما لقاء ميك جاغر بالنسبة لمشجع موسيقى الروك. إنه أسطورة... لكن أسطورة بالأبيض والأسود. يحاول الكتاب التأكيد على كل غموض والتباس الشخصية. إنه ذكاء حاد، ولديه قدرة على تلخيص القضايا في بضع جمل، ويجيد العبارة. إنه يحب فرنسا، ولا يزال يقرأ بالفرنسية، ومعجب دون قيد او شرط بالجنرال ديغول، وكان صديقًا كبيرا للرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان.
*ما هي الدروس الجيوسياسية التي
تعلمتها من كيسنجر؟
- هناك عودة لأحداث كيسنجر. لقد عشنا الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية مع قوتين عظميين يحكمان العالم. ثم كانت هناك لحظة أمريكية مع قوة عظمى واحدة. وندخل اليوم حقبة جديدة، عصر التنافس بين القوى العظمى والمتوسطة. إنها لحظة “كيسنجر”، أي اللحظة التي يكون فيها ميزان القوى فقط هو الحاسم.
وعلينا أن نلتفت إلى دروسه أو كتبه أو تفكيره أكثر من ممارسته.
*هل هذه لحظة “كيسنجرية” بسبب التنافس بين الولايات المتحدة والصين؟
- لم يعد هناك معسكرين كما كان الحال في حقبة الحرب الباردة، ولا توجد قوة عظمى واحدة فقط. نحن أمام عالم مجزأ، عالم تنافس وتبار حيث ليست الصين وحدها من يعارض الولايات المتحدة، وهذا يذكّرنا بالحرب الباردة.
هناك أيضًا قوى مثل روسيا والهند والبرازيل، والقوى المتوسطة مثل فرنسا والمملكة المتحدة، إنه عالم من الفوضى يشبه العالم قبل عام 1914.
*غالبا ما يتم ربط كيسنجر بالواقعية
السياسة، فماذا يعني ذلك؟
- قد يقول كيسنجر إنه ليس “سياسيًا واقعيًا”. لكنه هذا ما يعتبره الجميع.
في الأساس، تنطلق الواقعية السياسة من مبدأ أن توازن القوى فقط هو المعيار الاساس في العلاقات بين الدول. تريد كل دولة تحقيق أقصى قدر من الأمن والازدهار وإعلاء مكانتها. إنها تفعل ذلك باستخدام قوتها إزاء جيرانها.
ولذلك فهي غابة لا يوجد فيها قاض أو شرطي، وكل شيء يتوقف على قوتك، إنه عالم قاس وشرس... لكنني أخشى أن عالم اليوم هو هذا العالم.
جيرار أرو، هنري كيسنجر، دبلوماسي القرن، منشورات تالاندير، 336 صفحة، 20.90 يورو، صدر أمس7 أكتوبر.