المصالحات مكسب للإنسانية وتراث للبشرية وخبرة اجتماعية

دراسة لـ «تريندز» حول المصالحة الوطنية الرواندية

دراسة لـ «تريندز» حول المصالحة الوطنية الرواندية


أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة تحت عنوان: «المصالحة الوطنية الرواندية.. دراسة لنموذج إفريقي»، بينت أن السلم في العالم عمومًا وفي القارة الإفريقية خصوصًا مسألة جوهرية للأفراد والجماعات والدول، وأن السبل المؤدية إليه بما في ذلك المصالحات الناجحة أو الأخرى المتعثرة هي مكسب للإنسانية وتراث للبشرية وخبرة اجتماعية، مشيرة إلى أن النماذج الإفريقية المتنوعة كحالة رواندا مثلًا تتقاطع مع غيرها من تجارب العالم الحية، في كونها جسرًا للعبور إلى الأمن والاستقرار. وأوضحت الدراسة، التي أعدها د. هارون باه الباحث السنغالي المختص في الشؤون الإفريقية، أن رواندا تمتلك مفاتيح صناعة المستقبل لأجيالها الناشئة من أمن مستتب، وتعليم نوعي بما في ذلك اللغة الإنجليزية والتكنولوجيا التي تبدأ مع التلاميذ في المدارس الابتدائية، مشيرة إلى أن هذه العناصر تتكامل فيما بينها، لصنع حياة أرقى للروانديين بعد تجاوز عتبات الموت المحققة.

وذكرت الدراسة، التي جاءت ضمن البرامج البحثية حول الاستقرار وإعادة البناء بعد النزاعات، أن السلام الحقيقي والشامل في المنطقة لن يتم إلا وفق خطة جماعية تستجيب لتطلعات الشعوب من الحرية والعدالة والأمان؛ وعبر تلك الدعائم الأساسية والجوهرية يمكن أن يشيد مشروع المصالحة السياسية الرواندية المتكاملة أفقيًا وعموديًا.

وقالت إن التجربة الرواندية في السلم والمصالحة تقدم بعض الدروس، من أبرزها أن الصراع الرواندي أثبت قدرة الجوار وتأثير المحيط الجيوسياسي القريب على إنهاء الحرب وتسوية الخلافات والدخول في الحوار تمهيدًا لمسلسل السلام، بقيادة قوات الجبهة الوطنية الرواندية بمساعدة أوغندية.

كما بينت الدراسة أهمية إنشاء تجمع اجتماعي وثقافي يستوعب الإثنيات والعرقيات الممتدة العابرة للدول كما هي الحال في منطقة البحيرات الكبرى، مشيرة إلى أن قادة البحيرات في تأكدوا أنه لن يكون حل مشكلة تلك الكتلة من الدول إلا حلًا شاملًا وجماعيًا يتجاوز الدولة القطرية، أو بمعنى آخر منطق التجزئة الاستعمارية، وتبقى الأواصر التي تجمع أبناء المنطقة أشد وأعمق من الحدود القائمة.

وأوضحت أن المصالحة الرواندية تشترك مع مثيلاتها التاريخية، حيث تتنازل شخصية محورية عن السلطة، طوعًا أو كرهًا لصالح الطرف البديل الذي سيمثل بداية مرحلة جديدة من تاريخ الأمة، وهو ما حصل على سبيل المثال من باستير مع خلفه بول كاغامي.

وخلصت الدراسة إلى أن المبادرات من أي نوع كانت “فردية، أهلية، مؤسساتية، العمل الخيري- القطاع الثالث” حاسمة في تطوير الشعوب والانتقال بها من طور إلى آخر أرقى وأفضل. وعليه لا بد من تشجيع القطاع الخاص والعمل الخيري والمبادرات الطوعية، تداركًا للخلل وسدًا للنقائص التي يخلفها عجز الحكومات عن القيام بدورها.